توقيت القاهرة المحلي 21:02:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هيكل.. مائة عام وأعوام

  مصر اليوم -

هيكل مائة عام وأعوام

بقلم - خولة مطر

لم يكن محمد حسنين هيكل أو الأستاذ هيكل شخصية إعلامية وصحفية عربية تخطت حواجز الحدود الجغرافية واللغوية والفنية البحتة، تلك التى يمتهنها الصحفيون العالميون وهم قلة وفى تناقض مستمر. ولم يكن من الشخصيات التى يتفق معها الكثيرون فى الآراء والمواقف. وقد يختلف معه كثيرون من «أهل الكار» عشاق مهنة المتاعب ولكنهم لا يستطيعون أن يوصموه بصفة الصحفى العادى كما كثيرون من المعتدين على المهنة اليوم أو حتى من يدعون الاحتراف وأحيانا يبالغون فى تملقهم وكأنهم مسكونون بمهنة المتاعب التى تطاردهم أينما ارتحلوا.
• • •
الأستاذ هيكل كان ولا يزال بعد مائة عام ولأعوام قادمة من أكثر الصحفيين العرب والعالميين الذين احترفوا المهنة بكل تفاصيلها، فقد بدأ كصحفى حربى وكان ربما الأول عربيا ومثله بعض الصحفيين الاوروبيين والأمريكان. أقول بعضا لأن كثيرين لم يكونوا صحفيين بل كما قال «المرحوم» روبرت فسك فى أثناء تغطيته لحرب الخليج الأولى «صحفيون بملابس عسكرية وعساكر يتوقون لأن يكونوا صحفيين».. بل إن الحروب كان يدونها المقاتلون والمنتصرون حتى خرج بعض حاملى القلم قبل الآلة الكاتبة ومن بعدها الآيباد والتابلت وغيرهم فغيروا الصورة وكانوا حقيقة المراقبين الحقيقيين.
• • •
هكذا بدأ الأستاذ كما قال فى كثير من كتبه ومقابلاته ولقاءاته وأحاديثه مع تلامذته حتى الذين منهم لم يعملوا معه ولم يلتقوا به ولم يكونوا من مبتدئى العمل بجريدة الأهرام العريقة.. هو كان وسيبقى بعد مائة عام وأعوام «الأستاذ» لكثير منا، نحن من تعلقنا بالمهنة حتى أصبحت هى الوله والعشق الأول وربما الأخير كما هو الذى بقى سائرا فى ممراتها الكثيرة والمتعرجة وأيضا عوالهم التى ابتعدت عن الورق والقلم حيث بدأ هو.. الأستاذ كان كما علمنا عن بعد ودون أن نلتقى فى حضرة صاحبة السعادة، علمنا أن الصحافة هى مهنة المتحول والمتطور وليست مهنة «لغة الخشب» كما كان يرى البعض أو كما هو البعض حتى اليوم، حتى لو تغيرت أدواته وتحولت أكثر الوسائل تطورا!
• • •
فى مئوية الأستاذ كان الحشد كبيرا ولكنه لم يكن كبيرا عليه على الأقل بالنسبة لكثير من الصحفيين الشيوخ ومتوسطى الأعمار والشباب والشابات أيضا.. هو حمل قلمه، سلاحه الوحيد، وحسه الذى لا تستطيع أى مدرسة أو مؤسسة صحفية مهما كثرت ملايينها أن تلقنه لأحد، أو تحول الجهلة والمدعين إلى صحفيين محترفين قد تختلف معهم ولكنك لا تستطيع أن تنكر إمكانياتهم المهنية العالية.
• • •
بدت مئويته احتفالية بمرحلة أو حالة، قد لا تتكرر، ليس لأن الأستاذ هيكل خارق ولكن مثل هذه الحالات بحاجة إلى مناخات أو ربما عدد من العوامل والظروف والعلاقات والصدف وبعض الحظ والأهم شخصية لا تمل البحث والتأمل.. وجوه من زمن صحفى مصرى حافل (لم تكن هناك وجوه صحفية وإعلامية عربية إلا ربما ما ندر رغم أنه كان يقدم نفسه كصحفى عربى) وآخرون من زمن باهت لم يكن الأستاذ يعتد به وربما لا يحترمه حتى ولكنهم لم يستطيعوا أن يتغيبوا عن المشهد الأهم فى 23 سبتمبر 2023 فى المتحف القومى للحضارة المصرية، أو العيد المائة للصحفى العربى/العالمى محمد حسنين هيكل الذى بدا كمراسل حربى وتحول مع الوقت لأهم متابع للحدث فى المنطقة وليس مصر فقط، والصحفى العربى الذى التقى واقترب من معظم الشخصيات التى صنعت بعض أو معظم تاريخنا الحديث.. هو المدون لهذا التاريخ وهو القارئ بعمق له وهو من قال ونادى كثيرا بأن نفكر فى المستقبل ولا ننغمس فى التاريخ إلا لفهم أعمق للواقع واستشراف للمستقبل.. هو الأستاذ الذى قال فى عام 2010 أن هناك ثورة قادمة وهو الذى كان جزءا من ثورات عدة سابقة بل هو من صاغ رسائلها وخطاباتها.
• • •
الأستاذ طالب ونادى بحرية التعبير والفكر أيضا رغم أن كثيرين يلصقونه بمرحلة كان يسودها الفكر واللون الواحد، وآخرون ربما يدينونه ويتهمونه، ولأنه لم يقدس الشخص كصحفى ولأنه كتب فى الصحف العالمية وأهمها التايمز والتايمز أون سندى، فكان من الضرورة أن نذكر بأنه فى مقالاته تلك كان يضفى قراءة أخرى مختلفة عن تلك الصحف وكان ينقش بلغة أنيقة وكما قال كثيرون من رؤساء تحريرها والقائمون عليها فى ذلك الوقت وبعده، بأن لغته الإنجليزية كانت رائعة. الأستاذ كان يقول للإنجليز ولكل الغرب أن هذا رأى العرب أو الشرق أو الجنوب وهو مختلف عن قراءتكم المرتبطة بمصالحكم وبكثير من نظرات الرجل الأبيض المستعمر السابق.. هو كان ملك إيصال الرسالة مع ابتسامته وبكلمات لا تشد العصب ولا تسبب ثورة فى ردود الفعل.
• • •
فى مئوية الأستاذ افتقدناه بكثير من نزيف الحبر وبعض الألم.. نحن الصحفيون المتمسكون بصحافة الاستقصاء والمتابعة والوقوف عند الحدث لا عبر الهواتف فى المكاتب المكيفة. هو شخص عابر للشخصيات والآراء والأفكار وأساليب الكتابة.. ولم يكن شخصا يتفق معه وعليه كثيرون وربما خاصة المصريين منهم أو آخرين من «كارهى الناصرية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هيكل مائة عام وأعوام هيكل مائة عام وأعوام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon