بقلم : يوسف القعيد
دونالد ترامب يترنح. دخل البيت الأبيض محاطاً بالذهول وعدم التصديق والدهشة. من أجبروا أنفسهم علي القبول به قالوا أفضل من منافسته هيلاري كلينتون. لم نكن نعرف عنه أي شيء. ولكن ما نعرفه عنها يفزعنا ويخيفنا.
لم يرحب به أحد داخل أمريكا. واعتبر الإعلام الأمريكي دخوله البيت الأبيض كارثة. وخارج أمريكا قال البعض لننتظر ونري. وها هو يقترب من نهايته تذكرنا بنهاية بيل كلينتون وفضيحته الشخصية. وهكذا فإن هيلاري كلينتون تصلح لأن تكون خيطاً يربط بين حكاية زوجها بيل ومنافسها دونالد.
ترامب يترنح، يرفض أن يقترب من رقصة الوداع قبل أن يذهب إلي الأمم المتحدة في سبتمبر ليعلن أن صفقة القرن أساس سياسة أمريكا في الصراع العربي الإسرائيلي.
وإن كان العدو الصهيوني قد خرج للدنيا لحظة اغتصابه لفلسطين. كان لأمريكا رئيس اعترف بدولة العدو قبل أن تُعلن قيامها. فها هو رئيس آخر يفعل للعدو ما لم يجرؤ رئيس أمريكي من قبله - وربما من بعده - سلم القدس للعدو التي شكلت لُب الصراع العربي الصهيوني لتصبح عاصمة أبدية للدولة الصهيونية المعتدية والمغتصبة لفلسطين.
أعلن ترامب أكثر من مرة أنه سيحل جميع مشاكل العدو الصهيوني في أيامه القادمة. ولأن الحال العربي لا يسر عدواً ولا حبيباً. والحال الفلسطيني الداخلي مثله. لذلك فإن الاحتمالات المتوقعة تبدو مخيفة لتمرير المخطط. حتي لو رحل ترامب سيأتي إلي قلب البيت الأبيض من يحقق للعدو مشروعه الاستعماري والاقتصادي. ونحن لا نملك سوي الجلوس في مقاعد المتفرجين. يبدو أن قدر جيلنا وربما الأجيال التي قد تأتي بعدنا اسمه: أمريكا.
أمريكا عنوان المخاطر ودليل الفزع والعدو الذي لا يقل عداوة عن العدو الصهيوني. فإن كان الصهاينة أعداء الماضي والحاضر. فربما قد تُصبح أمريكا عدو المستقبل. هل هذه أمريكا التي لولا أدباؤها في منتصف القرن الماضي ما عرفنا طريقنا إلي الكتابة؟ هل هي أمريكا أرنست هيمنجواي، ووليام فوكنر، وجون شتاينبيك؟.
أم أنها أمريكا الأخري التي كتب عنها من تعاملوا معها من كتابنا، وقدموا لها صورة لم ننتبه لها في حينه؟ زكي نجيب محمود في كتابه: أيام في أمريكا. محمود السعدني: أمريكا يا ويكا. كامل زهيري: ممنوع الهمس. وعادل حمودة: أمريكا الجنة والنار.
هذا غير أمريكا التي تبدت في أدبنا المعاصر ابتداء من قصيدة عبد الرحمن الشرقاوي: رسالة من أب مصري إلي هاري ترومان. وهاري ترومان هو الذي اعترف بدولة العدو قبل أن تقوم. صورة أمريكا في الرواية المصرية والعربية، وفي القصة القصيرة، وفي القصيدة الشعرية. لا نجد فيها ما يجعلنا نأمل أن يهتدي هؤلاء الناس بالصواب في يوم من الأيام.
الأحكام العامة علي الشعوب خطأ. ولا يمكن اعتبار أمريكا كتلة من الجحيم. لأن فيها أصواتا عاقلة. حاولت أن تتوقف وأن تنبه وأن تقول لا. وكتابتهم معروفة ومعلنة ومترجمة.
قال لي كامل زهيري: أمريكا تحرص علي أن يبدو كل ما فيها أكبر من حجمه الطبيعي بعشرات أو مئات المرات.
وها هو ترامب وهو يترنح يقف ويقول بأعلي صوته:
- أنا أو الفوضي.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع