توقيت القاهرة المحلي 09:04:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين فسحتين

  مصر اليوم -

بين فسحتين

بقلم: خولة مطر

ربما هل هلاله ليكون فسحة ما بين وبين.
أو هو فتح كوة فى باب كان يبدو لكثيرين وكأنه قد أغلق إلى الأبد.
مع هلاله عرف الكثيرون أن البقاء بالبيت ليس دائما كارثة، وما لم يستطع الفيروس أن يقنعهم به استطاع شهر رمضان أن يقوم بذلك ربما... هل لأنه غير نمط كان قد تحول إلى روتين قاتل لمدة شهر أو أكثر حسب أى مدينة؟ أم لأنه خلق حركة فى البحيرة التى بدأت تركد بعض الشىء و«زهق» الكثيرون من مشاهدة نتفلكس أو لعب الورق أو الطبخ والأكل المستمر، وأسقط فى يد الجميع «ما الذى نستطيع أن نقوم به فى ظل الحجر المنزلى»؟ دخل شهر جديد بملامح لا تشبه سابقاته من الأشهر، فتغيرت الأجواء وراحت كل وسائل التواصل تعيد تكرار تلك الأغانى القديمة التى ارتبطت به، أو حتى ما استجد من محاولة لتحديث التراث والتماشى مع «الهشك بشك» والموسيقى الصاخبة والكلمات التى لا يعرفها كثيرون ممن هم أكبر من الأربعين عاما..
***
تنافست المحطات لسرقة المشاهدين للمسلسلات التى تقدمها، وهى كثيرة كثيرة، وتنفس الكثيرون الصعداء... فقد يخف صراخ برامج «التوك شو» ونرتاح من هذا وذاك، رغم أن بعضهم رفض المغادرة فغير بعض جلده وعاد ليسرق تلك المساحة منغصا على الصائمين مساءاتهم الرطبة بجو ربيعى لا يعرفه الملتزمون بمنازلهم سوى من خلف النوافذ ومع نشرات الأحوال الجوية.. زخات المطر لم تبخل على الهلال فى أول أيامه لتعلن فسحة بين مزدوجين..
***
كثرت إعلانات الأكل كعادة الجميع فى هذا الشهر ولكنه يهل هذا العام وقد سبقه شهران من الاجترار الذى لم يتوقف ووصفات الطبخات على الانستجرام. ولم تختف طبعا «الشحادة» المعتادة من قبل الجمعيات الخيرية المتربعة على العرش.. أصيب الكثيرون بدوامة متلازمة التناقضات على شاشات العرب.. امرأة تقول بأنها لن تستطيع أن تصنع الفتوش لعائلتها لأنه يكلف أكثر من 20 دولارا والحد الأدنى للأجور هو 150 دولارا، وأخرى تغرى الصائمين بأصناف من هنا وهناك.. تلك المرأة تتخلى عن طبق رئيسى على مائدة الإفطار وأخرى تصور مطبخا فخما ومائدة ملوكية اصطفت عليها أطباق لا يحلم بها جياع العالم.. والمحزن أن كثيرا منها سينتهى فى سلة القمامة..
***
وإذا كان سعر الخضار الذى يزرع فى أرضنا هكذا فما بالك بالمواد الأخرى التى تستورد بأجمعها، فبعض بلداننا حولت مزارعها إلى مجمعات سكنية، فقطعت الشجر من جذوره، وأغلقت المصانع بالشمع الأحمر وتحولت إلى دول «تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تصنع» كما قال جبران وأكمل، فويل لأمة..
***
كان ذاك المدرب المتحمس يردد على مجموعة من نساء الجنوب اللبنانى «عندما تغزوكم العولمة ستباع لكم ربطة الزعتر بثلاثة دولارات بينما كانت تنمو عند أبوابكم»!!
كل هذا لا يهم، لا يهم أبدا الآن.. كل الهم على السؤال المكرر «ماذا سنطبخ للإفطار» ومن بعده أى مسلسل أو مسلسلات سنحضر، ثم و«ماذا عن السحور».. لم تكتف المحطات بالمسلسلات التى تنوعت بين الساقط والمتوسط والأقل من المتوسط!! ولكن ازدحمت المحطات ببرامج المسابقات وفى مجملها ثقيلة الظل ومصطنعة كما كثير من البرامج الخفيفة.. لا نعرف ما السر فى أنه فى رمضان «يستظرف» معدو البرامج والممثلون والممثلات حتى يسقطوا فى مستنقع السقوط المدوى فى المضمون والتمثيل..
***
الوجوه النسائية مهمة للمسلسلات طبعا فهى تروج لها أكثر من المضمون والحوار والحبكة، دعكم من كل ذلك فالحبسة فى البيت تركت كثيرين بعيدين عن الوجه الحسن، فأنقذتهم المسلسلات بنساء كثيرات لا علاقة لهن بالتمثيل. ألم تتحول المرأة عندنا وعند العالم منذ سنين إلى «سلعة» للتسويق والترويج.. وحتى لا يتذمر الرجال فقد أصابهم الداء أيضا وتوجه لهم المنتجون يبحثون عن كثير من الوسامة أو ربما عند بعضهم «الصياعة»..
***
انحطاط الذوق كفيروس الكورونا، انتشر منذ سنين بين المسلسلات الرمضانية... ففيما كان جميع أفراد العائلة يتحلقون حول التلفزيون بعد الإفطار لمشاهدة مسلسلات تاريخية محبكة كسيرة بعض الشخصيات التاريخية المؤثرة، أو التغريبة الفلسطينية، أو «رأفت الهجان»، أو كل ما كتبه المبدع أسامة أنور عكاشة، أو حتى مسلسلات الحب والرومانسية الناعمة كملمس الحرير، كل ذلك تبخر وتحول إلى حوارات من كلام أقل ما يقال عنه إنه بذىء، وكثير من القتل والدم و«المطاوى» والخيانات وضرب الزوجات وكل نساء العائلة من قبل رجال متسلطين لكان «سى السيد» لعنهم لو خرج من قبره وتبرأ هو والعبقرى نجيب محفوظ من فهمهم لدور الرجل فى مجتمعات منغلقة..
رغم كل ذلك إلا أن قد يكون رمضان فسحة ما بين حبستين!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين فسحتين بين فسحتين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon