توقيت القاهرة المحلي 06:06:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ارحلى.. ويبقى الوجع

  مصر اليوم -

ارحلى ويبقى الوجع

بقلم - خولة مطر

والعام يعتزم الرحيل أو يوصد أبوابه ويرحل، يترك لنا مساحات مكتظة بصور من المذابح المتنقلة من بيت لبيت، وشارع لشارع، ومدرسة لمدرسة، ومستشفى لمستشفى، وجامع لجامع آخر، وكنيسة لأخرى، وهكذا تطارد صواريخهم وأدواتهم «الحديثة والذكية جدا!» كل الأرواح الواقفة فى وجهها بلا سلاح سوى ربما اليقين أن الحق معهم.

• • •

يكاد أن يمحو أى مسحة بيضاء مرت فوق سحابة فى سماء غير مكتظة بغبار دمارهم، حاملة معها كثيرا من الأجساد الضعيفة والأرواح الملائكية البريئة.. لم تعد هناك أى ذكريات أو صور لـ 2023 أكثر حضورا من تلك الأسماء كلها؛ لأطفال وأمهات وزوجات ورجال وصحفيين ومسعفين وأطباء وصانعى الرغيف عندما شح الدقيق بأوامر عليا من الصهاينة وكل حلفائهم المعلنين والصامتين أيضا، كلهم تلطخت أيديهم بدماء أطفال غزة حتى آخر يوم على وجه هذا الكون.

• • •

يغادر العام دون أمنيات سوى أن تتوقف الإبادة، هكذا يصرخ كُثر منا، ممتدون نحن أيضا على مدن الكون كله بل ربما نحن أكثر منهم، ولكننا دون أسلحة على اختلاف أنواعها بما فيها سلاح النفط المال والسلطة والقمع والهيمنة الكاملة على الاقتصاد والإعلام حتى تصبح التغريدة جنحة أو جناية حسب ما يراد لهم أن يصفوا الجرائم، أليس هم من نزعوا كل المصداقية عن كل تلك التشريعات والأنظمة والقوانين التى قرر البشر أن تكون هى حكمهم منذ أن أوصدت الحرب العالمية الثانية أبوابها، أو حتى قبلها بسنوات طويلة منذ الأديان السماوية والتشريعات شرعت فى تنظيم علاقة البشر بالبشر حتى لا يعم الظلم، لأنه السلاح الأوحد لنهاية البشر فلا استدامة للظالم ولا خنوع للمظلوم إلى الأبد؟

• • •

تعرف أن 2023 كانت سنة وستبقى مغلفة بعذابات الفلسطينى والفلسطينية، ونحن معهم نتابع دقات قلوبهم بوجع العاجز عن الفعل سوى أضعف الإيمان وهو بعض الاحتجاج والاعتصام والتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعى، والأهم هو ألا يبقى الغزاوى وحيدا يعيش الموت اليومى جوعا أو قصفا أو عطشا، ولا متابع لأن بعضهم قد تعب من كثرة مراقبة الموت المتحرك فى شكل ووجه طفلة بريئة! نعم البعض يبرر له ولغيره بأنه أو أنها لا تستطيع تحمل كل هذا القتل المباشر على شاشات التلفزة وأمام العدسات فيما هم ــ أى أطفال وشباب وشابات وصحفيى غزة ــ يطالبوننا بالمتابعة حتى لا تغلق صفحاتهم أو تصبح المذبحة جزءا من نشرة الأخبار التى تضم أيضا حفلات واحتفالات بأعياد بعضها وهمى ويدعو للسخرية، والآخر لا طعم له، والدم الفلسطينى الإنسانى لا يتوقف حتى لأخذ نفس لبعض الحياة! فعل المتابعة هو أحد أعمدة التضامن مع الفلسطينيين، ونشر الخبر مهما كان صغيرا لعائلة تم قتلها بل إبادتها وبعد أن كانت تجمعهم صالة منزل صغيرة حول أكواب المرامية، صارت تجمعهم حفرة فى الأرض قيل إنها مقبرة جماعية لهم وكتبت أسماؤهم فوق أكفانهم البيضاء كبياض قلوبهم المؤمنة والصامدة والحاضرة بهم حتى بعد الموت!

• • •

بين لحظة وأخرى بل دقيقة ودقيقة ترحل سنة وتبدأ أخرى والبشر يبحثون عن بصيص يوقف الدم وليس بصيص أمل للنصر، لأنهم قد انتصروا ربما بثمن باهظ ولكن هى الأوطان التى لا تتطهر إلا بدم أبنائها وبناتها... تتفاجأ حينها وأنت تبحث عن سيناريوهات اليوم التالى كما يسمونه أو ما بعد الصاروخ الأخير والشهيد أو الشهيدة الأخيرة، تجد أن بعضهم لا يخجل من نشر تذاكر ليلة رأس السنة فى هذه المدينة العربية أو تلك بأسعار لو سمع بها وائل أو أحمد أو ياسر فى قبره لأصيبوا بكثير من الفزع، فهذه المبالغ لتذاكر ليلة رأس السنة قد تطعم أطفال غزة وتضمد جراحهم وتوفر لهم الأطراف الصناعية والعناية النفسية وغيرها من كل أساسيات الحياة بعد الحرب أو خلالها... كم مفزع أن ترى من يسكن قريبا منك بل هو الأقرب فيما هو الأبعد عنك وعن وجعك؟.. هل بقى من تلك العادات القديمة أى أثر أو سراب على هذه الأرض الممتدة عندما كان الجار يخجل أن ينصب الصوان لفرح أو عرس ابنه فيما جاره لا يزال يعيش الحزن على فقيد مات موتة آمنة فى فراشه، وليس طفلا فى خان يونس تطارده آلة الحقد الصهيونية حتى آخر نفس أو آخر رجل أو آخر عين أو يد؟! ماذا جرى لنا حتى أصبحت الحياة ليلة صاخبة بآلاف الدراهم أو الدنانير أو الجنيهات والظلم والعجز والموت يسكن الكون؟.. قد يقول أحدهم لابد للحياة من أن تستمر أليسوا هم، أى الشعب الفلسطينى، من علمونا وحفظنا منهم أن نحب الحياة أيضا؟ نعم كلنا نحب الحياة بعزة وكرامة وعدل وكلنا لن نستطيع أن نعرف الحياة والفرح بعد السابع من أكتوبر قبل أن تتوقف الإبادة لأهلنا، وقبل أن يعيش الفلسطينى والفلسطينية فى وطنهما هما وتعود لهما أرضهما وبيتهما وشجرة زيتونهما فى عكا ويافا وحيفا ورام الله وكل فلسطين، كل شبر منها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارحلى ويبقى الوجع ارحلى ويبقى الوجع



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon