(1)
هل من حق من يصل عبر صناديق الانتخاب لمركز مرموق ومكانة رفيعة أن يقول ويفعل ما يحلو له دون ضابط أورابط، حتى لو كان فيما يفعله ويقوله تحقير للمنصب الذى وصل إليه وتقليل من قيمته فى أعين العامة؟
السؤال السابق يدور فى خلد الملايين الذين يتابعون الرئيس ترامب الذى أصبحت خطبه وتصريحاته مثارا للسخرية والانتقاد داخل أمريكا وخارجها.
وفى مصر يكثر الجدل حول شخصية أخرى، عضو منتخب فى مجلس النواب، اعتاد الظهور فى الفضائيات مهاجما معارضيه بأفظع الشتائم والأوصاف، ووصل الأمر به إلى تهديد شخصيات عامة مصرية وأجنبية على الهواء، وأن فى حوزته ما يدينهم ويفضحهم!
هذا العضو يثير التساؤل: كيف ينعم حتى الآن بعضوية مجلس النواب وحماية الدكتور عبدالعال الذى لم نسمعه يوما يطلب من العضو تلميحا أو تصريحا بالتوقف عن هذه التصريحات التى تشين البرلمان، وتهز صورته؟! فيفترض أن يكون أعضاؤه قدوة للعامة فى حُسن الخلق.
(2)
المرشح لمنصب رفيع أو من يتقلده عليه أن يحترم هذا المنصب، وأن يكون جديرا به، القاضى «بريت كافانوه»، مرشح الرئيس دونالد ترامب لعضوية المحكمة العليا، موضوع الساعة فى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد اتهام «كريستين بلاسى فورد» له بمحاولة اغتصابها قبل 26 عاما من الآن، حين كان طالبا فى المرحلة الثانوية، يتساءل البعض هل يستحق الأمر كل هذه التحقيقات والاستجوابات والفضائح، ولقد مضت سنوات طويلة على هذه المحاولة حتى إن صح اتهام كريستين؟
الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية أصدر بيانا السبت الماضى يعارض فيه ترشيح «كافانوه» لهذا المنصب جاء فى: «لا يمكننا أن نظل صامتين فى ظل هذه الظروف الاستثنائية التى تحيط بمرشح لوظيفة مدى الحياة فى أعلى محكمة فى البلاد، إن التعيين فى المحكمة العليا يجب أن يقوم على معايير صارمة، وهناك الكثير من الأسئلة لم يجب عنها بخصوص مزاعم ذات مصداقية متعلقة بالاعتداء الجنسى».
الجدير بالذكر أن هذا البيان يعد خرقا لتقاليد اتحاد الحريات المدنية، فهو لم يعلق على المرشحين لوظائف عامة، منذ تأسيسه قبل 98 عاماً.
فى مقابل هذا الموقف نجد شخصيات مصرية ذات حيثية تتبوأ مناصب رفيعة المستوى فى الدولة، هناك قصص كثيرة تدور حول تحرشهم بالنساء فى المناسبات العامة.
هذه الشخصيات لا تحترم مقام منصبها، ولا تعلو فوق الصغائر فى تعاملاتها المادية، رغم المرتبات الضخمة التى تتقاضاها من الدولة، فنجدها تلهث وراء الظهور فى برامج تليفزيونية والمشاركة فى منتديات ومؤتمرات غير ذات أهمية، من أجل المقابل المادى السخى الذى يحصلون عليه، هؤلاء ليس لديهم مانع من تقديم وجبة ذكريات مثيرة لشهية المشاهدين وفضولهم يرددون فيها تفاهات تشينهم، وتقلل من صورة بلدهم، وكأنهم فى مرحلة تأسيس منزل الزوجية، رغم أنهم تخطوا سن السبعين.
(3)
بعيدا عن المناصب السياسية العامة، فهناك مناصب لها تأثير كبير على الرأى العام، مثل رئاسة تحرير الصحف. وأعتقد أنه فى الفترة القادمة يجب أن يتم اختيار رؤساء التحرير بمعايير دقيقة وشفافة، لا يكفى أن يكون المرشح مشهودًا له بالمهنية، بل يجب أن يكون أمينا، وحسن السمعة، وله مصداقية وطاهر اليد، فالطبع يغلب التطبع، عرفت أسماء لامعة فى بلاط صاحبة الجلالة تستحق المثول فى قفص الاتهام، بسبب تصرفاتها: تحرش جنسى، تربح واستيلاء على المال العام، وفحش القول.. وغيره.
مجال الإعلام يجب أن يقوده الأمناء القادرون على الحفاظ على قيم هذا الوطن وهويته.
لو كنا نريد تغييرا حقيقيا فى مصر، فعلى أولى الأمر أن يحسنوا اختيار من يُولُونَه ثقتهم ومسؤولية خدمة الشعب، وعلى كل من لديه طموح لمنصب أن يدرك أن ماضيه يصنع مستقبله.. وهناك دوما من يراقبك.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع