توقيت القاهرة المحلي 13:16:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صخب الجدار

  مصر اليوم -

صخب الجدار

بقلم: خولة مطر

فى حيّنا المؤقت الجديد مجموعة من الشباب تأتى فى المساءات الصافية وتضع موسيقاها وتبدأ فى الرسم على ذاك الحائط بعد أن دهنه باللون الأبيض.. نقاش يدور بين الثلاثة٬ شابين وشابة وحوارات تبدو ممتعة لأنهم فى كل يوم يضيفون شخصية عربية مهمة من رفاعة الطهطاوى إلى طه حسين ونجيب محفوظ وكثيرين غيرهم. مع كل صورة عبارة شهيرة للشخصية وبينهم جميعا لم تبرز أى صورة لامرأة سوى لها كما هى على غلاف تلك الرواية الأخيرة عنها.. عند صورة مى زيادة يضعون موسيقاهم وعدتهم وعدادهم، كثير من علب الألوان والفرش ودرج حتى يصلوا إلى أعلى الجدار.. مثيرة هذه الشلة من الشباب فهى صغيرة جدا فى السن وتبدو خارجة عن نطاق المألوف من هذا الجيل فى الاهتمامات بمثل هذه الشخصيات التاريخية. حتى الموسيقى تتحول من أنغام الراب السريع إلى فيروز وزياد. فى عتمة المساءات الخريفية تبدو هذه الشلة من الشباب «منورة»!!
***
على مقربة منهم تصطف العربات الفاخرة لزوار تلك المطاعم، ينزل منها كثيرون ممن لا ينتبهون حتما لتلك اللوحات والعبارات والشخصيات والفن ولا حتى للشباب الجالس على الرصيف يحتسى بعضا من مشروب ويدخن فيما جو النقاش والرسم والإبداع لا يتوقف حتى الساعات المتأخرة من الليل.. على نور خافت لبطارية ينقشون ذاك الجدار كل يوم.. وهم ليسوا وحيدين فى ذلك ولكنهم فقط من بعد عن الرسومات الغاضبة والنقد اللاذع واتجه ليذكر بتاريخ جميل وعبارات من الحكمة بكثير..
***
كثرت الرسومات على الجدران فى بيروت منذ الاحتجاجات التى مضى عليها عام كامل.. فى مجملها تعبير عن غضب شديد تجاه النظام ورجال السياسة والوضع المعيشى وهى فى ذلك لا تختلف عن تلك النقوش الجميلة التى زينت شوارع القاهرة المحاذية لميدان التحرير فى 2011 وما بعده، وربما أكثرها شهرة هو شارع محمد محمود حيث عبّر كثير من الشابات والشباب عن همومهم وطموحاتهم وأحلامهم التى ما لبثت وأن طارت كالعصافير..
***
كثير من تلك الرسوم هناك وهنا تحولت إلى لوحات فنية رائعة الجمال والإبداع.. وفيما رافقت رسوم الجدران «الجرافيتى» تلك الانتفاضات والاحتجاجات وأصبحت كما هى فى كل العالم وسيلة تعبير قوية للجيل الشاب، لم يستطع كثير من «الكبار» استيعابها أو فهمها بل على العكس، بعضهم قال عنها «شخبطة» وآخرون صوروها على أنها تشويه وتخريب لمدنهم الصامتة.. وما هى إلا فترة بسيطة فتمتد يد الأمن لمحيها ويقول ذاك الفنان الجميل ليتهم يعملون الأمر ذاته فى رفع صور تلك الملصقات بوجوه وكلمات مكفهرة وممجوجة..
***
يعيدك صوت الفتاة بنبرة حماسية إلى شارع المونو فى بيروت عند ذاك الجدار ومقابل وجه مى زيادة الحزين، تستمعين لها وهى تحاضر رفيقيها عن قمع النساء وظلمهم فى مجتمعاتنا وكيف أن مى زيادة هى مثال على ذلك.. ملفتة هذه الشابة فى عمرها هذا وهى تخبرهم عن رواية واسينى الأعرج عن حياة مى زيادة وكيف فضح ما لحقها من الأقربين قبل البعيدين ومن كثير مما كان يقال إنهم رجال عشقوا مى.. أحدهم لا تبعد صورته عن صورتها على ذاك الجدار وهو الأديب الكبير الذى تنكر لها عندما أودعها أهلها مصحة عقلية فقط ليحرموها من الإرث.. ومثله كان آخرون من زوار لمجلسها الثقافى العامر..
***
جلست هى على الرصيف وراحت تطلب من زميلها تعديل وجه مى بعد أن محت أمطار الليلة الماضية بعض منه.. تريدها أكثر وضوحا من جيرانها الذكور على ذاك الجدار بل ربما أكثر حضورا منهم أو هكذا تخيل للصبية العشرينية.. بعد ساعات حملت هى وهما الألوان والموسيقى ورحلوا ليعود للشارع صمته فيما الجدار ينطق شعرا وغزلا وفكرا وإبداعا..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صخب الجدار صخب الجدار



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon