توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى عفرين سقط صغار اللاعبين

  مصر اليوم -

فى عفرين سقط صغار اللاعبين

بقلم - نصر محمد عارف

 عندما وصلت الأزمة السورية إلى نقطة الانفراج، وبدأت جميع الاطراف تتحدث عن طرق الحل التى تحقق وحدة سورية الارض والشعب، وتحفظ مؤسسات الدولة وجيشها، وتفتح الأفق أمام تغيير ديموقراطى يحقق استقرار سورية، ويفتح أمام شعبها افاقاً تساعده على رحلة إعادة إعمار ما هدمته الحرب من مدن وقرى، وإعادة ترميم شبكة العلاقات الاجتماعية التى نسفتها سبع سنوات من الاقتتال بين كل مكونات الشعب، وإعادة الامل فى غد افضل لكل إنسان سورى …فقد يتحقق بالحوار والتفاهم، وبالسلام والتسامح بعدما فشلت فى تحقيقه الجماعات المسلحة الممولة والموجهة من القوى الإقليمية والدولية؛ التى لم يكن فى أبعد أهدافها مصلحة سورية، أو مستقبل الشعب السوري.

عندما وصلت سورية إلى هذه المرحلة من الهدوء والسلم ظهر أردوغان أعظم من ارتكب جرائم حرب فى سورية من خلال إدخال كل شذاذ الأفاق من جميع أنحاء العالم لممارسة القتل الممنهج فى الشعب السوري، وأعطى الذريعة لمجرمى الحرس الثورى الفارسي، وحزب الله الفارسى للانتقام، وارتكاب جرائم حرب فى الجهة المقابلة، ارتفع صوت أردوغان مهددا بإشعال حرب أخرى فى شمال سورية؛ فى عفرين ضد الأكراد، وما هى إلا أيام حتى دخلت القوات التركية ومعها الأتباع مسلوبى الإرادة من عملاء تركيا فى سورية الذين يسمونهم بالجيش الحر المستعبد من قبل تركيا.

قام أردوغان وجيشه، وعملاؤه من الجيش الحر، الذين يذكروننا بجيش أنطوان لحد الذى كان يسمى بجيش لبنان الجنوبى ذراع إسرائيل فى لبنان بعد غزو] 1982، قاموا بتدمير ما لم يتم تدميره فى الشمال السوري، وبدأت مرحلة جديدة من خلط الأوراق، وتشتيت الجهود، وإعطاء فرصة لداعش لكى تلملم صفوفها؛ بعد أن ينشغل الأكراد بجيش أردوغان، وكأن أردوغان جاء لإنقاذ داعش، وتمكينها من التقاط الأنفاس لتحقيق مزيد من الإرباك فى المشهد السوري، ولكن أردوغان كعادته فى الاندفاع والحماقة بصورة تليق بزعيم مليشيا، أو ناشط سياسي، أو ثورى يسارى من ثوار أمريكا اللاتينية فى الستينيات، اندفاع أردوغان بهجومه على عفرين وضع نهاية للمشهد السورى لصالح اللاعبين الكبار، وساعد على خروج جميع اللاعبين الصغار بما فيهم أردوغان وحكومته. وذلك على النحو الآتي:

أولا: فى عفرين تم الاتفاق على إنهاء جميع الجماعات السورية المسلحة، فقد وافقت تركيا على اطلاق يد روسيا وسورية فى إدلب لإنهاء الوجود العسكرى لكل الفصائل التى تم حشرها فى إدلب من جميع أنحاء سورية، حيث كانت إدلب هى وجهة المسلحين فى كل اتفاقية من حى الوعر فى حمص، إلى الغوطة الغربية، وبيت جن وغيرها، والآن تقوم القوات المسلحة السورية بدعم روسى بالتقدم فى إدلب للقضاء على آخر وجود للمسلحين فيها.

ثانياً: فى عفرين ينتهى الحلم الكردى بتكوين فيدرالية كردية فى شمال سورية، وتنتهى فكرة سورية الاتحادية التى تم طرحها من قبل الأكراد لتكرار النموذج العراقي، وذلك لأن تركيا لن تقبل ذلك، وروسيا والحكومة السورية يتمنون أن يخلصهم جيش أردوغان من الصداع الكردى ممثلا فى قوات سورية الديموقراطية (قسد) التى تسامحت معها كل من روسيا وسورية لاستخدامها فى التخلص من داعش فى شرق سورية، فتخلصت قسد من داعش، والآن يجهز أردوغان على قسد، وينتهى الحلم الكردى فى تكوين فيدرالية تتواصل مع كردستان العراق وتوصلها بالبحر المتوسط.

ثالثاً: فى عفرين يتم دفن آخر أحلام أردوغان، وهو حلم إعادة النظر فى اتفاقية لوزان 1923 التى وضعت حدود تركيا الحالية، ويطالب أردوغان منذ فترة بإعادة النظر فيها لضم اراضى من اليونان ومن العراق وسورية؛ أهمها محور الموصل حلب، وقبل ذلك كان يحلم بوضع نظام تابع له فى سورية من أجل الاستيلاء عليها، وضمها لحلم العثمانية الجديدة التى تبدأ فى العالم العربى فى سورية، وتنتهى عند اليمن وعلى حدود المغرب.

فى عفرين تقزمت أحلام أردوغان وأهدافه، وتراجعت من الهجوم والحلم الإمبراطوري، إلى الدفاع وتأمين الحدود الجنوبية من وجود بؤر لحزب العمال الكردستانى الذى أرهق الدولة التركية واستنزفها لعقود، هدف أردوغان الآن التخلص من الأكراد فى شمال سورية حتى لو اضطر للتعامل مع بشار الأسد فى سبيل تحقيق ذلك.

رابعاً: باشتعال عفرين ومطالبة الأتراك للقوات الأمريكية الانسحاب من منبج، سيتم تسريع عجلة الترتيبات النهائية للوضع فى سورية، وأول هذه الترتيبات خروج العصابات الطائفية القادمة مع الحرس الثورى الفارسي، ومع حزب الله الفارسي، وتقزيم دور إيران من أجل إنهائه تماماً، فلن يرضى الروس أو الأمريكان بوجود إيرانى حقيقى فى سورية بعد الحرب، ولن ترضى روسيا بالتحديد؛ التى استثمرت المليارات، والسمعة الدولية، وعلاقاتها مع الغرب من أجل الحفاظ على سورية فى يدها، لن ترضى بالعبث الفارسى المتخلف فى سورية، لن تقبل روسيا بوجود أجندة طائفية فى دولة هى فسيفساء الأديان على ظهر الأرض، ستخرج إيران من سورية فى وجود الأسد وقبل زواله، ومعها كل العصابات الطائفية؛ مثلما خرجت العصابات الطائفية الأخرى ممثلة فى داعش والنصرة وغيرهما، فكلهم طائفيون متخلفون، قادمون من مجاهل التاريخ.

خامساً: انتهى دور كل من استثمر فى جبهة النصرة أو فتح الشام أو الجيش الحر، كل العرب الذين استثمروا فى هذه الجماعات، وجدوا أهم جماعة فيهم، وهى الجيش الحر الذى تستخدمه تركيا ليلعب معها دور جيش أنطوان لحد مع إسرائيل، ومن ثم تحول الجيش الحر الى جماعة مرتزقة تقتل الأكراد لصالح تركيا.

سادساً: بقى فى سورية الأمريكان والروس، هكذا نحن منذ قرن؛ فى الثورة العربية الكبرى 1916 حاربنا الدولة لعثمانية لنقع فريسة بين فرنسا وبريطانيا، واليوم حارب العرب والعثمانيون نظام بشار الأسد لتقع سورية فى أحضان روسيا وأمريكا…. التاريخ لا يعيد نفسه…نحن بمنتهى البلاهة نعيد تمثيله.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى عفرين سقط صغار اللاعبين فى عفرين سقط صغار اللاعبين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon