توقيت القاهرة المحلي 20:32:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأحزاب فى مصر.. حقل ألغام ديمقراطى

  مصر اليوم -

الأحزاب فى مصر حقل ألغام ديمقراطى

بقلم - نصر محمد عارف

 منذ بداية النظام البرلمانى والدستورى الحديث فى مصر عام 1923، وهناك قاعدة صارمة تحكم العملية السياسية، واستقرار نظام الحكم، هذه القاعدة تقول: إنه لا يمكن أن يستقر النظام السياسى المصرى بدون وجود حزب كبير تعتمد عليه الدولة فى تحريك الجماهير، وضبط إيقاع المجتمع، وبالعكس فان عدم وجود حزب قوى يجعل النظام قابلا لكل أنواع الاهتزازات والاضطرابات، وان وجود عدد كبير من الأحزاب يربك النظام، ويجعل الحكومات مضطربة وفاشلة وغير مستقرة.

وباختصار شديد فإن تعدد الأحزاب الصغيرة جعل الحياة السياسية فى مصر غير مستقرة طوال فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، وكذلك فإن عدم وجود حزب قوى جعل النظام مضطرباً، وغير مستقر فى بداية حكم عبد الناصر ورفاقه من 1952 الى 1956، ولم يستقر الأمر الا بعد أن تم تأسيس الاتحاد القومي، ثم الاتحاد الاشتراكى العربي، ونفس الأمر حدث مع السادات منذ بداية حكمه الى إنشاء الحزب الوطنى الديمقراطى عام 1978.

ومصر الآن تمر بالحالتين السابقتين معاً، حيث هناك عدد كبير جداً من الأحزاب، ولا يوجد بينها حزب كبير نسبيا؛ يمثل ظهيرا اجتماعيا للنظام، وهذا يشكل خطراً شديدا على مستقبل النظام، ويعرضه لمخاطر غير منظورة. واليكم الحقائق الآتية:

فى مصر الآن 104 أحزاب سياسية مسجلة رسميا فى نظام الدولة، ومعتمدة من لجنة الأحزاب، هذه الأحزاب تمثل جميع عصور مصر؛ ففيها من أحزاب ما قبل 1952، وفيها من أحزاب عصر السادات، وفيها من الأحزاب الإسلامية بجميع تياراتها؛ من الإخوان الى الجماعة الإسلامية الى السلفية، حتى تنظيم الجهاد هناك أحزاب قريبة من فكره.

هذه الأحزاب تمثل حقل ألغام كبيرا لأنها جميعاً قابلة للاختراق من قبل الجماعات الإسلامية، ورجال الأعمال، والجمعيات المرتبطة بالمنظمات الدولية والحكومات الغربية، وكل من يملك المال ويستطيع تقديم التمويل.

إن أكثر من 95% من هذه الأحزاب ليس لها وجود فى الواقع، فقط اسم وأوراق رسمية، ومقر صغير وحيد فى العاصمة، ولا يوجد لها تمثيل أو حضور خارج العاصمة.

هناك فقط ثلاثة أحزاب لها تمثيل فى مختلف أنحاء مصر هي: الوفد، ومستقبل وطن، والمصريون الأحرار.

أثبتت انتخابات البرلمان الأخيرة حقيقة حجم هذه الأحزاب، فمن بين 104 أحزاب مسجلة رسميا فى مصر لم يدخل الانتخابات الا 49 حزبا فقط، ومن هذه الـ 49 حزبا التى دخلت الانتخابات لم يحصل على مقعد واحد فى البرلمان إلا 18 حزبا فقط، وهذا يقول لنا إن هناك 86 حزبا لا قيمة لها، ولا وجود لها فى الواقع، ولكنها تمثل ألغاما قابلة للانفجار إذا ما وجدت من يمولها ويوظفها.

هذا الوضع لا يمكن أن يصلح معه الترقيع، أو الترميم كما يحدث الآن؛ حيث هناك دعوة للقيام بعمليات اندماج بين الأحزاب، وهذه فى حد ذاتها سوف تحافظ على استمرارية هذا الكائن المشوه، وسوف تحافظ على وجود الأحزاب التى شاركت فى اعتصام رابعة العدوية والنهضة، وتم التعامل مع الأفراد الذين شاركوا فيها على أنهم إرهابيون، ولم يتم التعامل مع أحزابهم بنفس الصفة.

ولذلك نقترح الآتى لتطهير الحياة السياسية المصرية من حقل الألغام هذا، وضمان استقرار واستمرارية النظام السياسى المصرى بدون اضطرابات:

إعادة تشكيل لجنة الأحزاب التى تتكون حاليا من مجموعة من أعضاء السلطة القضائية بحيث يكون تشكيلها مشتملاً علي: أحد قضاة المحكمة الدستورية العليا، وأحد نواب رئيس مجلس الدولة، وثلاثة من أساتذة القانون الدستوري، وثلاثة من المفكرين المحايدين الذين لا ينتمون لأى حزب، ونقيب المحامين، ونقيب الصحفيين، وأحد رؤساء البرلمان السابقين.

إعداد قانون أحزاب جديد يمنع ظهور أحزاب ذات صبغة دينية أو طائفية أو إقليمية أو عرقية أو لغوية بأى شكل من الأشكال، ويعتبر الحزب معدوم الوجود إذا فقد أيا من هذه المعايير.

إلغاء جميع الأحزاب التى لم تحصل على مقعد فى مجلس الشعب، وهى 86 حزبا، والـ 18 الباقية، يتم إخضاعها لمعايير القانون الجديد؛ فيتم إلغاء وجود أى حزب يخالف معاييره.

يشترط على الأحزاب الباقية أن يكون لها تمثيل فى جميع محافظات مصر، ومن لا يحقق ذلك يتم الغاء وجوده.

يطلب من الأحزاب التى تؤسس بعد ذلك أن تكون واضحة فى برامجها، وان تكون متمايزة بصورة حقيقية فى البرامج السياسية والتوجهات، وليس تكراراً لنفس البرامج مع اختلاف الأشخاص.

عدم تقديم أى مزايا أو دعم أو تسهيلات للأحزاب من قبل الدولة، بحيث لا يتحول العمل الحزبى الى وسيلة للتربح والفساد السياسي.

ستفرز الحياة السياسية بعد ذلك حزبين او ثلاثة بمثل التيارات السياسية الكبرى فى مصر، ويتم بينها تداول الأغلبية والأقلية.

من خلال نظام حزبى حقيقى تبدأ حياة ديمقراطية تقوم على تثقيف الشعب، ورفع الوعى الديمقراطى عند أفراده، والارتقاء بالعمل السياسى سواء على المستوى الوطنى أو على المستويات المحلية، وتعود مصر الى سالف مجدها بعد مرور قرن من الزمان على أول عملية ديمقراطية حقيقية حدثت بعد ثورة 1919.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأحزاب فى مصر حقل ألغام ديمقراطى الأحزاب فى مصر حقل ألغام ديمقراطى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:20 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
  مصر اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon