توقيت القاهرة المحلي 08:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شخبطة على جدران الذاكرة

  مصر اليوم -

شخبطة على جدران الذاكرة

بقلم - خولة مطر

لا يمكن إلا أن يكون الخبز من حق آخر منتهك حتى تعلو الصرخة فى الشوارع وتنقش العبارات على جدران المدينة المعتقة فى الظلم بأن الخبز حق أيضا.. والخبز هو مجاز وتعبير عن كثير من الحقوق الأخرى فعندما تكون الأرض تنبت زيتونا فالخبز هو الزيتون والبلح والنقط والقمح!

***

يرفع الكثيرون الخبز ويطرقون الطناجر معبرين عن امتعاضهم أو سخطهم لقوانين تأتى لتعالج هدرا وفسادا لم يكونوا هم، أى فقراء هذه الأرض ومتوسطو الدخل أو حتى طبقة التجار والصناعيين، قد سببوا ذاك الهدر أو ساهموا فى فساد تراكم حتى أصبح كالعفن ينهش فى جدران الحياة اليومية لتفاصيل حيوات البشر على هذه البقعة الممتدة جغرافيا وحضاريا وثقافيا المتقلصة بفعل القائمين عليها من شباب الجيل الصاعد جدا المستعجل جدا، أيضا ذاك الذى انتظرناه طويلا عندما حكم الشيوخ حتى هرموا وتساقطت أسنانهم أو أصابهم كثيرا من الخرف.. انتظرنا وانتظرنا وانتظرنا فجاء الشباب حاملى الآيباد المنغمسون فى متابعة التطورات على أجهزتهم الذكية جدا أيضا، فقلنا على الأرض السلام وفتحنا أذرعنا ملوحين أهلا أهلا بالقادمين الجدد، أولئك الذين انتظرناهم طويلا متصورين أنه قد حان زمن البشائر والعقول النيرة والتكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى.

***

جاءوا ناشرين للوعود، التين والعنب والتمر وطول السنين! فتساقطت تلك الوعود على رءوس البشر الفقراء منهم ومتوسطى الدخل أولا.. فلم تكن سوى خطط معلبة لرفع الدعم عن الخبز بأشكاله، عن الوقود وعن السلع الأساسية التى لم يعرف البسطاء من هؤلاء المهمشون أصلا سواها لقمة ليومهم المتعب... ثم أضافوا لكل ذلك حفنة من الضرائب ولسان إعلامهم «التطبيلى» يردد أن على المواطن أن يتحمل مسئولياته تجاه بلده واقتصاده ومستقبل أطفاله، وعلى الجميع أن يشمر عن السواعد فقد دقت ساعة العمل.. شعارات لطالما ضحكوا هم منها وعليها وحملوها مسئولية الإخفاقات التى مرت بها هذه المنطقة واحدة بعد الأخرى منذ عقود.. عادوا هم، الشباب المتعلم فى الغرب المتسلح بالتكنولوجيا ليعيد إنتاج تلك الشعارات البالية ويصبغ عليها بعض العبارات الحداثية والكلمات المقتبسة من لغات هى التى أنتجتها أصلا!

***

فجأة نام العرب فى مدنهم المعتمة من قلة الكهرباء أو سرقتها أو فساد القائمين عليها وقلة الماء والسيول تغرق البيوت وتنهى حياة البشر والحجر! واستيقظوا على حوار جديد لم يعتادوه بل لم يكن مسموحا لهم استخدامه.. فماذا يعنى أن يتحولوا فجأة من رعايا إلى مواطنين بين غمضة عين واستفاقة، وماذا يعنى أن على المواطن مسئوليات كبيرة وأن الدولة تغرق فى إفلاسها إذا لم يقتطع منه هو أو منها هى بعض مما يساهم فى صمود اقتصاد الدولة؟

***

استفاق العربى على ترقية لم يعهدها من قبل وهو تحويله فجأة إلى رتبة مواطن وأسعده ذلك للحظات ثم لم يستطع أن يقاوم أن يضحك حتى القهقهة فالتحول لتلك الرتبة المرتفعة تعنى أيضا أن يمنح الحق فى أن يراقب ويحاسب ويساهم فى رسم سياسات بلده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضا حتى لا ينفرد أحدهم بقرارات هى لا تعبر حقا عن تاريخ ومواقف شعوب هذه المنطقة ومصالحها الحقيقية..

***

استيقظ المواطن المستضعف لتراكم من السنين التى ساهمت فى تهميشه على قرع طبول «شد الحزام» وهو لم يعرف أين تبخرت كل تلك المداخيل المتراكمة فى لهث الأيام الطوال وهو يعرق من أجل خبز يومه وعياله.

***

لذلك لا تستغربوا أن يرفعوا الصوت عاليا ويرددوا لسنا ضعفاء بل أنتم من استضعفتمونا ولا تستطيعوا أن تمنحوا الواجبات فجأة دون حقوق وأن تحملوا المواطن «الغلبان» مسئولية كل ما حصل من هدر لميزانيات كانت توصف بالتخمة.

***

إنه العبث حقيقة فى زمن الشباب القادم الذين انتظرهم الجميع طويلا لإحداث ذاك التغيير المطلوب فى بلاد التين والعنب فكان ما كان وأصبحت الأمور تدار عبر ألعاب النينجا!

نقلا عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شخبطة على جدران الذاكرة شخبطة على جدران الذاكرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon