توقيت القاهرة المحلي 08:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دليل المحروم فى حبس المكنون

  مصر اليوم -

دليل المحروم فى حبس المكنون

بقلم - خولة مطر

بعضنا وخاصة منا من غادر هذه البقعة التى تسمى وطنا أو أوطانا وانتقل للعيش حيث الحريات الشخصية والحق فى المعرفة والاطلاع مكفولة للجميع.. هذا البعض عندما يزور إحدى دولنا يتفاجأ بأن ما يتصوره جزءا من روتين يومياته مثل تصفح بعض المواقع على شبكة الإنترنت أو الاطلاع على بعض الصحف والمجلات أو حتى محطات التلفزة، هذا الروتين هو ليس بذلك فى العديد من الدول العربية.

هو يكتشف ذلك عندما يقلب محطات التلفزة فى ليلته الأولى عائدا إلى وطنه أو ما يشبه وطنه أو حتى دول مختلفة كان يتصور أنها ستتحول يوما ما إلى وطن واحد! أو هكذا حلم فما لبث أن أيقظته الحقائق المتتالية.. فى الليلة الأولى يتصور أن هناك خللا ما فى جهازه هو أو حتى فى الشبكة.. مع توالى البحث تطول القائمة وتتكرر العبارة هذا الموقع محجوب فى البلد الذى تزوره.

***

ولأنه لا يتحمل افتتاح يومه دون البحث عن الأخبار وتصفح المواقع ومتابعة المستجدات راح يخفف الوطء على نفسه فما كان منه إلا أن وضع قائمة بكل بلد يزوره وبالمواقع التى تم منعها لأسباب فى معظمها تبدو سياسية بحتة على الرغم من أنه اكتشف عبر قراءة بحث قام به باحثان فى كلية الحقوق بجامعة هارفارد حول حجب الإنترنت فى إحدى الدول العربية محاولين فهم أسباب المنع والمنطق الذى يحكم السلطات عند قيامها بذلك. وكانت النتيجة أن من بين 64557 صفحة على الإنترنت متنوعة ومختلفة منعت السلطات فى هذا البلد 2038 موقعا ومعظمها مواقع غير إباحية! بل إن بعضها مواقع مصنفة على أنها مواقع دينية وهنا يجدر التنويه بأنها لم تكن مواقع لجماعات دينية متطرفة بل منها 67 عن المسيحية و4 عن الإسلام و22 عن الوثنية و20 عن اليهودية و12 عن الهندوسية.. ومواقع أخرى موسيقية أو تبث أفلاما غير إباحية... إلخ.. إلخ.

وقع الباحثان فى شديد من الحيرة فى بحثهما عن معيار حجب المواقع واستخلصوا أن المعيار ككل الأمور الأخرى فى دولنا «فضفاض» وأن الكثير من الدول العربية التى تنادى بالأخلاق والفضيلة لا تقوم برصد المواقع الإباحية كما ترصد المواقع المخالفة فى الرأى ربما أو تلك التى بينها وبين تلك الدولة خلافات واضحة أو حتى مخفية..

***

وهذه مجرد دراسة من كثير من البحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه التى قام بها باحثون مختصون فى القانون أو فى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية أو الإعلام وفى مجملها تشير إلى نفس النتيجة كثرة المواقع التى يتم منعها وأصبح المتابع أو الباحث بحاجة لمرجع يشير إلى المواقع المحجوبة فى أى بلد نتيجة لكثرتها واختلافها.. فعلى سبيل المثال تجد أن مواقع بعض الصحف والمحطات التلفزيونية محجوب فى بعض الدول التى لديها علاقات متوترة بممولى هذه الوسائل الإعلامية أو مالكيها أو الدول التى تحتضنها، وفى تناقض صارخ تختلف هذه الدول فيما بينها مما يزيد من حيرة البحث والجهد الذى عليه أو عليها أن يبذلاه من أجل الوصول إلى الخبر بتنوعاته حتى يضعا فى نهاية الأمر تصورا خاصا بهما عما حدث فعلا..

***

تطول قائمة التناقضات فى الحجب والمنع وهناك الكثير من القصص والحكايات التى تضحك وتبكى معا فى هذا المجال.. نتيجة التخبط فى القرارات والجهل فى التعامل والتصور الضيق أن مثل هذا الحجب سيمنع شعوبها من الاطلاع على ذاك الفكر المعادى.. يقول ذاك الباحث والخبير السياسى فى قضايا الشرق الأوسط أنه يتصور أنه كان من الأفضل للدول العربية أن تسمح بأوسع إطلاع على فكر الدول التى تعتبرها معادية لها فى السياسة أو المعتقد حتى يتسنى لشعوبها أن تمتلك الحصانة والمعرفة والدراية بسبب العداء لتلك الدول.. خاصة أنه فى السنوات الأخيرة انقسمت الدول العربية المقسمة أصلا إلى تكتلات ضد أخرى فاختلطت الأمور وأصبح المرء بحاجة إلى دليل واضح لخارطة شديدة التداخل حتى يستطيع أن يضمن الحصول على المعلومة أو المعرفة أو حتى الاطلاع على خبر بصيغة غير تلك «الرسمية» البحتة..

***

يبقى أننا لا نزال فى انتظار أحدهم أو إحداهن الذين سيقومون بوضع قائمة تحت عنوان ربما «دليل المحروم فى حبس المكنون» أو دليل المحروم فى بلاد الفكر المحظور» وحتى ذلك الحين لا عزاء للمسافرين والمتنقلين وما عليهم سوى المثابرة والاستمرار فى البحث عن المواقع أو الاستسلام وتقبل فكرة أنه عليهم قبل دخول أوطاننا «خلع فكرهم» لا نعالهم!!


نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دليل المحروم فى حبس المكنون دليل المحروم فى حبس المكنون



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon