بقلم: سمير عطا الله
خرجت ألمانيا واليابان ركاماً من الحرب العالمية الثانية. حطام، بلا كرامة، وشعوبٌ رؤوسها في الأرض. يحتلها الأميركيون عسكرياً، ويحكمونها سياسياً، ويتخذون عنها القرارات السيادية. وكان على ألمانيا أن تشهد الآلاف من نسائها يتزوجن - بسبب الحاجة - الجنود الأميركيين، وعشرات، أو مئات الآلاف، يخضعن لاغتصاب الجنود السوفيات.
ما العمل؟ يجب أن تصبح هذه الدول المهزومة والمحطمة أهم من الدول المنتصرة. قررت ألمانيا واليابان أن تتركا أميركا والاتحاد السوفياتي يغرقان في سباق التسلح، ولم تعد تصنع من السلاح سوى مسدسات الشرطة. خلال سنوات، عادت ألمانيا (الغربية) واليابان من أغنى دول الأرض. ولم يعد عاراً أن تتزوج الأميركية ألمانياً، بل شرفاً. وبدل الأسلحة والغواصات، انصرفت اليابان إلى صناعة السيارات والبرادات.
سيطرت اليابان على صناعة السيارات حول العالم، بينما ظل الاتحاد السوفياتي عاجزاً عن إنتاج سيارة لا تتجمد تحت أول ثلجة. ووصل السوفيات إلى الفضاء، أما الألمان فصنعوا أفضل عربات تسير على الأرض. وكانت ألمانيا الغربية تتمتع بأعلى مستوى معيشة في العالم، بينما حققت ألمانيا الشرقية أعلى - وأقتم - مستوى مخابرات في العالم. بعد نصف قرن من «الستاسي» اكتشف الشرقيون أن أرشيفهم لا يساوي برمّته نكلة واحدة. وانهار أقسى نظام مخابراتي في العالم مثلما انهار جدار برلين، طوبة طوبة. وتكفلت ألمانيا الغربية 500 مليار مارك تكاليف الوحدة. وفوقها دفعت عشرات المليارات لمساعدة الروس في تجنب انهيار مريع.
من دون سلاح واحد، تفوقت اليابان وألمانيا على الذين هزموها بالقنابل النووية. تكدّس روسيا الآن أخطر أنواع الأسلحة، وما تزال ألمانيا واليابان على أسلحة الشرطة. وتصنِّع كوريا الشمالية أكثر أنواع الأسلحة تقدماً، فيما لا يزال الزعيم المحبوب يشتري سياراته «الرولز رويس» سراً بالتهريب.
أكبر انتصارات العالم اليوم هي الصين واليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا. السلاح آخر الوسائل، قوة الصين في صناعتها، وقوة ألمانيا وقوة كوريا الجنوبية وقوة اليابان، كذلك. شعوب تتمتع بأرفع مستويات المعيشة وضمانات المستقبل. وإيران تهدد كل دولة ناجحة بالصواريخ.