بقلم : مي عزام
(1)
لايلوح في الأفق تاريخاً محدداً لنهاية الحرب السورية المستمرة منذ سبع سنوات تقريبا، بل تتعقد الخيوط وتتشابك، بسبب تدخل أطراف اقليمية ودولية في هذه الحرب القذرة. سوريا أصبحت ساحة لكل هذه الأطراف، يتنازعون حولها ويتقاتلون على أرضها، تقترب النهايات وتبتعد دون اعتبار لسيادة الدولة السورية، بل لأسباب تخص أطراف النزاع الذين يمزقون الجسد السورى بدم بارد، لايخشون من تأنيب ضمير أو محاكمة دولية.
(2)
عدد من الملفات تتشابك مع الوضع في سوريا وتجعل الحلول المطروحة والممكنة صعبة المنال، استمرار الاتفاق النووى الإيرانى أصبح مرتبطا بمخاوف الوجود الإيرانى في سوريا والذى تجده إسرائيل تهديدا لأمنها القومى وكذلك عدد من الدول العربية، موافقة أمريكا على بيع أسلحة لتركيا عضو الناتو أصبح مرهوناً بالملف السورى بسبب تعارض الموقف الأمريكى مع موقف التحالف الثلاثى: الروسى التركى الإيرانى، وغارات تركيا على الشمال السورى وحربها على المقاتلين الاكراد حلفاء واشنطن، التهديدات المتبادلة بين روسيا وأمريكا والتى كادت أن تتحول لحرب عالمية ثالثة بسبب اختلاف الرؤية الروسية والأمريكية حول مستقبل سوريا.
أمريكا مجروحة في سوريا، وتشعر بالمهانة بسبب خداع روسيا وعودتها بقوة للمنطقة وتوسيع قاعدتها العسكرية في طرطوس ومد نفوذها في منطقة كانت حكراً على الوجود الأمريكى لعقود .
(3)
سوريا أصبحت سوقاً مفتوحة لتجار الأوطان، وواجهة عرض لمتناقضات النظام العالمى، وساحة حرب تسع كل من يرغب في توسيع نفوذه واختبار قوته.
الأيام الأخيرة شهدت سيلاً من التصريحات والتهديدات الخارجة عن المألوف والتى يمكن أن تدخل في إطار الحرب النفسية.
الرئيس الإيراني حسن روحاني توعد الولايات المتحدة بـ«ندم تاريخي» إذا انسحب ترامب من الاتفاق النووي مع طهران.
الرئيس الفرنسى ماكرون يحذر من اندلاع حرب حال حدوث ذلك. وزعماء ألمانيا وفرنسا وبريطانيا يحاولون بكل وسائل الضغط التأثير على ترامب حتى لاينسحب من الاتفاق النووى مع إيران.
وزير الخارجية التركى مولود تشاويش أوجلو هدد بإجراءات انتقامية في حالة إقرار الكونجرس الأمريكى لمشروع قانون يفرض عقوبات عسكرية على تركيا، بوقف مؤقت لمبيعات السلاح إليها بسبب صفقات السلاح المبرمة بين تركيا وروسيا.
يوفال شتاينتز، وزير الطاقة الإسرائيلى والعضو بمجلس الوزراء الأمني المصغر، هدد أنه في حالة سماح الرئيس السورى بشار الأسد لإيران بمهاجمة إسرائيل من بلده، فإنها ستكون نهايته ونهاية نظامه.
(4)
المنطقة تقف على حافة الهاوية، وتتراقص فوق فوهة بركان، ورغم ذلك لانجد موقف عربى موحد تجاه سوريا، موقف استراتيجى يضع وحدة سوريا ومصلحة شعبها في المقام الأول في مقابل أي مخاوف أخرى.
أخشى أن تأتى نهاية الحرب السورية بأتفاق مثل اتفاق دايتون في البوسنة والهرسك، ويتم تقسيم سوريا لإرضاء القوى الاقليمية والدولية على حساب الشعب السورى، حينذاك لن يملك العرب إلا الندم، وسيكون ذلك بداية لتقسيم بلدان عربية أخرى .
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع