توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتفاضة على الغطرسة

  مصر اليوم -

انتفاضة على الغطرسة

بقلم-سمير عطا الله

انقسم اللبنانيون في الساعات الماضية إلى قسمين: واحد في الشوارع، وآخر أمام أجهزة التلفزيون، لكنهما كانا فريقاً واحداً في الإجماع على أن البلد لم يشهد في تاريخه المستقل وضعاً اقتصادياً وسياسياً ونقدياً واجتماعياً، أسوأ مما هو اليوم. قبل ثلاثة أيام احتفل حزب التيار الوطني الحر بإحدى مناسباته المعروفة. وفي الاحتفال، ألقى رئيسه جبران باسيل خطاباً لعلعياً هدد فيه خصومه بأنه سيقلب الطاولة في وجوههم. فإذا بالطاولة والكراسي والمقاعد تنقلب في وجه السلطة السياسية. وبدا بكل وضوح، أن مظاهرات عفوية يقوم بها أناس يشكون البطالة والفساد وهجرة الشباب المريعة والغلاء المتوحش، والركود وانعدام الفرص، واستهانة السلطة بنداءات الاستغاثة وازدراء الحكم لأصوات الفقراء والبسطاء.
في مثل هذا الخنّاق أقام وزير مأدبة عشاء كلفت وزارته 450 ألف دولار. وفي مثل هذا التردي، خطر لوزير آخر أن يفرض ضريبة إضافية على «واتساب»، باعتبارها خدمة مجانية نادرة. ومعروف أن الوزير المذكور واحد من كبار أثرياء البلد. وأن اسمه يتداول أحياناً بين المستفيدين الكبار من أموال الدولة وعرق الناس. وكما قالت العرب كانت ضريبة «واتساب» القشة التي قصمت ظهر البعير، المكسور الظهر أصلاً بأحمال معيشية لا عدّ ولا حصر.
تتعاطى السلطة السياسة مع الناس بعجرفة مقيتة. كان لا بد من أن توصل إلى هذا الانفجار. ففي بلد معتم بالظلام، مظلوم بالرغيف، مذلول بأقساط المدارس وخراب الطرقات، لا تجد هذه السلطة ما تعد به الناس سوى قلب الطاولات وإشعال الحرائق السياسية، وإلغاء كل قوة سياسية أخرى، وتهديد الإعلام بالإسكات، وتمنين الناس بأشياء غيبية مثل إصدار القوانين أو إجراء التشكيلات الفارغة. وقد منّن أحد الوزراء السابقين من حديثي النعمة الشعب اللبناني، من أنه لم يعرف حكماً بطولياً كمثل هذا الحكم منذ 72 عاماً، أي منذ الاستقلال. وبحركة من بُنصره الصغير ألغى هذا الإنسان من تاريخنا رجالاً مثل رياض الصلح، وبشارة الخوري، وصائب سلام، وفؤاد شهاب، وكميل شمعون، وكمال جنبلاط، وريمون إده.
أفاق أولئك المكابرون أمس ليَروا لبنان واقفاً في وجوههم يعدد لهم كل ما يُزيل ادّعاءات الكبرياء والغطرسة وتفاهة العجرفة الفارغة. تحدث المتألمون عن الجوع والفقر والبطالة وانعدام الخدمات على أنواعها. وقالوا للسلطة إن الخِطب الفارغة لا تطعم خبزاً، ولا تفتح مدرسة، ولا توفر قسطاً. وأعربوا عن آرائهم الحقيقية في موكب وزير يضم عشرين سيارة في حالات التواضع والقناعة. وصرخوا في وجه هذا الفجور الذي لا يتوقف عند شيء. وهتفوا ضد تواطؤ أهل السلطة سواء عن منفعة أو عن حياء، وأبلغوا العالم أجمع أن لبنان يعيش في حالة انهيار كارثية لا يمكن أن تغطيها بعد اليوم الفصاحة النحوية التي لا تُصرف في أي مكان شأنها شأن العملة المزورة والوعد الزائف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتفاضة على الغطرسة انتفاضة على الغطرسة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon