توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كورونا البريئة من طائفيتكم

  مصر اليوم -

كورونا البريئة من طائفيتكم

بقلم: خولة مطر

ساد الرعب بلاد العالم، ويتابع الجميع الأخبار القادمة من وزاراة الصحة أو منظمة الصحة العالمية عن أعداد الإصابات الجديدة بفيروس الكورونا.. ساد الخوف ربما لعدم المعرفة بهذا الفيروس أو لأن الإعلام كعادته اصطاد قصة جديدة تزيد من عدد المشاهدين أو المتابعين.. البعض حتى فى الدول الأكثر ديمقراطية حيث المحاسبة سيدة الموقف ولا تستطيع أى حكومة أن «تكذب» أو «تزور» أو «تخفى» الحقائق، حتى فى مثل هذه الدول أفرغت المتاجر من المأكولات.. حتى الشوكولاتة أصبحت من المواد التى تعد ضرورية لتخزينها خوفا من اليوم الذى يطالب به الجميع الالتزام بالبقاء فى منازلهم..
***
الخوف هو أكثر المشاعر قوة ولا مناعة للكثيرين منه، الخوف من التغيير، من المرض، من الطبيعة عندما تغضب من أى قادم جديد.. ولذلك فقد كان الخوف هو من ثبت حكما لسنين طويلة أيضا عندما تعمل حكومات عبر أدواتها المختلفة على تخويف شعوبها من أى جديد أو أى محاولة للتغيير، وبذلك عن طريق كتم أى آراء مختلفة أو مشاعر بالغضب نتيجة سياسات مجحفة أو حتى تململ من اقتصاد ينهار تحت مرض الفساد المستشرى.. ينهمك الأفراد فى أمورهم الحياتية الآنية وكحكوماتهم يترك القادم على الله!!! حتى أصبحت القدرية هى أكثر الوسائل المساعدة على تأقلم الأفراد وتقبلهم لحياة من اللهث خلف تدبير الأساسيات وقروض فى البنوك والاتكالية.
***
لكل ذلك استطاع فيروس الكورونا أن ينشر الذعر، فأوقفت المدارس وألغيت المؤتمرات وأفرغت المراكز الثقافية من زوارها وأصبح المنزل هو المأوى الأول والأخير يلوذ له وبه كل أفراد العائلة ويبتعدون عن الزيارات مع استمرار الغزوات على السوبر ماركت والمتاجر التى كانت تكدس المواد الغذائية وخاصة المعلبات، فالبعض ينذر أن الكورونا الشيطانة ستتحول إلى وباء بشكل سريع.
***
كل ذلك قد يبدو مبررا إلى أن قالت لى تلك الزميلة الصينية إنها كانت تتمشى فى الشارع فراح الناس يشيرون لها مرددين كورونا كورونا.. ورددت أنها لا تلومهم فالإعلام قد أثار رعبهم ووسائل التواصل الاجتماعى نشرت مقاطع بشعه لكيفية مكافحة الكورونا من قبل السلطات الصينية.. أمر لا يبدو إلا أنه إبداع لعقل مريض.. وهذا العقل المريض لم يتوقف عند الصور والسخرية والعنصرية ضد الصينيين فما إن أعلنت إيران عن حالات من الإصابات حتى سيس الفيروس البريء من طائفية مغيبة قد تم غرسها فى عقول الصغار قبل الكبار وراح الكثيرون ودون خجل يرسلون الرسائل على وسائل التواصل يطالبون بالعزل وهم يغمزون من صوب طائفة معينة ويسقطون الكراهية التى تم حقنها على مدى سنوات لتشمل الشعوب وليس الحكومات فقط.. فقد تختلف دولتان او حكومتان حول أمور سياسية ولكن ما ذنب الشعوب فيما يحدث خاصة وأنه لا حول ولا قوة لمثل هذه الشعوب فى صنع القرارات السياسية أو الاقتصادية ولا حتى الاجتماعية، بل لا حيلة لهم فى رفض طريق يشق حيهم بالنصف أو طريق يُسد ليوفر لمسئول أو متنفذ ما مساحة أكبر لحديقة فى بيته أو حتى الاستيلاء على حديقة عامة!!
***
لم يتبق إلا أن يقوم بعضهم بطرح السؤال «هو فيروس الكورونا شيعى أم سني؟».. وهذا هو السؤال الذى لا يطرح بشكل صريح بل بطريقة مواربة لنفى الطائفية عن فئات واسعة من مجتمعاتنا، تلك التى افترسها فيروس الطائفية قبل هذا الفيروس «المسكين» الذى هو لا يتعدى أن يكون من «عائلة» الانفلونزا وكل ما يمكن القيام به لتفاديه هو النظافة ثم النظافة والابتعاد أو عزل المصابين.. ولكن هل لدى حكوماتنا ووزارات الصحة فى منطقتنا والعالم مصل ضد الطائفية والعنصرية واستخدام ما يحمله القاموس العربى والإنجليزى من تعابير بذيئة خارجة عن تراثنا وتقاليدنا ولغتنا الجميلة التى شوهها البعض.. للحظة يتخيل المرء أن العائدين من العمرة قد أصيبوا بهذا الفيروس هل ستقبلون من وضعوا فيديوهاتهم ومقولاتهم المليئة «بالحكمة» على وسائل التواصل، هل يتقبلون المعاملة ذاتها من رفض الآخر والتعامل معه وكأنه مواطن درجة ثانية أو حتى السخرية.
***
كورونا التى فضحت طائفيتهم وعنصريتهم لا يمكن إلا أن تكون مفيدة لفضح هذا المرض والبحث عن حل سريع، وإلا فستكون طائفيتنا أكثر فتكا وقتلا وموتا من أى فيروس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا البريئة من طائفيتكم كورونا البريئة من طائفيتكم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon