توقيت القاهرة المحلي 08:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نهاية الإمبراطورية الأمريكية

  مصر اليوم -

نهاية الإمبراطورية الأمريكية

بقلم : مي عزام

(1)

يمر هذا العام 30 سنة على سقوط جدار برلين، الذى يمثل بداية انهيار الاتحاد السوفيتى، هناك من يؤمن بالدورة الثلاثينية، بمعنى أن العالم يدخل دورة جديدة كل ثلاثة عقود تقريبا، تتشابه فيها الأمور لكن النتائج تكون مختلفة. وفى هذه الدورة يلعب «ترامب» دور «جورباتشوف»، وكما يظل اتهام الغرب بأنه وراء دفع الاتحاد السوفيتى إلى الهاوية قائما، سيظل اتهام روسيا بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية لصالح ترامب وتداعيات ذلك مستمرة.

(2)

هذا العام يعد ذروة الارتباك الأمريكى، فهو العام السابق للانتخابات الأمريكية، والذى تراكمت فيه الشحوم التى ضخها ترامب بحماقة فى شرايين النظام العالمى الذى أسسته بلاده، ويوشك النظام على الإصابة بجلطة دماغية. فى الماضى القريب كان العالم يتحمل النزق الأمريكى مادام الدم يتدفق فى شرايين العالم، أما حين يتحول الأمر لمسألة وجود وسيادة وخسارة مستمرة، يفيض الكيل.

(3)

يصدر قريبا فى أمريكا كتاب بعنوان: «لماذا تخسر أمريكا الحروب؟ الحرب المحدودة والاستراتيجية الأمريكية من الحرب الكورية إلى الوقت الحاضر» للخبير العسكرى الأمريكى «دونالد ستوكر»، الكتاب يناقش جدوى الحروب الأمريكية من كوريا إلى فيتنام إلى أفغانستان والعراق، لم يعلن الكونجرس الحرب منذ عام 1942، لكن سمح للرؤساء بإدخال الأمة فى «حروب محدودة» دون تدخل يُذكر من المشرعين، كانت أهداف هذه الحروب ضبابية بشكل عام، وكان تحديد النصر أكثر مراوغة.

بالنسبة لستوكر، وفق ما جاء فى حديث صحفى معه، فإن الغموض الذى تميزت به حروب أمريكا فى الآونة الأخيرة هو نتيجة طبيعية لعدم وجود أهداف واضحة من أولئك الذين يشنونها. حيث يتم التغاضى عن الأسئلة الأساسية مثل: «ماذا نريد حقًا؟»، و«كيف نحافظ على السلام بمجرد أن نحصل عليه؟»، ويتساءل الكاتب: إذا كنت لا تفهم هدفك السياسى، ولا تفهم معنى الفوز، فما هو النصر الذى من المفترض أن يبدو عليه؟!

(4)

لم تتوقف أمريكا عن الدخول فى حروب محدودة لم تحصد منها سوى الخزى وبعض المنافع لجماعات الضغط الأمريكية، التى تتبرع بسخاء للحملات الانتخابية مما يسمح لها بتوجيه السياسة الأمريكية عن بعد، وهى الآن على وشك الدخول فى مواجهة مع إيران، فى وقت خسرت فيه عددا من حلفائها التقليديين فى أوروبا وخارجها، حتى علاقة الحبل السُّرى التى تربطها ببريطانيا توشك على الانقطاع. إفراط أمريكا فى التلويح باستخدام القوة العسكرية وفرض عقوبات اقتصادية على الدول المارقة من وجهة نظرها يقلل من تأثير هذه الأدوات، ويجمع الفرقاء ضدها كما يحدث الآن مع إيران وتركيا.

(5)

الولايات المتحدة الأمريكية لن تنهار كما حدث مع روسيا عقب سقوط الاتحاد السوفيتى فمازالت صاحبة أقوى اقتصاد وقوة عسكرية، لكن ستفقد الكثير من نفوذها وسيتراجع دور الدولار فى المعاملات التجارية، وهو ما حدث بين الصين وروسيا وإيران وتركيا، فالمبادلات بينها بالعملات المحلية، لن يصبح للعملة الخضراء نفس القوة وستفقد جزءا من قيمتها نتيجة انخفاض الطلب عليها فى المعاملات التجارية الدولية، وسينعكس ذلك على تأثير المنظمات المالية الدولية (الموجهة أمريكيًا: البنك الدولى والصندوق) على اقتصاديات الدول المقترضة. ستظل أمريكا دولة عظمى لكنها أبدًا لن تكون القطب الأوحد والمهيمن على العالم، وستقبل المشاركة وتقاسم مناطق النفوذ.

(6)

توجُّه «السادات» نحو أمريكا والغرب نأى بمصر عن التأثر بتداعيات سقوط الاتحاد السوفيتى، القيادة المصرية الحالية تسعى للتوازن فى السياسة الخارجية، ونجحت حتى الآن فى تحقيق ذلك بقدر المستطاع، لكن مازالت سياستنا الاقتصادية مرتبطة بالغرب، وخطواتنا محسوبة علينا ومقيدة بتوجيهات المؤسسات المالية الدولية الدائنة.

المتغيرات الدولية المتسارعة يمكن أن تكون فرصة سانحة لوضع استراتيجية لإحياء الأمة المصرية، لا تجد إعاقة فى ظل هذه الصراعات المحتدمة، متخذين من استراتيجية «إحياء الأمة الصينية» نموذجا، والتى ستنتهى بحلول عام 2049، الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، والهدف منها استعادة مكانة الصين على قمة العالم.

مصر أيضا تستطيع لو أرادت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية الإمبراطورية الأمريكية نهاية الإمبراطورية الأمريكية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon