تأتى الدورة الـ49 من معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام مختلفة فهى الدورة الأخيرة، التى سيقام فيها فى مقره الحالى داخل أرض المعارض فى مدينة نصر، بعدها سينتقل إلى مكان جديد. مجاور لمسجد المشير طنطاوي، وفى أواخر مدينة نصر وقبل التجمع الخامس مباشرة. وهو مكان ربما أثار فى البداية مشكلات الوصول إليه. فجمهور المعرض فى أغلبه الأعم يأتى مستخدماً المواصلات العامة. وعندما عقد المعرض فى سنواته الأولى كان يخصص أتوبيسات لنقل جماهير المعرض من ميادين القاهرة الكبرى الثلاثة. بل كان يعطى رواده الحق فى الحضور إلى القاهرة من أى مكان فى بر مصر مجاناً بموجب تذاكر دخول المعرض. وقبل الانتقال للمكان الجديد، لا بد من بحث وصول جماهير المعرض إليه وعودتهم منه.
معرض 2019 سيحتل مناسبة شديدة الأهمية، ألا وهى مرور نصف قرن على إنشاء المعرض، سيصبح عمره 50 عاماً، والمعرض بذلك ربما كان أقدم معارض الكتب فى العالم. لا يدانيه ويقترب منه سوى معرض موسكو الدولى للكتاب ومعرض فرانكفورت. وهى مناسبة لا بد أن نستعد لها من الآن. بل ربما كان معرض الكتاب المشروع الثقافى الوحيد الذى تغيرت الأحوال وتبدلت الأمور. واستمر صامداً فى وجه المتغيرات، ثابتاً.
أيضاً فهو المعرض الأول الذى تفتتحه الدكتورة إيناس عبد الدايم كوزيرة للثقافة. صحيح أنها لم تكن وزيرة عندما بدأنا التخطيط والإعداد للمعرض. ولكنها أبدت اهتماماً به. وقامت بزيارة لأجنحته فى أثناء عملية إعدادها قبيل الافتتاح. بل وحصلت ولأول مرة على وضع المعرض تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. وعن نفسى كنت أتمنى لو أن الرئيس عبد الفتاح السيسى افتتح المعرض. والتقى المثقفين على هامشه. لكن يبدو أن التزاماته وارتباطاته قد لا تسمح. وأيضاً فإن مثل هذه الفكرة لا تنفذ عفو الخاطر. وتتطلب استعدادات وإجراءات كثيرة كان يجب البدء بها منذ فترة.
الجزائر ضيف شرف المعرض. ويعقد المعرض بمشاركة 27 دولة، منها 17 دولة عربية، 10 دول أجنبية ودولتان من إفريقيا. و849 ناشرا، منهم 10 أجانب، والبقية من الدول العربية والأفريقية، كما يشارك 7 مؤسسات صحافية و33 مؤسسة حكومية، وعدد الأجنحة 1194 جناحاً. اختيار الجزائر كضيف شرف لمعرض القاهرة الدولى للكتاب 2018، يعكس حالة من التوافق بين الأشقاء، حيث تم اختيار مصر كضيف شرف لمعرض الجزائر فى العام الماضي، وحالياً ترد الجزائر الزيارة«.
فالجزائر ليست مجرد دولة عربية شقيقة، وإنما هى امتداد ثقافى لمصر لأن مناطق التقاطع بين البلدين خلال التاريخ هى مناطق قوية، إن اختيار القوى الناعمة كمحور رئيسى لمعرض الكتاب، يأتى لأن القوى الناعمة هى الواجهة الثقافية للدولة، ويركز المعرض على كيفية استعادة دور القوى الناعمة المصرية والعربية وتأثيرها مرة أخري.
شخصية المعرض لهذا العام الروائى والكاتب المسرحى والصحفى عبد الرحمن الشرقاوى. ومن المتوقع أن تقوم هيئة الكتاب بطباعة مؤلفاته الكاملة وطرحها وأعتقد أن هذا لا يقل أهمية عن الندوات التى يمكن أن تقام عنه عبر النشاط الثقافى فى المعرض. فمؤلفات هذا الجيل لم يعد لها وجود فى الأسواق. باستثناء نجيب محفوظ إلى حد ما. لكن سواه من كبار كتاب مصر السابقين لا تجد مؤلفاتهم إلا بشق الأنفس. وعليك أن تبحث طويلاً حتى تهتدى إلى كتاب منها.
من الأمور المفرحة فى هذا المعرض عندما تدخله، وبالقرب من بوابة 6 ستكتشف أن هناك حديقة للأطفال. ربما وصلت إلى 2000 متر. ستقدم فيها فنون الأطفال وكتب الأطفال وكل ما يمكن أن يجذب الأطفال وهو أمر مهم لأننا كان لدينا فى مصر معرض لكتب الأطفال. كان يقام مستقلاً وفى موعد آخر غير موعد معرض الكتاب العادي. لكنه تراجع ثم توقف فى السنوات الأخيرة. وأنا لا أعرف السبب الكامن وراء اللعنة التى أصابت معرض الأطفال، مع أن كتاب الطفل لا يقل أهمية عن الكتاب العادي.
وأبرز ما سيتم هو التعاون بين جميع قطاعات وزارة الثقافة، حيث تصورت بعض قيادات وزارة الثقافة أن معرض الكتاب هو ابن الهيئة المصرية العامة للكتاب فقط، وهو مانسعى إلى إثبات عكسه لأن معرض الكتاب، هو واجهة وزارة الثقافة ككل، والواجهة الثقافية لمصر كلها. سواء مؤسسات وزارة الثقافة أو حركة النشر من خلال دور القطاع الخاص والدولة. فالمهم اسم مصر.
تحتفى قاعات المعرض برموز القوى الناعمة فى مصر والوطن العربي، كما تتم مناقشة المبادرات الثقافية التى تم إطلاقها فى مصر خلال العام، كما تشارك أوركسترا الشباب والرياضة. سيتم تدشين معرض خاص لكتب سور الأزبكية، وتم اعتماد موقع إلكترونى ليكون قاعدة بيانات للمعرض، بالتعاون مع اتحاد الناشرين المصريين التى وفرت قاعدة البيانات الخاصة بالكتب واتحاد الناشرين.
المعرض، يستضيف عدداً من المثقفين، من بينها وزير الثقافة الجزائرى عز الدين ميهوبي، ورئيس النادى الأهلى الكابتن محمود الخطيب، ورئيس المجلس القومى لحقوق الانسان محمد فايق، ومدير مكتبة الإسكندرية الدكتور مصطفى الفقي، ومعظم الأدباء والنقاد المصريين، وعددهم ليس بقليل من مبدعى الوطن العربى الأشقاء.
جديد المعرض هذا العام تخصيص جناح للأزهر الشريف، للمشاركة فى المعرض. وقال: إن الأزهر طلب تخصيص جناح من المعرض لعرض كتبه ومطبوعاته الصادرة عن قطاعاته المختلفة، فضلا عن إقامة ندوات يومية لعلماء الأزهر طوال فترة إقامة المعرض.
إن إقدام الأزهر على المشاركة فى معرض الكتاب، وإعلانه بث قناة رسمية قريباً خطوات جيدة نحو تجديد الخطاب الديني، يجب علينا أن ندعمها بقوة، لأنه دون تجديد الخطاب الدينى وطرق التواصل مع الآخرين، لن نستطيع أن نخطو خطوة للأمام.
ذاكرتنا تقول بدأ المعرض 1969 بمبادرة من الأشقاء العرب للتعبير عن وقوفهم مع مصر بعد الخامس من يونيو 1967، وأقيم أول مرة فى أرض المعارض بالجزيرة مكان الأوبرا الحالية، وافتتح دورته الأولى الرئيس جمال عبد الناصر، وحضره من الأشقاء العرب أضعاف مضاعفة لمن حضره من المثقفين المصريين. وكان مظاهرة تأييد لمصر والوقوف فى خندقها ودعمها ضد العدوان الصهيونى الغاشم.
نقلا عن الاهرام القاهريه