توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لمن الصورة الأخيرة؟

  مصر اليوم -

لمن الصورة الأخيرة

بقلم - خولة مطر

يستعرضون قتلهم فى كل لحظة ويدونون تلك اللحظات خشية أن لا تنال «ترند» على وسائل التواصل أو لا تلتقطها إحدى المحطات العالمية لتنشرها. يصورون لحظة اقتحام المدن والبلدات والشوارع والأحياء والبيوت بيتا بيتا وغرفة غرفة. كما يفعلون الأمر ذاته فى أثناء قتلهم لما يطلقون عليهم أسماء مختلفة وهى فى مجملها تعبر عن معنى واحد «بشر أقل من البشر» أو بنى آدمين أقل من البنى آدمين.
• • •
هى المرة الأولى ربما منذ أن اخترع التلفزيون أو حتى منذ آلة التصوير البدائية، المرة الأولى التى يدون فيها القاتل ضحيته أو المجرم جريمته بكل تفاصيلها منذ أن يقتحم ويقصف ويقتل حتى سرقة لعب الأطفال والسخرية من الموتى وهم مجثوون على وجوههم أو فوق بعضهم البعض أو تحت دمار بيوتهم أو بيوت غيرهم.
• • •
هى المرة الأولى، فلم يقم هتلر بتصوير المحرقة ولا مطاردات اليهود وقتلهم بل قام كثر من الناجين بتدوين قصصهم حتى اشتهروا بأسمائهم الأولى وحولوها إلى سيناريوهات لروايات وأفلام هوليوودية نالت جوائز طبعا، أليست هى المحرقة؟ وألا تدون فظاعة ما قام به النازيون؟
• • •
لكنهم اليوم فى غزة وفى كل بقاع فلسطين يجاهرون بوحشيتهم وقبحهم وحقدهم المترسخ عبر مناهج تعليم وثقافة عامة غير محصورة فى مدارسهم وجامعاتهم، بل تمتد لتصل إلى مدارس وجامعات وكليات فى أوروبا وأمريكا وكثير من دولنا أيضا!
• • •
هم يرسلون الصور مشهدا خلف مشهد، وضحكات السخرية ترافق رشقات الدم، وآهات أوجاع أهلنا فى فلسطين تأتى معها، ترافقها ولكن لا حياة لكل إعلامهم «العظيم»، إعلامهم غير المنحاز أبدا إلا لرواية المستعمر المغتصب وإلا لما كنا نرى مثل هذه المشاهد المرعبة التى يصورها جنود الاحتلال إما بهواتفهم الذكية أو بالكاميرات المرافقة لكل تلك المعدات العسكرية شديدة التطور والتعقيد! كل آلة الحرب تأتى فى صور هدايا لا تتوقف من قبل أمريكا وألمانيا وغيرهما من الدول الأوروبية؛ أما الطعام والشراب وغيره فتركوه على الآخرين من حلفائهم المحليين يتكفلون به عبر جسور برية هنا أو موانئ هناك أو حتى لنلقى ببضعة صناديق لنطعمهم علنا، نطفئ تلك الشعلة التى بدأت شرارة تصورها البعض أنها ستنطفئ سريعا أو ربما تموت بفعل الزمن أو التعود على صور الموت، إلا أنها امتدت لتعبر الحدود والوديان والسهول وتشعل الشوارع بصراخ يقول «من النهر إلى البحر فلسطين حرة».
• • •
يستمرون هم فى أخذ الصور وتدوين مقاطع فيديو فى غرفة لطفلة فلسطينية، بل هى غرف لأطفال فلسطين كل منها تحكى قصصا وروايات لذكريات، وهنا بقايا لعبة أو ربما كرة قدم. يقوم الجنود بتصوير اقتحامهم لكل غرف الفلسطينيين والفلسطينيات وبيوتهم، لو لم يكونوا هم من يفعلون ذلك لقيل أن هؤلاء «حثالة» البشر ولكنهم صهاينة بل جنود الصهاينة لذلك فالعالم المتحضر يبقى يتفرج على المجرم وهو يدون جريمته ورغم ذلك لا يخجل ذاك المذيع العريق من طرح السؤال الأول المكرر «هل تدين ما قامت به حماس فى 7 أكتوبر؟؟»، يطرح السؤال وكأن كل هذا الكم من تدوين أحداث الجريمة لم يمر عليه ولم يلق اهتمامه، ولم يثر حتى ما تبقى من إنسانية تحت جلده!
• • •
هم يدونون إبادتهم الجماعية ويسترسلون فى شغل العالم «المتحضر» فى تعريف الإبادة أو حتى جرائم الحرب التى عرفتها وبوضوح كل الاتفاقيات الدولية التى تبرأ منها ذاك المدرس الملتزم بتعليم روح النص القانونى الوطنى والعالمى. ألم يعتذر كثر من أنهم ما علموا طلابهم أن هناك عدالة كونية وأن القانون والاتفاقيات الدولية هى ملاذ الضعفاء والمذبوحين على جراح أوطانهم وأرضهم؟
• • •
هى المرة الأولى التى يدون فيها المستعمر تفاصيل قتله وبشاعة استيطانه وسرقته للأرض وما عليها، ورغم ذلك يبقى العالم المتحضر جدا يطرح الأسئلة البلهاء ــ ربما بالنسبة له ــ هو لأنه اعتاد أن يطرحها وتعود على أن كل العالم جنوبا قد احترف الصمت والإصغاء له.. ها هو العالم جنوبا خارج إطار «الرجل الأبيض» يرفض كل رواياته بعد 7 أكتوبر ويقول سندينكم يوما بصوركم أنتم ورواياتكم وليس ــ كما تفعلون أنتم فيما يتعلق بالهولوكوست أو المحرقة ــ التى يحملها كثر ليبرروا بها فعلهم الذى زاد وفاق بشاعة وكراهية وحقدا.. هم يدونون جرائمهم فليتذكر العالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لمن الصورة الأخيرة لمن الصورة الأخيرة



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon