توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«السيستم» به عطل جسيم.. حداثة مصر المنقوصة

  مصر اليوم -

«السيستم» به عطل جسيم حداثة مصر المنقوصة

بقلم - مي عزام

(1)

منذ عشرة أيام، أعانى من انقطاع خط التليفون الأرضى، وبالتالى الإنترنت المنزلى. الشركة المصرية للاتصالات لديها عدة وسائل لتلقى الشكاوى: خط ساخن برسائل مسجلة و«كول سنتر»، وبريد إلكترونى، جربت الوسائل الثلاث، بالإضافة إلى البلاغ الشخصى في السنترال، وفى جميع الحالات لم أتلقَّ إجابة عن سبب العطل، ومتى سيتم إصلاحه.. فقط عبارة: هناك عطل جسيم وتم تسجيل بلاغك.

الشركة استوردت أحدث أجهزة التواصل مع العملاء وتلقى شكواهم، لكنها لم تهتم بالمفهوم الأصلى للخدمة، وهو العمل على حل المشكلة، وإعلام الشاكى بالمستجدات، وليس مجرد تسجيلها.

(2)

ضبابية المفاهيم هي أزمة مصر الحقيقية، وليس نقص الإمكانيات، تغيير المفاهيم يحتاج وقتا ومجهودا لكنه مؤثر ومستمر، دولتنا اختارت شراء العبدولا تربيته، نفس تفكير د. طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، حين أراد إحداث تغيير جذرى سريع في منظومة التعليم، استخدم «التابلت» على اعتبار أنه مصباح علاء الدين الذي سينقل التلميذ المصرى من مفهوم مناهج التلقين والحفظ إلى الإبداع والابتكار في غمضة عين على بساط الريح، في اعتقادى كان الأهم تدريب المدرس على مفاهيم المناهج الحديثة، وتحسين ظروفهم المادية، وكذلك تحسين أحوال المدارس واستعادة الاهتمام بالأنشطة الرياضية والعلمية والفنية فيها، حتى يستطيع الطالب أن يكتشف مواهبه مبكرا، ويتم توجيهه للمجالات التي يمكنه أن يبدع فيها، التابلت لن يقوم بهذا الدور فهو ليس جهازا لكشف المواهب، لكنه وسيلة اتصال ليس إلا.

(3)

نشر د. غالى شكرى رسالته للدكتوراه في كتاب بعنوان «النهضة والسقوط في الفكر معه المصرى الحديث» عام 1978، أثار صدوره جدلا واسعا، فلأول مرة ترد لفظة «السقوط» مقترنة بالنهضة، فالنهضة التي بدأت في القرن التاسع عشر على يد محمد على باشا كانت تحوى- حسب شكرى- عوامل سقوطها، فلم تحقق لها أرضية اجتماعية واقتصادية قادرة على حمايتها، ومن هنا أصبحت معرضة للسقوط، بل إن فترات السقوط أكبر بكثير من فترات النهوض، وهو نفس ما حدث في عصر ناصر.

كتب غالى شكرى عن محاولة الدولة التوفيق بين القديم والحديث، بالإبقاء عليهما متجاورين، دون محاولة مزجهما ليصبحا في النهاية تيارًا واحدًا، مما أدى في النهاية للحفاظ على شكل نهضوى، دون مضمون حداثى.

وطبقا لغالى شكرى فتحقيق ثورة ثقافية شاملة وتغير في التفكير والرؤية كان لا بد أن يصاحبه الاعتراف بالتعدد والتنوع والحرية والديمقراطية، وهو ما لم يحدث.

(4)

لدينا محاولات تلفيقية مزيفة لاستيراد مظهر حداثى مع الإبقاء على أصول الرجعية وجذورها التي مازالت ضاربة في الوعى واللاوعى الشعبى، ومن ثم لا نجد تغيرا في السلوك ولا نهضة حقيقية في الأفق، وزير التعليم استخدم أحدث وسائل الاتصال الحديثة، دون أن يكون لديه قاعدة بشرية بمفاهيم عصرية تواكب رؤيته وقادرة على تنفيذها والابتكار في حال وقوع مشكلة لم تكن موجودة في المخطط، وهو نفس خطأ الشركة المصرية للاتصالات.

(5)

النظام التعليمى الذي يطرحه الوزير يقوم على تنمية الابتكار والإبداع والقدرة على المقارنة والنقد وطرح الأسئلة، في حين أن المناخ العام في مصر، وبين أوساط واضعى أهداف التعليم المصرى، يروج لتكوين نمط موحد من الأفراد لتحقيق التماسك الاجتماعى بهدف القضاء على الاختلافات الفكرية، تجاور القديم والجديد، فلمن ستكون الغلبة؟

(6)

مصر لا يمكن أن تحقق مفهوم الحداثة بشراء منتجاتها، دون الأخذ بشروطها الأساسية، وهى الحرية والديمقراطية والقبول بالتنوع والتنافسية والشفافية، من يتصور أن توفير مظاهر الحداثة كفيل بتحقيقها فهو واهم، اكتفينا من الحداثة بدور المستهلك لا المنتج، في أسواقنا أحدث المنتجات العالمية، لكن عقولنا مسكونة بمفاهيم في الحكم والتعليم والسلوك الاجتماعى تعود لزمن فات، وحتى الآن لم ننجح في المزج بين مفاهيم الأصالة والمعاصرة، والنتيجة عطل جسيم في «السيستم».

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السيستم» به عطل جسيم حداثة مصر المنقوصة «السيستم» به عطل جسيم حداثة مصر المنقوصة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon