توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأمل كفعل مقاومة

  مصر اليوم -

الأمل كفعل مقاومة

بقلم - خولة مطر

هم يقاومون.. نعم هم يقاومون والإبادة مستمرة، يقاومون التطهير العرقى المستمر أيضا، يبقون هم يقاومون بمختلف ما تيسر من قوة. يقاومون والموت يصطادهم فردا فردا حتى آخر طفل وطفلة. حينها يبقى طفل آخر قريب أو جار يقاوم. يهدمون بيوتهم فوق رءوسهم ويصرخون تحت الأنقاض حتى يخفت صوتهم ولكنه لا يموت فما إن يستطيع المسعفون الوصول لهم حتى يجدوا حياة تخرج من تحت الرماد، والمذهل أن تلك الحياة هى طفل صغير أو طفلة بقيت تحت الحجر لأيام وأيام حتى سُحبت الجثة من تحت الركام وهو ينادى عمو عمو «أمى هناك روحوا لها أول»، أليس فى ذلك فعل مقاومة؟

• • •
هم لا يقاومون بالسلاح والقذائف والبيانات والفيديوهات وكل أدوات الحرب من عسكرية وإعلامية، بل هم يقاومون بأجمعهم أى كلهم نساء وأطفال وشيوخ وشباب ورجال وكل مخلوقات الله! تلاحقهم الصواريخ فيدنو الموت ليقتنص أحبتهم وهم كثر. فلن تستطيع أن تسأل غزاويا أو غزاوية إلا ويكون الرد أنهم فقدوا 40 أو 60 أو كل أفراد عائلتهم.. يرمون بهذه المعلومة لك أو لها وهم سائرون يبحثون عن سقف حتى لو كان خيمة ليستظلوا بها.. أليس فى ذلك مقاومة؟
• • •
وسط الجوع والعطش والحصار حتى على الهواء وماء البحر وثمراته، يغنى الأطفال فى ساحات المدارس التى تحولت إلى ملاجئ أو أمام خيمهم أو بين موجة وأخرى على شواطئ غزة قبل أن تطاردهم القذائف الشيطانية. يغنون للوطن والأرض مرة وللأهل الذين رحلوا سريعا مرات ومرات، ثم يهرولون بحثا عن حفنة طعام لما تبقى من عائلتهم القريبة أو تلك التى أصبحت عائلتهم بعد أن رحل الجميع! أليس فى ذلك فعل مقاومة؟
• • •
يستمرون فى التدريس أو البحث أو مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه فى الخيم والزنانة فوق رءوسهم، وصراخ الأطفال يأتى من قريب ورائحة الموت تحيط بهم أقرب من المقابر! أليس فى ذلك فعل مقاومة؟
• • •
يعرفون أن عليهم أن يقولوا للعالم أننا لا نزال هنا بعد سبعة أشهر أو أكثر حتى فى شمال غزة وفى رفح وفى كل بقعة من غزة والضفة وكل فلسطين.. يرددون نحن لا نزال هنا باقين فوق أرضنا. يلملمون جراحهم ويمسحون الدمع الغزير كما غزارة دمهم، ويقولون لطلاب العالم فى جامعاته «شكرا» لأنكم وقفتم معنا وطالبتم بوقف المجزرة بل الإبادة.. أليس فى ذلك مقاومة؟
يمسح أحدهم دمعة طفل بعد أن سأله «لماذا تبكى عمو؟» ويرد الطفل وهو خجل من دمعته «ماتت أمى وبيى وكل إخوتى» فيمسح دمعه ويلاطفه ويقول له ما يعنى أنهم كلهم أو ما تبقى منهم أمهات وآباء له.. ثم يمسك بيده ويمضون معا.. أو يراه يتلوى من الجوع فيطعمه من طعامه وطعام كل من معه فى الخيم ويمضون من شارع لشارع ومن شمال لجنوب أو شرق لغرب وهى - أى آلة الحقد والإبادة - تطارد الأرواح البريئة، فيقومون بمسح دموعهم ويمضون سائرين. أليس كل ذلك فعل مقاومة؟
• • •
يضعف أحدهم فهم بشر بلحم ودم فيقول «ألا يكفى كل هذا الموت والدمار؟» ويتساءل آخر لماذا فعلوا بنا ذلك؟، أو حتى يحمله اليأس والجوع والحزن إلى لوم نفسه أو أهله على ما يجرى وكل ذلك ردة فعل إنسانية بحتة، فنحن لسنا ملائكة ولا هم كذلك ونحن لسنا بشرا فوق البشر أو أقوى منهم وهم كذلك أيضا.. أليس فى اعترافهم بضعفهم شىء من المقاومة أيضا؟
• • •
يقول أحدهم كلما تابعت جولاتهم هنا وهناك واجتماعاتهم المغلقة و.. و.. وكثير من ما يتسرب منها إلى الصحف الإسرائيلية، ينقبض قلبى وينتابنى وجع فى الصدر فالقادم مخيف جدا.. يردد هو/ هى ذلك وهم فى بقاع بعيدة عن مرمى أسلحتهم وهم ونحن كلنا نجلس فى غرفنا المكيفة نحتسى الشاى والماء المثلج وموائد طعامنا تسد عين الشمس.. وهناك يرسل لهم أطفال غزة تحية وحبا وكثيرا من الأمل وهم يرددون نشيدا حبا لأرضهم.. أليس كل ذلك فعل مقاومة؟
• • •
من السهل أن تسير حياتنا كما هى مع بعض «التنكيد» كلما قفزت صور غزة وفلسطين أمامنا، بل ومن الأسهل أن نتصور أن بمتابعتنا لتلك المشاهد الموجعة ما يكفى كتعبير عن تضامننا معهم، ومن السهل أن يقول أحدهم لقد عملت «ريتويت» لـ «بوست» حول غزة وهذا آخر ما أقدر عليه لمناصرتهم.. ويردد آخر أننى لم أحتسِ قهوتى المفضلة من ستاربكس منذ السابع من أكتوبر. أليس فى ذلك ما يكفى من التضامن؟ كل هذا تضامن وكل ما يقومون به هم مقاومة، وبعض الأمل أو كله هو أكثر فعل مقاومة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمل كفعل مقاومة الأمل كفعل مقاومة



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon