توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ارحمونا فقد مللنا نصحكم

  مصر اليوم -

ارحمونا فقد مللنا نصحكم

بقلم: خولة مطر

كلما تحدث المتحدثون عن الواقع العربى أو العام يذكرون بوقائع كانت مخفية حتى تقاعد أو استقال أحد المسئولين الكبار فى عواصم «صنع القرار» أو «الأخ الأكبر» فما لبثوا وأن كشفوا عن تفاصيل محادثات ولقاءات بقيت ضمن نطاق السرية جدا فى غرف موصدة الأبواب بإحكام.. وليس أمتع من أن يستطيع المرء أن يتذكر موقفا أو قرارا مصيريا ويكتشف أن الوصول إليه قد استغرق لحظات أو أن كثيرين شاركوا فى صنعه حتى من يدعون بأنهم ضده!!! وفى كل هذا الكم من المذكرات لا يمكن إلا أن يكون كسينجر على رأس القائمة.. حيث تعد مذكراته مرجعا لمرحلة تاريخية هامة، بل لمراحل ليس فقط بالنسبة لمنطقتنا أو البقعة المظلمة من العالم الذى تعليه موجه وتطيح به أخرى فيما القائمون على صنع القرارات فيه ملهيون بأمور أخرى!!!
***
كل هذا الكم من الكتب التى تكشف حقائق عن الأصدقاء والأعداء أو «الأصدأعداء» لا يقرأها الكثيرون منا بشكل جيد أو متمعن إلا ليزينوا بها مجالسهم وأحاديثهم المطولة عن مدى معرفتهم واطلاعهم لكواليس صنع القرار فى «مطابخ» بعيدة جدا عن حدائقهم الخلفية.. أما هم، مسئولونا هنا فما أن يعزلوا من مناصبهم، ــ فالمسئول فى الكثير من الأحيان إما يتوله الله أو ينبذه البلاط ــ إلا ويتحفوننا بمقالات مليئة بخطط ونصائح لإنقاذ الاقتصاد مرة، والثقافة أو التعليم أو الصناعة أو التجارة أو أو أو. وليسوا هم الوحيدون فالكثير من الموظفين الدوليين لا يختلفون عنهم فى محاولة البقاء تحت ضوء ما حتى ولو كان فانوس مكسور فى زقاق!!!
***
وربما يتعلم المرء من تجاربه، وآخرون يستطيعون الرؤية من زاوية أخرى عندما يتحررون من ثقل المنصب أو حتى فقط أن يستطيعوا أن يعبروا عن رأى أو موقف كان سيكلفهم الكثير بما فى ذلك حياتهم أحيانا!!! ولا يملك أى شخص أن يمنع عنهم أو عنهن هذا الحق ولكن ألا يبدو الموقف غير مبرر أو مفهوم عندما لا يقوم من يفتى فى قضايا الاقتصاد مثلا أن يعتذر قبلها لأنه قد فشل فى وضع خطة متنوعة للاقتصاد تبعد عنه شبح الإفلاس المتكرر أو «استعباد» سعر برميل النفط حتى أصبح كثيرون لا يبدأون يومهم إلا بالسؤال المكرر منذ البئر الأولى فى تلك الصحراء العطشى.. لا يكشف ذاك المسئول المعتق عن بعض الصناديق السوداء المخفية أو بنود الميزانيات فى الخزائن الذهبية المخفية عن الأعين!! لا يكشف عن سبب تسرب بلايين الدولارات والدنانير بعد سنوات من انتعاش أسعار تلك السلعة الوحيدة...
***
إذا كان الاقتصاد «خطا أحمر» فماذا عن الثقافة والإعلام والتجارة والصناعة والعمل والشئون الاجتماعية والسياسة السكانية والتخطيط أو التخطيط العمرانى؟؟ كلها أسرار كونية لا يمكن الكشف عنها؟؟ يستطيع أحدهم وهو الواقف عند حافة قبره أن يكشف عن مخابئ غض العين والطرف عن الصرخات المتكررة منذ السبعينيات أو ما بعدها بقليل وذاك الإغراق للعمالة الوافدة «الرخيصة»!! ولا أن يقول أين تبخرت مخصصات الأسر المحتاجة؟؟ أو كيف توزع المساكن والأراضى؟؟ أو هم لا يتقنون إلا فن النصح الممجوج والتنظير لسياسات أكل عليها الدهر وشرب أو حتى التبجح بأن أصواتهم قد بحت فى الاجتماعات الوزارية أو فى مجالس الإدارة أو فى تلك المنظمات الدولية العريقة حيث الدراسات والبحوث أكثر من سلل الغذاء والأدوية للمحتاجين!!
***
بعضهم يتخطى النصح ليتحول إلى «معارض» ويرفع الصوت عاليا، فيصفق العباد ويعلو الهتاف فما هذا المعارض المقدام والذى كان قبل سنوات حاجبا برتبة وزير مع الاعتذار للحاجب طبعا.. وقع بنفسه قرارات دمرت التعليم لسنين وركعت الاقتصاد تحت وقع العقار والدين من صناديق ومؤسسات أحكمت قبضتها على رقبته حتى لم تترك له إلا ما يكفى لبقائه حيا!! أو ذاك الذى قتل المزارع الواسعة ورحّل الفلاحين قسرا إلى مدن الصفيح ودمر الصناعة وكأنه ينتقم منها ومعها تبخرت تلك الطبقة التى تتغنى بها كتب التاريخ ألا وهى «البرجوازية الوطنية» تلك التى عندما قيل لها إن زراعة الكيوى أكثر ربحا من القمح أو القطن أو الأرز أو أقنعهم ذاك الخبير بأن شعوبهم بحاجة إلى «الأفوكادو» أكثر من حاجتها لرغيف الخبز!!! أولئك الذين رفعوا الصوت عاليا بالرفض حتى اقتلعتهم الرياح القادمة من الأهل قبل الأغراب.. أولئك الذين تركوا خلفهم بعضا من بصيص نور فى زمن لم يعرف سوى العتمة المستدامة..
***
لا يستطيع أحد أن يعتب على أحدهم لكونه قد نقل «البندقية» من كتف إلى آخر فهذه الأخرى جزء من تطور البشر فى المعرفة والثقافة والوقوف مع النفس ومحاسبتها أو هى تصحيح موقف خطأ.. ولكن ألا يبدو أنه من الأفضل أن يعتذروا أولا لضحاياهم الكثر من «الرعايا» ألا يبدو من المهم أن يكفروا عن بعض ذنوبهم بالكشف عن سياسة ومخطط محكم لتمزيق لحمة مجتمع ما عبر تخطيط عمرانى خبيث يفتت المفتت.. ألا يستطيع بعضهم أن يغمزوا حول المخفى من الميزانيات وأين تبخرت رغم أنهم قد يكونون بعض المستفيدين منها.. ثقافة الاعتذار لا تزال بعيدة عن مجتمعات يعتقد الكثيرون فيها بأنهم «عباقرة» فيما هم أسماك صغيرة ألقى بهم برميل نفط فى محيط متلاطم الموج وأسماك القرش تحيط بهم وهم لا يزالون يلعبون «الفيديو جيمز» منتصرين على الأعداء القادمين من مدن العلم بالحربة والسيف والخيل العربى!!!
***
الرجاء اطفأوا النور وأنتم خارجون من ذاك الباب الضيق فلا أحد يريد نوركم ولا نصحكم ولا حتى أصواتكم المبحوحة من زمن عبودية النياشين..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارحمونا فقد مللنا نصحكم ارحمونا فقد مللنا نصحكم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon