توقيت القاهرة المحلي 05:25:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحاجة لتجديد الفكر والنظام القانونى المصرى

  مصر اليوم -

الحاجة لتجديد الفكر والنظام القانونى المصرى

بقلم - نبيل عبدالفتاح

 الأنظمة القانونية الوضعية الحديثة كانت أحد أبرز مداخل تحديث وبناء الدولة المصرية، وتطوير العلاقات الاجتماعية، والارتقاء بها من نظام المكانة إلى الهياكل القانونية والإدارية . إن استمرارية الدولة المركزية ارتبط تاريخيًا بالقانون الحديث، الذى كان المدخل الأساس فى تطورها الرأسمالى وشارك فى هذه العمليات الاجتماعية المصريون والأجانب والشوام، فى جدل اجتماعى وثقافى تعددي، أسهم فى تكوين الثقافة الحديثة. الأهم أيضًا أن الأنظمة القانونية اللاتينية أسهمت فى تأسيس نظام قضائى حديث ومستقل يعتمد على استعارة التقاليد والأنظمة الإجرائية المستمدة من التقليد التاريخى الإيطالى والفرنسي، وتكوين الجماعات القانونية المصرية من القضاة المصريين الذين أسسوا تقاليد قضائية رفيعة المكانة فى إطار من الاستقلالية والنزاهة وحماية الحريات الأساسية للمواطنين . أدى القانون الحديث والانفتاح على الثقافة القانونية اللاتينية إلى تكوين الجماعة الفقهية فى هذا السياق التاريخي، ودورها الكبير فى تعريب المصطلحات، وشرح النظريات والمفاهيم وتطبيقاتها القضائية فى فرنسا أساسًا، وفى مصر. وفى هذا المجال نشأت جماعة المحامين، التى لعبت دورًا مهمًا فى الدفاع عن مصالح وحقوق المواطنين فى نزاعاتهم القانونية، ناهيك عن دورهم فى بناء الدولة. هذا الميراث التاريخى للقانون والدولة الحديثة والجماعة القانونية تعرض لعديد من المشكلات، على رأسها تضخم النظم القانونية، فى ظل انفجار تشريعي، وبروز بعض التناقضات داخل بعض القوانين، والأخطر تضخم بعض القيود المفروضة على الحريات العامة فى ظل التسلطية السياسية والدينية الداعمة لها، وعدم مواكبة التشريعات للتطورات النظرية والقانونية فى الأنظمة المقارنة . ثمة أيضًا تراجع فى بعض مستويات الصناعة والفن القانوني، وضعف مستويات البلاغة فى كتابة بعض الأحكام إذا ما قورنت بحالة الأدب القانونى والقضائى الرفيع، فى تاريخ القانون والقضاء الحديث. من ناحية أخرى تبدو الفجوات متسعة بين قانون الدولة، وبين الواقع الموضوعى ومشكلاته والأخطر شيوع إدراك لدى النخبة السياسية الحاكمة، وبيروقراطية أجهزة الدولة يتمثل فى أن حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية، يتم من خلال اللجوء إلى سن القوانين، أو من خلال تغليظ العقاب على بعض أشكال الخروج على أحكام القانون، وهو ما ثبت تاريخيًا عدم دقة هذا الفهم والاتجاه الإدراكى السائد، بل أسهمت بعض القوانين فى تزايد أشكال الالتفاف والخروج على القواعد القانونية فى عديد المجالات، لأن حل المشكلات يتم من خلال دراستها علميًا، وإيجاد الحلول التى تعالج أسبابها ومصادرها بأدوات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، أو من خلال تحديث الهياكل البيروقراطية والإدارية، وإعادة تأهيلها وتطويرها، اتساع الفجوات بين قانون الدولة وقانون الواقع، واللجوء إلى قوانين الأعراف والمجالس العرفية، باتت شائعة فى حسم بعض النزاعات بديلاً عن اللجوء إلى أجهزة تطبيق القانون وتنفيذه على نحو أدى إلى التأثير على هيبة قانون الدولة وأجهزة تطبيقه وتنفيذه، فى بعض المشكلات ذات «الوجوه الطائفية». من هنا تبدو الحاجة إلى ضرورة تجديد الفكر القانوني، من خلال تطوير برامج الدراسة بكليات الحقوق، من خلال اللجوء إلى برامج الدراسات القانونية فى أنظمة التعليم المقارنة فى أوروبا والولايات المتحدة وكندا، وأيضًا دراسة البرامج التعليمية فى كليات القانون فى الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة لمعرفة مواطن القوة والتطور فى هذه البلدان، أو الضعف واستصحابها فى إعادة صياغة برامج التعليم القانونى فى بلادنا. ضرورة تطوير برنامج للبعثات للحصول على الدكتوراه، أو ما بعدها لمعرفة الجديد فى المعرفة القانونية والتطبيقات القضائية.

إعداد لجان علمية من أساتذة قانون وقضاة بارزين للنظر فى الأنظمة القانونية الأساسية، ومشاكلها وكيفية علاجها تشريعيًا، فى ضوء الاتفاقيات الدولية المعولمة والتجارب القانونية والقضائية المقارنة، وذلك كى يواكب القانون المصرى أحدث التطورات الكونية فى هذا الإطار.

إعداد برامج لسفر القضاة المصريين فى رحلات علمية لمتابعة التطورات فى الأنظمة القضائية العالمية وتطبيقاتها والمبادئ الجديدة وخبراتها لاسيما فرنسا والولايات المتحدة-، وذلك لمواكبة الجديد النافع الصالح للتمثل والأخذ به ويتماشى مع ظروف واقعنا الموضوعي. من ناحية أخرى تطوير فى معهد الدراسات القضائية المصري، ودعمه بكل أشكال الدعم من قبل الدولة لأهمية الدور الذى يلعب فى التكوين والتدريب فى هذا الصدد، نحتاج لوصل ما انقطع كجزء من متطلبات تجديد الدولة وفكرها وقانونها وأجهزتها كى نجرى لاهثين وراء عالم يتجاوزنا.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاجة لتجديد الفكر والنظام القانونى المصرى الحاجة لتجديد الفكر والنظام القانونى المصرى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon