توقيت القاهرة المحلي 05:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كل هذا الانحطاط

  مصر اليوم -

كل هذا الانحطاط

بقلم: خولة مطر

تساقطت أحجار هذه الأمة واحدة وراء أخرى، وفى كل مرة يربِّت المتفائلون على أكتاف بعض، وينهون الحديث المتشائم ببعض التفائل بأنه السقوط الأخير، ولم تعد هناك هاوية أخرى بعد كل ذاك الانحدار. التساقط بدأ كما يبدو على الصعيد السياسى فابتعد المعارضون والمثقفون والثوريون السابقون وحتى بعض القوميين والماركسيين، الخطابات الرنانة ربما خوفا أو ربما ــ كما يقول بعضهم اليوم: «ماذا استفدنا من سنوات النفى فى بقاع الأرض أو قضاء سنين طويلة فى زنازين معتمة أو حتى المطاردة فى الرزق».. تحول كثيرون منهم ومنهن إلى الثقافة والفن والموسيقى والمسرح والسينما حتى استطاع بعضهم أو «يغمز» من بعيد لبعض ما أصاب الكيانات العربية وأنظمتها السياسية من نخر بدأ بالرأس حتى وصل إلى القاع كالسيل؛ إذ يجرف كل ما فى طريقه.. بعضهم توفق بعض الشيء وآخرون سقطوا فى بحيرة العفن دون أن يدركوا ذلك، فقد اكتظت هى بالجماهير الغفيرة من محيطها حتى خليجها.
***
بعضهم أطلق على النقاد لفظ المتشائمين بل المغرضين، فهذه الدول والمجتمعات ماضية فى الصعود السريع!! وما إن هل هلاله وفى أيامه الأولى لم يستطع الكثيرون إلا أن يرددوا «ما كل هذا العفن» واجتمع العرب للمرة الأولى منذ عقود، فلم تجمعهم القضايا المصيرية كما جمعتهم المسلسلات الساقطة فى وحل نفس تلك البحيرة.. ركاكة فى النص والحوار والتمثيل والحبكة وأخطاء فى التاريخ وأخرى حتى فى الديكور، حيث لا علاقة للمرحلة التاريخية بما هو على الشاشة.. أما برامج المسابقات فحدث ولا حرج من الكوميدية السمج والرخيصة إلى إغراءات المشاهد الصائم «الغلبان» والمحبوس منذ شهرين والباحث عن أى شيء يسلى الحضر الذى داهمه فجأة.. بعض تلك الإغراءات مادية، فالمال هو أساسها الأول وأخرى حسية، فتيات بكثير من المساحيق والحركات المبتذلة وغيرها كثير.
***
ما كل هذا الاستخفاف بعقلية المشاهد العربي؟! ما كل هذا الكم من الملل المغلف بالعربات الفاخرة والملابس والاكسسوارات وهى ليست فى مجملها جميلة بل فى كثير من الأحيان ما هى سوى كمية من الابتذال.. أما تبرئة الصهاينة من أكبر جريمة اغتصاب فى العصر الحديث فكان الشغل الشاغل لكثير من المحطات التى ما هى إلا صوت لصانعى القرار. الغريب حقا هو إذا كانوا جميعا مقتنعين بمقولة إن «العرب قد وقفوا مع القضية الفلسطينية» فكيف رد لهم الجميل من قبل الفلسطينيين بكثير من «الجحود»، عذر أقبح من ذنب حقا، وتسطيح لقضية تمثل أبشع أشكال العنصرية. ماذا يريد الكثيرون منهم؟ تبرير قرارات حكوماتهم؟ ولمَ تريد تلك ذريعة للزحف «المقدس» إلى تل أبيب وهو الذى بدأ منذ سنين أحيانا تحت رادارات «الرعايا» فى تلك الدول التى سقطت عتبة عتبة ثم «زحطت» سريعا.. ريتهم وفروا على الصائمين وغيرهم من المحتفين برمضان كجزء من ثقافة وتراث، ليتهم وفروا عليهم كل هذا الانحطاط والنصوص الركيكة حتى تخال أنها كتبت مجتمعة شارك فيها ما يسمون بكتاب السيناريو فى سهرة حتى مطلع الفجر وركضوا إلى مخرجين أكثر جهل فى فن الإخراج ومهندسى ديكور ثم منتهين بممثلين، حتى المتمكنين منهم ومنهن أولئك الذين لديهم تاريخ طويل فى مجال التمثيل التلفزيونى والمسرحى، حتى هم أصابتهم عدو الهاوين المعتمدين أحيانا على الجمال الخارجى والمظهر وكثيرا على السخرية التى لا يمكن أن توصف سوى بثقالة الدم والتفاهة.. لم يستطع هؤلاء جميعا أن يحبكوا حتى قصة حب كما كان الأقدمون، لم يعرفوا كيف يوصلون اللحظة بالأخرى وتصوروا أن بعض الأسماء المخضرمة كافية لكسب المشاهد حتى لو كانت تلك لشخصيات «محنطة» لم تكن قاردة أحيانا حتى على الوقوف، وهذا ليس عيبا فالتقدم فى السن سنة الحياة، ولكن أن يصر بعضهم على التمثيل حتى آخر نفس لهم فهذا هو السقوط أيضا والنهاية الفاشلة لتاريخ من النجاحات.
***
إلى أين يهرب المشاهد العربى الذى تعود على أطباق معينة على المائدة تكملها مسلسلات لم تكن جميعها وعلى مر السنوات الأخيرة موفقة دائما إلا أنها لم تسقط جمعاء كما هو حالها فى هذا الرمضان الكئيب.. ربما لإحساسهم أن المواطن العربى تعود على قبول أى شيء وكل شيء وتعلم الصمت من صغره وعندما عرف أن له صوتا فرفعه فى وجه أولئك، جاءتها المدرعات والمؤامرات والسجون والمنافى والانهيار الاقتصادى فعاد إلى عادته القديمة كما حليمه!! فى رمضان هذا بدا واضحا كم أن المواطن/ الرعية العربى لا قيمة له والاستهزاء بقدراته العقلية قد وصل إلى حد الاستهزاء به!!
***
نداء إلى القائمين والعاملين والمروجين لهذه الأعمال، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء وكفى استخفافا بالمشاهد وترديد مثل تلك العبارات التى انتشرت فى زمن ما عرف بـ «الانفتاح» أى الجمهور عايز كده!!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كل هذا الانحطاط كل هذا الانحطاط



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon