توقيت القاهرة المحلي 09:11:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هيكل.. مائة عام وأعوام

  مصر اليوم -

هيكل مائة عام وأعوام

بقلم - خولة مطر

لم يكن محمد حسنين هيكل أو الأستاذ هيكل شخصية إعلامية وصحفية عربية تخطت حواجز الحدود الجغرافية واللغوية والفنية البحتة، تلك التى يمتهنها الصحفيون العالميون وهم قلة وفى تناقض مستمر. ولم يكن من الشخصيات التى يتفق معها الكثيرون فى الآراء والمواقف. وقد يختلف معه كثيرون من «أهل الكار» عشاق مهنة المتاعب ولكنهم لا يستطيعون أن يوصموه بصفة الصحفى العادى كما كثيرون من المعتدين على المهنة اليوم أو حتى من يدعون الاحتراف وأحيانا يبالغون فى تملقهم وكأنهم مسكونون بمهنة المتاعب التى تطاردهم أينما ارتحلوا.
• • •
الأستاذ هيكل كان ولا يزال بعد مائة عام ولأعوام قادمة من أكثر الصحفيين العرب والعالميين الذين احترفوا المهنة بكل تفاصيلها، فقد بدأ كصحفى حربى وكان ربما الأول عربيا ومثله بعض الصحفيين الاوروبيين والأمريكان. أقول بعضا لأن كثيرين لم يكونوا صحفيين بل كما قال «المرحوم» روبرت فسك فى أثناء تغطيته لحرب الخليج الأولى «صحفيون بملابس عسكرية وعساكر يتوقون لأن يكونوا صحفيين».. بل إن الحروب كان يدونها المقاتلون والمنتصرون حتى خرج بعض حاملى القلم قبل الآلة الكاتبة ومن بعدها الآيباد والتابلت وغيرهم فغيروا الصورة وكانوا حقيقة المراقبين الحقيقيين.
• • •
هكذا بدأ الأستاذ كما قال فى كثير من كتبه ومقابلاته ولقاءاته وأحاديثه مع تلامذته حتى الذين منهم لم يعملوا معه ولم يلتقوا به ولم يكونوا من مبتدئى العمل بجريدة الأهرام العريقة.. هو كان وسيبقى بعد مائة عام وأعوام «الأستاذ» لكثير منا، نحن من تعلقنا بالمهنة حتى أصبحت هى الوله والعشق الأول وربما الأخير كما هو الذى بقى سائرا فى ممراتها الكثيرة والمتعرجة وأيضا عوالهم التى ابتعدت عن الورق والقلم حيث بدأ هو.. الأستاذ كان كما علمنا عن بعد ودون أن نلتقى فى حضرة صاحبة السعادة، علمنا أن الصحافة هى مهنة المتحول والمتطور وليست مهنة «لغة الخشب» كما كان يرى البعض أو كما هو البعض حتى اليوم، حتى لو تغيرت أدواته وتحولت أكثر الوسائل تطورا!
• • •
فى مئوية الأستاذ كان الحشد كبيرا ولكنه لم يكن كبيرا عليه على الأقل بالنسبة لكثير من الصحفيين الشيوخ ومتوسطى الأعمار والشباب والشابات أيضا.. هو حمل قلمه، سلاحه الوحيد، وحسه الذى لا تستطيع أى مدرسة أو مؤسسة صحفية مهما كثرت ملايينها أن تلقنه لأحد، أو تحول الجهلة والمدعين إلى صحفيين محترفين قد تختلف معهم ولكنك لا تستطيع أن تنكر إمكانياتهم المهنية العالية.
• • •
بدت مئويته احتفالية بمرحلة أو حالة، قد لا تتكرر، ليس لأن الأستاذ هيكل خارق ولكن مثل هذه الحالات بحاجة إلى مناخات أو ربما عدد من العوامل والظروف والعلاقات والصدف وبعض الحظ والأهم شخصية لا تمل البحث والتأمل.. وجوه من زمن صحفى مصرى حافل (لم تكن هناك وجوه صحفية وإعلامية عربية إلا ربما ما ندر رغم أنه كان يقدم نفسه كصحفى عربى) وآخرون من زمن باهت لم يكن الأستاذ يعتد به وربما لا يحترمه حتى ولكنهم لم يستطيعوا أن يتغيبوا عن المشهد الأهم فى 23 سبتمبر 2023 فى المتحف القومى للحضارة المصرية، أو العيد المائة للصحفى العربى/العالمى محمد حسنين هيكل الذى بدا كمراسل حربى وتحول مع الوقت لأهم متابع للحدث فى المنطقة وليس مصر فقط، والصحفى العربى الذى التقى واقترب من معظم الشخصيات التى صنعت بعض أو معظم تاريخنا الحديث.. هو المدون لهذا التاريخ وهو القارئ بعمق له وهو من قال ونادى كثيرا بأن نفكر فى المستقبل ولا ننغمس فى التاريخ إلا لفهم أعمق للواقع واستشراف للمستقبل.. هو الأستاذ الذى قال فى عام 2010 أن هناك ثورة قادمة وهو الذى كان جزءا من ثورات عدة سابقة بل هو من صاغ رسائلها وخطاباتها.
• • •
الأستاذ طالب ونادى بحرية التعبير والفكر أيضا رغم أن كثيرين يلصقونه بمرحلة كان يسودها الفكر واللون الواحد، وآخرون ربما يدينونه ويتهمونه، ولأنه لم يقدس الشخص كصحفى ولأنه كتب فى الصحف العالمية وأهمها التايمز والتايمز أون سندى، فكان من الضرورة أن نذكر بأنه فى مقالاته تلك كان يضفى قراءة أخرى مختلفة عن تلك الصحف وكان ينقش بلغة أنيقة وكما قال كثيرون من رؤساء تحريرها والقائمون عليها فى ذلك الوقت وبعده، بأن لغته الإنجليزية كانت رائعة. الأستاذ كان يقول للإنجليز ولكل الغرب أن هذا رأى العرب أو الشرق أو الجنوب وهو مختلف عن قراءتكم المرتبطة بمصالحكم وبكثير من نظرات الرجل الأبيض المستعمر السابق.. هو كان ملك إيصال الرسالة مع ابتسامته وبكلمات لا تشد العصب ولا تسبب ثورة فى ردود الفعل.
• • •
فى مئوية الأستاذ افتقدناه بكثير من نزيف الحبر وبعض الألم.. نحن الصحفيون المتمسكون بصحافة الاستقصاء والمتابعة والوقوف عند الحدث لا عبر الهواتف فى المكاتب المكيفة. هو شخص عابر للشخصيات والآراء والأفكار وأساليب الكتابة.. ولم يكن شخصا يتفق معه وعليه كثيرون وربما خاصة المصريين منهم أو آخرين من «كارهى الناصرية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هيكل مائة عام وأعوام هيكل مائة عام وأعوام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon