توقيت القاهرة المحلي 09:00:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جرائم قتل النساء تفضح المجتمعات

  مصر اليوم -

جرائم قتل النساء تفضح المجتمعات

بقلم - خولة مطر

فى فترة زمنية لا تزيد على الشهر قتلت أكثر من ثلاث نساء فى مدن مختلفة ومراحل عمرية مختلفة أيضا، وفيما تعددت أساليب القتل بقيت الأسباب والموت واحد. فتاة تقتل لأنها قالت لشاب إنها لا تبادله ما تصور هو أنه حب، وأخرى قتلت لأسباب شبيهة من شاب عربى آخر مريض فى مدينة عربية أخرى، وثالثة لأنها طالبت بحقها فى إشهار الزواج. وعلى مدى سنين وسنين قتلت النساء فى بقع مختلفة من مستنقع المجتمعات المريضة كلها لأسباب سميت مرة بالشرف حتى أصبحت تسمية جرائم الشرف مقززة ومنفرة؛ لأن التسمية الأصح لها هى أمراض مجتمعات تعفنت فيها صور النساء التى رسمتها فى الكثير نساء أيضا وربت عليها رجال وقعوا ضحايا لذكوريتهم.
• • •
مجتمعات تزرع الأمراض فى زوايا منازلها أكثر مما تزرع الريحان والنرجس، وأخرى تتقن فن التبرير لرسم صورة نمطية للنساء حتى بين ما يعرف بالفئة المتعلمة والمثقفة أو تلك التى تشربت من ثقافات عدة. يتوهم بعضنا عندما يعتقدون أن أبناء العرب الذين ولدوا فى مجتمعات ناضلت من أجل احترام آدمية المرأة، سيكبرون ليصبحوا رجالا أكثر تقديرا للنساء العابرات فى حياتهم، أما أو أختا أو حبيبة أو صديقة أو سيدة عابرة فى طرقات ذكورية بحتة. أخطأوا عندما تصوروا ذلك، فهم أسوأ من أولئك الذين تربوا فى أزقة معتمة ليس من قلة أو ندرة الكهرباء بل من كثرة الجهل المغلف بالدين أو ذاك المخترق لحواجز أشباه المتعلمين، خاصة وإن المدارس فى دولنا موبوءة بالجهلة المغمسين فى لباس دينى حتى اختلط الدين بـالعلم فلم نعد نعرف ما هى العادات والقيم المتوارثة وما هى نصوص الأديان السماوية كلها، فهذه أمراض عابرة للأديان من مسيحية ويهودية. اقرأوا الإعلام الصهيونى لتعرفوا مدى تخلف ذاك المجتمع الذى يسمى نفسه الدولة الديمقراطية الوحيدة فى محيط من الأنظمة الأحادية اللون والشكل والرائحة!
• • •
يصرخ ذاك المذيع فى البوق ليس لحكومته بل لمن أطلق عليه المذيع الأعلى راتبا فى الدول العربية مثله مثل ذاك البرج الأعلى يلعبون دورا حيويا فى خلق صورة يريد المروجون لها أن تكون أنيقة وجميلة وحضارية وربما متقدمة فى الفهم! يقول كيف تبررون مثل هذا القتل ويأتى أصوات الجوقة فى المحطات المختلفة بنفس الصراخ والاستنكار وما يبدو أنه يشكل مفاجأة لهم فيما بين فواصل خطابهم، كثير من مخزون لا يختلف عن ذاك الذى كبر عليه هذا الرجل أو ذاك حتى حمل السكين ونحر رقبة الفتاة التى رفضته أو أطلق الرصاص على رأسها أو حتى سكب بالأسيد ليشوه وجهها فى جرائم تبدو أكثر بشاعة من ما نقول عنها مجتمعات منفلتة تروج للإباحية والمثلية! رغم أن العنف ضد النساء وقتلهن ليس ببعيد حتى عن تلك المجتمعات ولكن ربما لا نجد هذا الكم من النفاق فى الخطاب الإعلامى والرسمى كما حالنا نحن. والمثير حقا أن يأتى المتحدث باسم تلك الجامعة أو ذاك المنبر الثقافى ليقول كلاما ليس بعيدا عن كلام هؤلاء الشباب نتاج المجتمعات المريضة التى تتقن فن الظلام التام الرديف لسواد يصر البعض حتى اليوم أن يكون هو زى «الحشمة» للمرأة!
• • •
فضحت هذه الجرائم ليس بعض الثقافات المنتشرة بيننا وليس أنظمة تعليمية تكرس لتلك المعتقدات البالية المغلفة بتفاسير ضحلة للأديان، بل فضحت مجتمعاتنا وأجهزة إعلامنا الواقفة عند أبواب من يدفع أو من يملك الحل والربط أو من يمنح تذكرة سفر وإقامة فى فنادق الخمس نجوم أو حتى «الجولدن فيزا»!
• • •
فضحت هذه الجرائم كل ذلك وعرتهم هم بدلا من أن تعرى النساء كما يقولون، رغم أن الدراسات الصادرة عن مراكز قريبة منهم تؤكد أن الاعتداءات الجسدية والجنسية على النساء ليست نتاجا لما تلبسه المرأة أو ما يسمونه «تبرجها»، بل إن كثيرا من المحجبات والمنتقبات تتعرضن أكثر للتحرش فى الشوارع وفى وسائل النقل العام وعلى الشواطئ وفى السينمات والمقاهى وكل الفضاءات المفتوحة للجميع إلا المرأة، التى عليها أن تفكر كثيرا قبل أن تملك الجرأة والقوة والبطولة للخروج وممارسة أبسط حقوقها كـ «بنى أدمه». أكثر الخطابات اشمئزازا هى التى تدفع بنساء للدفاع عن المرأة الضحية عبر التبرير أنها لم تكن ترتدى لبسا «خليعا» أو غير مناسب ولذلك تتحمل النتيجة!
• • •
ما حدث ليس حادثا أو جريمة عرضية بل هو شرخ مجتمعى سندفع لأجيال وأجيال قادمة ثمنه الباهظ وأكثر من يدفع الثمن هن النساء، ولذلك ففيما حصلت ثورات أو انتفاضات أو مراجعات بعدد من الدول بقيت قضية المرأة وطريقة تعامل المجتمع مع نسائه هى البعيدة عن أى مراجعة ومصارحة واعتراف بالأسباب التى هى ليست مخفية أو مستترة أو ليست هى جزء من حياتنا جميعا اليومية وليست شيئا عارضا أو طارئا. فلنعد إلى مراجعة حقيقية للأنظمة التعليمية ليس لما يريده «الأصدقاء والحلفاء» الجدد لبعض الدول، بل بما يعيد للنساء العربيات كرامتهن وحقهن كبشر وأن يتم توقيف رجال الدين الجهلة بدلا عن رقابة الجمعيات السياسية السلمية. كما يفيد أن تعيد العائلات كيفية تربيتها للنساء والرجال من أبنائها. والحلول واضحة وبسيطة وسهلة لو أراد صناع القرار أولئك الذين يدفعون لكل هذه الجوقة الإعلامية للاستنكار أن يقوموا بخطوات أكثر من مجرد الاستنكار لساعات ثم النسيان حتى تذبح امرأة أخرى وأخرى وأخرى كالقطيع من خراف أعيادكم!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرائم قتل النساء تفضح المجتمعات جرائم قتل النساء تفضح المجتمعات



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon