توقيت القاهرة المحلي 09:00:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هى والعصافير

  مصر اليوم -

هى والعصافير

بقلم: خولة مطر

لا تعرف العصافير إلا التحليق بعيدا وهذا ما فعلته حينها، رحلت لأبعد سماء وتركت هذه الأرض التى انفجرت كما لم يسبق لها رغم أنها رقصت على عدد من التفجيرات التى تنوعت فى أساليبها، وأسبابها، ومرتكبيها..!!
***
العصافير ككل الطيور والحيوانات هى الأكثر وفاء والتصاقا بالأرض، هى لم تتحمل البعد الطويل فعادت ربما لتتحسس ما تبقى وتطمئن عليه أو ربما لأنها تمقت الجحود، أحد أكثر صفات البشر عدوى وانتشارا الآن، هنا وهناك!!!.. هى ترحل جماعات وليس أفرادا كلما رحلوا حملوا الشنط الجاهزة والجرح لا يزال ينزف.. لا يمكن أن نلوم أحد فالفئران تقفز من السفن الغارقة، فماذا عن البشر من حملة الشهادات والمشاعر.. لا تستطيع حتى الطيور أن تعاتبهم ولا الآخرون الباقون ربما لقلة الحيلة أو الفرص أو كليهما معا..
***
عادت الطيور.. قافلة طويلة من الأجنحة المتلاطمة ولكنها متلاصقة. جلست حيث كانت رغم أن المكان لا يشبه ذاك الذى عرفته بل لا يشبه لا نفسه ولا شىء آخر فى مختلف أرجاء الكون.. منظر الدمار يطارد حتى الأرواح البريئة التى رحلت دون ذنب، ولم يترك سوى المكان والزمان وكثير من الغموض الذى لا يزال يلف المساحات المترامية من بقايا حياة.. هنا شهادات كاملة على تلك الجريمة الأكثر غموضا فى تاريخ بلد حافل بكثير منها لا يزال قيد التكهنات والتأويلات...
***
هى، أى الطيور ككل الأحبة لا تستطيع أن تبعد عن مكان الحبيب حتى لو هو أطلال.. ألم يبكِ شعراء المعلقات عند أطلال أحبتهم؟ هذا تاريخكم يعود ليطاردكم فى أحلامكم فالكل يبكى على أطلاله، وهى ليست بكاملها حطام بل أحيانا ببعض منه..
***
اليوم كانت بكثافة هناك تجلس حيث طردها الخوف من انتشار الموت، وهى تحلق لم يكن هناك أحد سوى الفراغ والحراس والأسئلة المتراصة فوق الركام. كانت تبدو سعيدة لوفرة الطعام، قمح هو أكثر من أى طعام آخر مغمس بملح بحر وثماره. هى وجبة يحلم بها كثيرون هذه الأيام سواء هنا فى هذا المكان المنكوب أو هناك ليس بعيدا جدا حيث الطوابير هى المشهد أمام المخابز، كم شح العيش حتى أصبح الرغيف عملة صعبة كالدولار الذى يرتفع سعر صرفه وينزل حسب تصريحاتهم وتشكيلاتهم!
***
أمام هذه الصور المتراصة لطيور هنا تقتات من بقايا قمح كان سيطعم شعب، برزت صورتها قادمة من عند حافة ماء آخر ولكنه نهر وليس بحر وهى الأخرى تبدو مع حاضن يديها كعصفورين مغردين.. قالت «اعذرينى أننى أنقل مثل هذا الخبر وسط بحر من وجع متراكم حولك وكم أنا خجلى منك.. المصريون علمونى إللى تلسعه الشوربة ينفخ فى الزبادى، فكان أن أوقفت الصوت ربما خوفا من لسعة القادم».. ولكن كم نستطيع أن نقاوم رسائل أحبتنا؟ أكملت الاستماع فكان إن جاءت تلك الأخيرة وما قبلها وبعدها تحولا إلى الرسائل المنتهية الصلاحية أو الممحية.. قالت «لقد تزوجت»..
***
صرخة من الفرحة، كم يأتى الفرح مما يبدو أنه بئر عميقة بالحزن.. لم أتمالك أن أردد «أكثرى من أخبارك هذه، تعالى بفرحك وانثريه فى قلبى» فلا شىء يشبه ذاك الإحساس بالسعادة اللامتناهية لسعادة تبدو على وجوه الأحبة.. كم تتلازم المحبة والبهجة مع الحزن والنكد.. كما الليل، قد يبدو طويلا بعتمته أحيانا ولكن لا بد للنهار أن يأتى بنوره..
***
هى والعصافير حملوا بشارة الفرح أو ربما بصيص نور فى أيام تبدأ كما تنتهى بكثير من الرحيل إلى عوالم الماضى أو نبش بعضه، فالماضى كالذاكرة انتقائى جدا بإمكان بعضنا أن يركز على العتمة فيما آخرون ينبشون صناديق الذكريات عن شعاع أكبر من هنا والآن وأوسع من كل مكان سكنهم أو سكنوه.. هى والعصافير كانوا البشارة حتما التى نحتاجها أيضا لندرك أن الحياة بعض من هذا وذاك حتى لو بدت فى بعضها كثير من هذا وقليل من ذاك.. هى والعصافير كانوا البشارة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هى والعصافير هى والعصافير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon