توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب فى بر مصر

  مصر اليوم -

الحرب فى بر مصر

بقلم - يوسف القعيد

 هل من حقى أن أقول ما أشبه الليلة بالبارحة؟ تعبير لغوى نستخدمه كثيراً. لكنه يستلزم التشابه التام بين الأمس البعيد القريب وبين اليوم. المطابقة التامة بين ما يحدث الآن وما جرى من قبل مستحيلة. لكنى أعتمد على جوهر الأمر. فلدينا عدو لا شك فى عداوته، ربما كان أخطر من الأعداء السابقين لأنهم كانوا أعداء الخارج. وأعداء اليوم يستخدمون أذرع ومساعدين ومنفذين من داخل البلد للأسف الشديد. عندما استمعت ظهر يوم الجمعة الماضى للبيان رقم 1 من القيادة العامة للقوات المسلحة، الذى ألقاه العقيد أركان حرب تامر الرفاعى: بسم الله الرحمن الرحيم، شعب مصر العظيم، فى إطار التكليف الصادر من السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقيادة العامة للقوات المسلحة.

كلنا نعرف ما جاء فى البيان. لكنه كان يعنى لى الركض نحو الماضى. العودة للحظة مماثلة وشبيهة قبل 45 عاماً، كان اليوم يوم سبت، وكانت الساعة الثانية بعد الظهر. وكان الشهر الهجرى هو رمضان، وكان اليوم العاشر من رمضان. وفى ميدان التحرير قُطِع الإرسال عن الراديو، وأعلن المذيع بصوت جهورى أنه جاءهم بيان مهم سيعلن بعد قليل. ثم أُعلِن البيان الذى كان يزف إلى المصريين بشرى حرب أكتوبر 1973، وبدء تحرير سيناء بعد 6 سنوات من احتلال العدو الصهيونى لها. قبل أن ينتهى البيان سمعت فى ميدان التحرير التكبيرات والتشكرات لله سبحانه وتعالى. وسمعت كلمة: تحيا مصر. قبل أن تصبح أحد شعارات أيامنا هذه.

العدو هو العدو. ولكن لا بد من كلمة عن عدو اليوم وربما لا أحتاج الكلام عن عدو الأمس الذى ما زلت أعتبره عدواً حتى الآن. سيناء كلنا نعرفها. وعبرنا إليها قبل العبور فى أحلامنا وفى خيالنا وفى قدرتنا على تصور الزمن الآتى. والعدو الصهيونى من منا لم يكن يعرفه؟ ومن منا لا يعرفه الآن؟. أما عدو اليوم فمن الصعب أن تمد يدك وتشير بأصابعك وتقول: ها هو العدو. كانت معركة الأمس محددة المكان بخرائط الجغرافيا. بل كان لدينا فى كل مدينة وقرية مهجرون من أبناء مدن القناة تم تهجيرهم بعد العدوان الصهيونى علينا. لكنها الآن حرب ضد قوى لا أقول مجهولة. كلنا نعرفها ولكن الأدوات سواء المتسللة عبر الحدود من الشرق والغرب والشمال والجنوب. أو خلاياهم النائمة فى أمكنة كثيرة من بر مصر.

لم أفاجأ ببيان القوات المسلحة ظهر الجمعة الماضى. لأن الرئيس عبد الفتاح السيسى كلَّف الفريق محمد فريد حجازى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة يوم 29/11/2017، بتنفيذ عملية تطهير شاملة لمصر من قوى التطرف والإرهاب. وحدد له ثلاثة أشهر لكى تتم المهمة بالتمام والكمال.

كلما مرت الأيام سألت نفسى عن العملية. إلى أن جاء البيان الأول وتلاه فى نفس اليوم البيان الثانى. وأدركت ساعتها أن الإعداد للمعارك ربما يستغرق من الوقت أضعاف الأوقات التى تستغرقها المعارك نفسها. وأن دراسات المخاطر لا بد أن تأخذ وقتها كاملاً لأن الحرب تختلف عن أى فعل بشرى آخر يقوم به الإنسان. فى سلوكنا اليومى قد نخطئ وقد نصيب. والخطأ ليس عيباً. والصواب ليس إنجازاً خارقاً. لكن فى حالات الحرب لا يمكنك أن تلتفت وراءك. من المستحيل أن تتدارك فعلا أقدمت عليه. ولا يدفعك رد فعل لأن تعيد النظر فيما قمت به. كانوا يقولون فى التراث العربى إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. وأنا أقول إن الحرب كالسيف إن لم تقطع خصمك قطعك. والبرهة وليس اللحظة ربما تفرق الكثير.

ركزوا كثيراً على سيناء باعتبارها ميدان العمليات. ولكن العمليات شملت الدلتا، التى كانت قد أصبحت ملجأ للإرهابيين الذين هربوا من ضراوة معارك سيناء وحصارها لهم إلى الدلتا. وشملت الظهير الغربى لمحافظات الصعيد التى شهدت عمليات عسكرية من قبل لتدمير أوكار المرابطين والقضاء على خلية عمرو سعد. وكلنا لا ينسى ما جرى فى الواحات أخيراً.

معظم هذه العمليات تمت عبر قوات الطيران. واستخدمت فيها طائرات حديثة انضمت أخيرا لجيشنا المصرى. بل إن الحدود البحرية كانت هناك خطة كاملة لتأمينها لأنها يمكن أن تستخدم فى التسلل لمصر. ولمصر حدود بحرية مترامية الأطراف. فحدود مصر من الجهتين الشمالية والشرقية بحرية.

أيضاً فإن الميادين الكبرى والعامة فى المدن المصرية، وليس فى القاهرة والإسكندرية وحدهما شهدت عمليات تأمين رأيناها رأى العين بأنفسنا. إذن فنحن أمام عملية عسكرية كاملة متكاملة الأركان, جرى الإعداد لها ودراسة احتمالاتها ربما قبل تكليف الرئيس السيسى للفريق حجازى بفترة. لأن علماء الاستراتيجية والحروب قالوا لنا إن المبادأة نصف الطريق إلى النصر.

أتجول كثيراً فى حقول اللغة، خاصة فى اللحظات الحاسمة من تاريخ البلاد. لفت نظرى فيمن يتحدثون مساء الجمعة فى وسائل الإعلام أنهم يخلطون عندما يتكلمون عن الهدف من هذه الحرب. البعض يقول إنها حرب ضد الإرهابيين. والبعض الآخر يقول إنها حرب ضد الإرهاب. وأن الهدف منها التأكد من خلو مصر كلها من الإرهابيين. ومرة أخرى من الإرهاب. لا بد أن نفرق بين الكلمتين: الإرهابيون والإرهاب. لأنه رغم أن أحرف الكلمتين واحدة، ربما اختلف عدد الأحرف بين هذه وتلك. لكن المعنى بين الكلمتين يمتد فى المسافة بين الأرض والسماء. ولا بد أن ندرك وأن نعى جيداً ماذا يجرى فى بلدنا الآن؟ وماذا ينتظرنا فى الأيام المقبلة؟ وماذا علينا القيام به بعد أن تسكت المدافع؟.

الفارق بين الحرب ضد الإرهابيين والإرهاب كبير. فالحرب ضد الإرهابيين تعنى الحرب ضد بشر يعتنقون فكراً ما. ويهددون أمن الوطن. ولديهم مشروعات لاغتيال حلم الحياة اليومية للناس العاديين. لكن الحرب ضد الإرهاب هى حرب ضد فكر ومعتقد - بصرف النظر عن صوابه أو خطئه ـ لذلك فلدينا الآن معركة وتنتظرنا بعدها معركة أخرى. معركتنا الآن ضد الإرهابيين، والمعركة التى تنتظرنا ضد الإرهاب. وإن كانت الأولى عسكرية، فالثانية معركة مجتمع بكامله.


نقلا عن الاهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب فى بر مصر الحرب فى بر مصر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon