توقيت القاهرة المحلي 05:53:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن ظلام ليلهن وأيامهن حدثتنى

  مصر اليوم -

عن ظلام ليلهن وأيامهن حدثتنى

بقلم - خولة مطر

آذار أو مارس هو شهر المرأة بجدارة، أو ربما الثامن منه فقط. ولشدة ازدحام الاحتفاليات والتسابق عليها توزعت بعضها لتشمل أياما أخرى وتسطو على الشهر بأكمله أو على أقل تقدير على أوائله..
***
هناك العديد من النوايا الحسنة المصحوبة بهذه المناسبة وأيضا الحماس لقضايا المرأة خاصة أننا فى منطقة لا يزال فيها حصول المرأة على أبسط حقوقها الطبيعية كمواطنة يعد إنجازا يحسب للقائد أو الرئيس أو الملك أو الأمير أو حتى شيخ القبيلة أو العشيرة!!!
***
فى هذا اليوم تعج الأماكن العامة بصور متنوعة لنساء متنوعات حتما ولكنهن لا تزلن تشكلن النخبة وليس القاعدة العريضة من النساء.. فأم محمد بائعة الفجل والجرجير على حافة الرصيف لا تعرف شيئا عن الثامن من مارس ولا عن سبب الاحتفال بها ومضت سنون طويلة وهى لم تعرف ــ منذ ولادتها حتى سقطت ذاك اليوم أمام فرشتها عند ذاك الرصيف المكتظ وراح أهلها يبحثون لها عن حفرة فى الأرض لدفنها فيها.. هى المعيل وقد رحل لأسرة مكونة من عشرة أفراد ــ ماذا يعنى أن يكون هناك يوم للمرأة أو عيد لها!!!
***
مثل أم محمد كثيرات.. حدثتنى عن بسمة وفاطمة اللتين لم تتجاوزا بعد الثلاثين من العمر وفقدتا زوجيهما فى ساحات مختلفة ربما هى المعارك الدائرة والمحتدمة فى أوطان مزقتها السياسة باسم الدين والمذهب.. هما تعملان كعاملتى تنظيف فى الفنادق والمؤسسات بجهد كبير للابتعاد عن سوق النخاسة فى زمن الحرب وهى سوق واسعة ورائجة... هما أيضا لم تسمعا عن الثامن من شهر آذار وحتى لو سمعتا فسوف تضعان ابتسامة على وجهيهما المتعبين وتعودان لتنظيف الحمامات العامة والخاصة بدلا من السقوط فى أيدى تجار الجنس المتنوعين!!!
***
حدثتنى عن آمال التى تقف عند ناصية ذاك الرصيف والقذائف لا توقر أحدا وهى لا تزال تنتظر أن يتكرم عليها أحدهم بسندوتش فلافل مقابل ما يريد!! ولكم أن تتخيلوا ما الذى يريده هو من فتاة فى العشرينيات والفقر ينهش جسد الأسرة بكاملها.
***
حدثتنى عن النساء حتى فى ما تبقى من الطبقات الوسطى يعملن ليل نهار ليساهمن فى المحافظة على مدخول معقول لأسرة عليها أن تحافظ على تلك الطبقة التى نهشتها الشريحة العليا الحاصلة على أكبر قسط من كعكة الاقتصاد.. تقول منى إنها تعمل لتساعد زوجها فى توفير ليس فقط لقمة العيش و«السترة» بل التعليم للأبناء الذى يقال إنه سلاح لكل زمان ومكان!!! وفى المقابل يبقى الرجل متمسكا ومتشبث بدوره التاريخى بأنه رب الأسرة ولذلك فمهمته هى إحضار المال.. كان يقال لنسائنا فى زمان قديم «منه المال ومنك العيال» عندما قسم المجتمع الأدوار ورسم خطا واضحا لحدود كل طرف فى المعادلة الأسرية ولكن عندما أسقط الاقتصاد هذه الخطوط بقى على المرأة الأم والأخت والابنة أن تساهم فى مدخول الأسرة وأن تستمر فى تحمل مسئولياتها التقليدية.. لم تتغير الأدوار لتعكس التمكين الاقتصادى الذى قيل إنه سيحررها من براثن سنين من التخلف بل التحجر والاضطهاد والقهر..
***
حدثتنى عن مساءات القرية والنساء عائدات من الحقول الواسعة بعد يوم عمل شاق فى الزراعة أو قطف المحاصيل لمنزل ينتظر أن تنهى يومها بساعات أخرى من العمل فى التنظيف والتربية والطهو وغيرها من المهمات ويضاف لها «الترفيه عن زوجها!» وإلا فالاغتصاب الأسرى المنتشر وغير المعترف به هو مصيرها كما مصير كثيرات مثلها..
***
حدثتنى عن نساء فى جنوب الجنوب يقمن «بشك» التبغ عبر ما يشبه السكين وما يسمى «الميبر» والدم يسيل من أياديهن والرجال جالسون يحتسون القهوة ويدخنون السجائر ويتسامرون.. فى تقسيم للأدوار هو جزء من تراث يتم المحافظة عليه وكأنه أمر واقع ومسلم به وأن المساس به كالكفر!!
***
فى كل عام أقول إن للمرأة كل أيام العام ولن يكفى ذلك لعودة الكرامة لها ومع ذلك نأتى لنحتفل بها فى يوم.. ننشد الشعر أو بعض الغناء وكثيرا من الخطابات الرنانة حول تمكينها ووووو وتبقى النساء هناك فى العربات المزدحمة والشوارع المكتظة وحقول القمح والقطن والياسمين والتبغ وفى العشوائيات والمقابر أو حتى خلف الأغطية السوداء فى مناطق مخصصة «للنساء فقط» وكأنهن مرض معد كالطاعون فلا تصدقوا أن عزلة النساء فى فضاءات محدودة هو محافظة على المرأة وكرامتها كما يقال ويكرر بل هو ــ حقا ــ ربما خوف منها ومما تستطيع النساء أن تقمن به لو فتحت السماوات لهن..
***
حدثتنى عن الوجوه المتعبة فى الثامن من مارس فقلت لها لا تنسوا النساء فى هذا اليوم فهن أكثر الغائبات عنه!!!
كاتبة بحرينية

نقلا عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن ظلام ليلهن وأيامهن حدثتنى عن ظلام ليلهن وأيامهن حدثتنى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon