توقيت القاهرة المحلي 09:11:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خربشات فوق صفيحة نفط

  مصر اليوم -

خربشات فوق صفيحة نفط

بقلم: خولة مطر

تصل عاصمة ما أو مدينة وتتابع قبل وصولك وبعده حوارات تدور هناك حول تنويع مصادر الدخل والتطورات فى التكنولوجيا والابتكارات الحديثة.. تتفاجأ بعدد الشباب فى البرلمانات والمناصب والمبدعين منهم.. لابد وأن ترى مدنا كانت حتى فى دول عالم ثالث تحولت وخلال فترات بسيطة إلى مساحات واسعة لإنتاج المعرفة وحملات مجاراة التطورات التكنولوجية الحديثة الصديقة للبيئة.

***
تزور الأسواق فتجدها مليئة بالمواد المنتجة ومصنعة محليا.. ولا تستطيع أن تمنع نفسك من المقارنة مع مدننا ومسئولينا و«ممثلين شعوبنا» أو أن تتذكر جبران خليل جبران ومقولته الشهيرة «ويل لأمة فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين، ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر، ويل لأمة تحسب المستبد بطلا، وترى الفاتح المذل رحيما.. ويل لأمة مقسمة إلى أجزاء، وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة..».

***
تقرأ عما تصدره الدول للعالم وتقارنه بما نصدره نحن؟! عن الاستثمار فى العقول والمواهب والإبداع وتجد أن أكبر ما تصدره الهند هو شبابها الأكثر ذكاء ومهارة ومعظمهم خريجو «كلية الهند للتكنولوجيا» التى أصبحت قبلة لجوجل ومايكروسوفت وغيرها من الشركات العملاقة فى الولايات المتحدة.. فيما يردد بعض الخليجيين «ليش أنا هندى» مع لهجة احتقار لذلك المواطن الذى يعمل ليل نهار ليوفر لهم حياة أفضل والذى يعامل فى بعض الأحيان معاملة العبيد!

***
سنوات مما عرف بالطفرة النفطية والأموال تتدفق لم تزدنا سوى اعتماد على الخارج واستهلاك واتكالية.. لم نستثمر فى المراكز البحثية عندنا أو فى الدول المجاورة ولم نرسم خططا مستقبلية طويلة الأمد لنخلق شبابا أكثر معرفة وخبرة وانفتاحا على العالم حتى تلك الفئة التى التحقت بأهم جامعات أمريكا وأوروبا عادت لتستمر فى نفس النهج الاقتصادى الاستهلاكى أى فى العمل فى التجارة ووزارات الدولة أو قطاع خاص يستورد كل الماركات الحديثة ويستهلكها بنهم لا سابق له للاستهلاك المقيت!

***
وفيما كانت الهند والصين والدول الأخرى تعمل على ابتكار أسرع قطار وأهم دواء لمحاربة الأمراض المستعصية وإيجاد بدائل للطاقة صديقة للبيئة ومعالجة المياه وتوفير خدمات رخيصة وإيقاف الانتهاكات المستمرة للبيئة وغيرها، كنا نحن نتفاخر بأكبر عمارة بنيت بسواعد عمالة وافدة رخيصة تعمل ساعات الليل والنهار وتعيش فى مساكن غير آدمية وتمارس عليها كل أشكال التعسف وتنتهك حقوقها المعترف بها فى المواثيق الدولية.. وفيما هم ينتجون كنا نحن نغرق فى الحوار الطائفى المغيت وتوزيع الشهادات لدخول الجنة وعمليات التشهير والتكفير بالآخرين.. ثم نعود لنبذل الأموال لشراء الأسلحة تحت رايات محاربة الإرهاب فنهدر موازناتنا على كميات من الأسلحة تخلق فرص عمل كبيرة فى مصانع بعيدة جدا فيما نحن نعانى من أكبر نسبة شباب عاطل من العمل فى العالم!

***
وفيما هم يبنون المصانع والمختبرات الحديثة كنا نحن نتبارى فى عدد المساجد والمراكز الدينية التى فى مجملها ساهمت فى نشر الفكر التطرفى والتكفيرى وخطاب الكراهية المتبادل.. وحوارات لا تبعد كثيرا عن أين يسكن الشيطان بيننا وكيف يفرق الزوج عن زوجته ووو!

***
هم يطورون وسائل التواصل لنشر المعرفة والعلم ونحن نساهم فى استخدامها الخاطئ لتصبح أداة للتدمير ونشر التسطيح المطلق والإشاعات التى تقسمنا إلى شعوب ومناطق وجماعات وقبائل..

***
وهم ينتخبون رئيسا لبلديتهم مسلما من باكستان ووزيرة من أصول عربية ونحن نرفض من عاشوا معنا منذ سنين ولا نمنحهم لا حقوق ولا جنسية بل فى الكثير من الأحيان نسحب جنسياتهم عنهم وإذا منحنا جنسيات فهى حسب الولاء بدلا من الاستثمار فى العقول كما تفعل معظم دول العالم لمن سيقدم للمجتمع خبرة أو معرفة أو علم.

***
نجرى خلف القشور لنرسم صورا لمدن حداثية أو ما بعد حداثية بمجمعات ضخمة وأسواق ومحال فاخرة ومطاعم من الأكل الصينى إلى السوشى والإيطالى والهندى والمكسيكى ونستنسخ نماذج مختلفة للثقافة دون الاهتمام بالمحافظة على ما تبقى من تراثنا أو ثقافتنا.. فالطعام ثقافة أيضا وتعبير عن حضارة وهو شكل من أشكال الثراء الذى تصدره الشعوب لزوايا الكون كما يفعل الصينيون والهنود والإيطاليون وغيرهم.. فيما تصبح الوجبه المحلية مصاحبة للمهرجانات الموسمية الممجوجه وكأنها تحفة فنية نظهرها فى موسم وتختفى طوال العام!

***
فقدنا حتى لغتنا ولم نحافظ عليها رغم أن الجميع يردد أنها لغة القرآن ورغم جماليات تفاصيلها وأصبحت الصورة النمطية لمجموعة من الشباب المتعلم هى التواصل باللغة الإنجليزية وعدم معرفة خط فقرة واحدة بلغتهم الأم فيما هم يكثرون العبادة والصلاة! أو ما يشبه الصلاة والدين أو قشورهم.

***
يبحث البعض عما تبقى منا فلا يجد سوى قشور القشور أو مسخ لثقافة وحضارة.

ولا زلنا نردد «ليش أنا هندى!» عجبى!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خربشات فوق صفيحة نفط خربشات فوق صفيحة نفط



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon