توقيت القاهرة المحلي 09:08:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بالروح بالدم!

  مصر اليوم -

بالروح بالدم

بقلم: خولة مطر

كانت الهتافات دوما للزعيم وكان الناس لا يعرفون إلا ترديد بالروح بالدم.. كان ذلك عندما كانت الشعارات تقليدية لم يبتكر تجار التصفيق «للواقف» التجديد فيها.. كان وكان أما الآن فبقى بعض أثر تلك الشعارات، ما زال بعضهم لا يعرف سوى الولاء التام أو الموت تحت عجلات الطاعة لشخص ما، شخص هو يتحول بفعل فاعل أو بفعل قبيلة أو طائفة أو دولة أو جيش أو سلطة إلى زعيم رغم أن كلمة زعيم أصبحت فضفاضة وقابلة لأن تكون على حجم الصغير قبل الكبير.. صغر الزعماء كما كانوا يسمونهم وما زال بعضهم ولم يكبروا أبدا لا بسياساتهم ولا بصراخهم ولا بخطاباتهم بعربية مكسرة تحث على الولاء أكثر والتخويف من القادم إن هم انتفضوا أو رفضوا بعض السياسات المتخبطة ولكنها لا تحيد عن ذلك الخط.. مزيد من الثراء لهم وكثير من الفقر والعوز والوجع للآخرين، كل الآخرين من ملايين بقيت لفترة طويلة مؤمنة بأن هذا الصغير القادم يملك العصا السحرية التى ستزيل آثار سنين الفساد والظلم.
***
هم أيضا ربما صدقوا تلك الكذبة ولذلك فكان من السهل اللعب على مشاعرهم بالتحشيد والتخويف من العدو الرابض عند خاصرة الوطن القادم ليحرق زرعهم ويهدم بيتهم.. هنا تثار النخوة لدى الجموع التى تسير أحيانا وتحكم كما يسير الراعى قطيع الماعز فوق التلال والجبال الوعرة.. لم يعرفوا يوما أن العدو حقيقة هو الراقد فوق فراش الحرير فى ذلك القصر بأسواره العالية وحراسه بعضلاتهم المفتولة، والأسلحة الحديثة ربما تكون قد بيعت لهم ومؤخرا ضمن تلك الصفقة الشهيرة التى أعلن عنها هو بسخرية شديدة ذاك اليوم فى بيته ناصع البياض بملح أرضهم!
***
كانت تلك اللحظة هى ما كسر ذاك الحاجز واختفت «سكرة» الشعب الذى صدق أنه عظيم فقط لأنهم كانوا يرددون فى استهلال خطاباتهم بعربية مكسرة وتلعثم فى لغتهم الأم «إيه الشعب العظيم» وهم يعرفون أن بعض تلك الشعوب قد تصدق وبعضها الآخر قد يخاف وفى الحالتين النتيجة واحدة، أن يعض الناس على جرحهم ويستمرون معولين على الله ربما أو على معجزة من السماء أيضا فلم يعد لأرضهم قلب يرى ويسمع الأنين.
***
قبل الكثيرون بطاعة «ولى الأمر» أو «أولياء الأمر» فهم أحيانا واحد وكثير كثر مختلفون فى كل شىء إلا على توزيع الغنائم كما كان الأولون قبل أكثر من ألف سنة عند الغزوات فيصبح كل شىء قابلا لأن يتحول إلى مجرد غنيمة حرب حتى النساء! الآن هو زمن الغنائم بحروب اقتصادية وصفقات تجارية كلها تتشابه فتعددت الأشكال والمضمون واحد!
***
استبدلت عبارة «بالروح بالدم» وتحولت إلى «الشعب يريد» أو «الشعب جعان» أو «وينكم يا حكام» وراح كل منهم يسرد عذاباته على الملأ عبر شاشات التلفزة رغم أن كثيرا منها ملك لنفس تلك الطبقة، كل الإعلام لهم والبرلمانات لهم والتجارة لهم والصناعة لهم وحتى «الخبز» وساندويتش الشاورما يريدون قطعة منه!! فحرام أن يستفرد الفقير بمحله الصغير الذى يعيل به أهله ويعلم أطفاله وربما يستطيع أن يوفر لهم الطبابة.
***
هم أيضا قرروا أن الحكومة أو الدولة أو القبيلة أو الزعيم ليسوا مسئولين عن توفير الحاجات الأولية للمواطنين. تدريجيا تحولت المدارس والمشافى إلى «بوتيكات» كل على حسب ما يملك، الطب الجيد للأثرياء، وللفقراء التجارب فى غرف العمليات المتسخة أو الموبوءة.. فإما يموت المريض بخطأ طبى أو بجرثومة لبدت له فى مستشفى العامة وليس مستشفى النخبة الفاخر بمطاعم ومقاهى وأحيانا حتى بموسيقى حية!
***
وما زاد الطين بلة أنهم قرروا أن على الشعب أن يغطى إفلاس اقتصاداتهم أو حتى ضعفها وعدم قدرتها على الصمود، لا وزير يتجرأ ليفسر للعامة لماذا أفرغت الخزائن من أحشائها.. لماذا تحولت العملة إلى مجرد ورق؟ لماذا أفقرت حتى الطبقة التى كانت لسنين طويلة متوارثة نشاط أهلها الاقتصادى حريصة على أن لا ترفع أسعارها عندما كان هناك «تجار وطنيون» برجوازية وإقطاعية وطنية.. ربما هى اللحظة ليقظة متأخرة بعض الشىء ولكنها قد تكون الإنذار الأخير.. فقط طفح الكيل ولم يعد للصبر صبر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بالروح بالدم بالروح بالدم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon