توقيت القاهرة المحلي 11:26:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأمل كفعل مقاومة

  مصر اليوم -

الأمل كفعل مقاومة

بقلم - خولة مطر

هم يقاومون.. نعم هم يقاومون والإبادة مستمرة، يقاومون التطهير العرقى المستمر أيضا، يبقون هم يقاومون بمختلف ما تيسر من قوة. يقاومون والموت يصطادهم فردا فردا حتى آخر طفل وطفلة. حينها يبقى طفل آخر قريب أو جار يقاوم. يهدمون بيوتهم فوق رءوسهم ويصرخون تحت الأنقاض حتى يخفت صوتهم ولكنه لا يموت فما إن يستطيع المسعفون الوصول لهم حتى يجدوا حياة تخرج من تحت الرماد، والمذهل أن تلك الحياة هى طفل صغير أو طفلة بقيت تحت الحجر لأيام وأيام حتى سُحبت الجثة من تحت الركام وهو ينادى عمو عمو «أمى هناك روحوا لها أول»، أليس فى ذلك فعل مقاومة؟

• • •
هم لا يقاومون بالسلاح والقذائف والبيانات والفيديوهات وكل أدوات الحرب من عسكرية وإعلامية، بل هم يقاومون بأجمعهم أى كلهم نساء وأطفال وشيوخ وشباب ورجال وكل مخلوقات الله! تلاحقهم الصواريخ فيدنو الموت ليقتنص أحبتهم وهم كثر. فلن تستطيع أن تسأل غزاويا أو غزاوية إلا ويكون الرد أنهم فقدوا 40 أو 60 أو كل أفراد عائلتهم.. يرمون بهذه المعلومة لك أو لها وهم سائرون يبحثون عن سقف حتى لو كان خيمة ليستظلوا بها.. أليس فى ذلك مقاومة؟
• • •
وسط الجوع والعطش والحصار حتى على الهواء وماء البحر وثمراته، يغنى الأطفال فى ساحات المدارس التى تحولت إلى ملاجئ أو أمام خيمهم أو بين موجة وأخرى على شواطئ غزة قبل أن تطاردهم القذائف الشيطانية. يغنون للوطن والأرض مرة وللأهل الذين رحلوا سريعا مرات ومرات، ثم يهرولون بحثا عن حفنة طعام لما تبقى من عائلتهم القريبة أو تلك التى أصبحت عائلتهم بعد أن رحل الجميع! أليس فى ذلك فعل مقاومة؟
• • •
يستمرون فى التدريس أو البحث أو مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه فى الخيم والزنانة فوق رءوسهم، وصراخ الأطفال يأتى من قريب ورائحة الموت تحيط بهم أقرب من المقابر! أليس فى ذلك فعل مقاومة؟
• • •
يعرفون أن عليهم أن يقولوا للعالم أننا لا نزال هنا بعد سبعة أشهر أو أكثر حتى فى شمال غزة وفى رفح وفى كل بقعة من غزة والضفة وكل فلسطين.. يرددون نحن لا نزال هنا باقين فوق أرضنا. يلملمون جراحهم ويمسحون الدمع الغزير كما غزارة دمهم، ويقولون لطلاب العالم فى جامعاته «شكرا» لأنكم وقفتم معنا وطالبتم بوقف المجزرة بل الإبادة.. أليس فى ذلك مقاومة؟
يمسح أحدهم دمعة طفل بعد أن سأله «لماذا تبكى عمو؟» ويرد الطفل وهو خجل من دمعته «ماتت أمى وبيى وكل إخوتى» فيمسح دمعه ويلاطفه ويقول له ما يعنى أنهم كلهم أو ما تبقى منهم أمهات وآباء له.. ثم يمسك بيده ويمضون معا.. أو يراه يتلوى من الجوع فيطعمه من طعامه وطعام كل من معه فى الخيم ويمضون من شارع لشارع ومن شمال لجنوب أو شرق لغرب وهى - أى آلة الحقد والإبادة - تطارد الأرواح البريئة، فيقومون بمسح دموعهم ويمضون سائرين. أليس كل ذلك فعل مقاومة؟
• • •
يضعف أحدهم فهم بشر بلحم ودم فيقول «ألا يكفى كل هذا الموت والدمار؟» ويتساءل آخر لماذا فعلوا بنا ذلك؟، أو حتى يحمله اليأس والجوع والحزن إلى لوم نفسه أو أهله على ما يجرى وكل ذلك ردة فعل إنسانية بحتة، فنحن لسنا ملائكة ولا هم كذلك ونحن لسنا بشرا فوق البشر أو أقوى منهم وهم كذلك أيضا.. أليس فى اعترافهم بضعفهم شىء من المقاومة أيضا؟
• • •
يقول أحدهم كلما تابعت جولاتهم هنا وهناك واجتماعاتهم المغلقة و.. و.. وكثير من ما يتسرب منها إلى الصحف الإسرائيلية، ينقبض قلبى وينتابنى وجع فى الصدر فالقادم مخيف جدا.. يردد هو/ هى ذلك وهم فى بقاع بعيدة عن مرمى أسلحتهم وهم ونحن كلنا نجلس فى غرفنا المكيفة نحتسى الشاى والماء المثلج وموائد طعامنا تسد عين الشمس.. وهناك يرسل لهم أطفال غزة تحية وحبا وكثيرا من الأمل وهم يرددون نشيدا حبا لأرضهم.. أليس كل ذلك فعل مقاومة؟
• • •
من السهل أن تسير حياتنا كما هى مع بعض «التنكيد» كلما قفزت صور غزة وفلسطين أمامنا، بل ومن الأسهل أن نتصور أن بمتابعتنا لتلك المشاهد الموجعة ما يكفى كتعبير عن تضامننا معهم، ومن السهل أن يقول أحدهم لقد عملت «ريتويت» لـ «بوست» حول غزة وهذا آخر ما أقدر عليه لمناصرتهم.. ويردد آخر أننى لم أحتسِ قهوتى المفضلة من ستاربكس منذ السابع من أكتوبر. أليس فى ذلك ما يكفى من التضامن؟ كل هذا تضامن وكل ما يقومون به هم مقاومة، وبعض الأمل أو كله هو أكثر فعل مقاومة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمل كفعل مقاومة الأمل كفعل مقاومة



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon