توقيت القاهرة المحلي 05:49:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرق الأوسط.. ولعبة الكراسى الموسيقية

  مصر اليوم -

الشرق الأوسط ولعبة الكراسى الموسيقية

بقلم : مي عزام

(1)

من يترك موقعه طواعية عليه أن يتوقع أنه سيأتى من يملأ فراغه سريعا، خاصة إن كان الموقع متعلقا بالنفوذ والهيمنة. الشرق الأوسط فيما يبدو يسير وفق قواعد الكراسى الموسيقية، هذه اللعبة تبدو على بساطة قواعدها قادرة على تفسير المواقف السياسية المعقدة والمتناقضة والصراعات العسكرية المتشابكة. المنافسة بين اللاعبين الإقليميين والدوليين تزداد شراسة كلما انخفض عدد المقاعد المتاحة نتيجة خروج منافسين من المشهد، اللعبة لا تتوقف والمنافسة مستمرة والتدافع يزداد حدة والعنف يُبرر تحت شعارات الضرورة، الدم العربى يُراق، وخرائب أوطاننا تزداد اتساعا، واللعبة أبدا لا تتوقف، الجميع مدفوعا بالأمل فى المكاسب تسحقه ماكينة تكسير العظام.

(2)

فى مارس 2016، وقبل شهور قليلة من انتهاء ولايته الثانية، أجرى باراك أوباما حديثا صحفيا مع مجلة «أتلانتيك» الأمريكية تحدث فيه عن ضرورة تقاسم النفوذ بين السعودية وإيران، والتوصل إلى سبيل لتحقيق نوع من السلام البارد بينهما.

أوباما فى ولايته الثانية قرر أن يعطى ظهره للشرق الأوسط ومشاكله الكثيرة العصية على الحل، وحسب قوله فالمنطقه لا تصدر النفط وحده لكن أيضا الإرهاب. هذا الحديث الصحفى كان له صدى واسع، وشعر الحلفاء الاستراتيجيون لأمريكا فى الخليج حينها بخيبة الأمل. أوباما ألقى مسؤولية الفوضى فى الشرق الأوسط على الآخرين، لم يبذل الجهد الكافى لحل المشاكل المتراكمة بفعل سياسات أمريكية خاطئة، وأصبح هدفه الخروج بأى ثمن من منطقة لا فوز فيها.

الفراغ الأمريكى ملأته روسيا سريعا بالانخراط المؤثر فى الساحة السورية، وهو ما شجعها على المشاركة مؤخرا فى ليبيا، روسيا عادت إلى الشرق الأوسط وأثبتت أنها لاعب دولى لا يُستهان به، تراجع الدور المصرى استغلته قوى إقليمية عربية وغير عربية فى توسيع دائرة نفوذها. لكن فى النهاية كانت النتيجة خسارة العرب المباراة على ملعبهم، وفاز آخرون كانوا أكثر يقظة للمتغيرات على الساحة الإقليمية والدولية، وقدرة على الفعل والحسم.

(3)

هذا الأسبوع كانت هناك ثلاثة أحداث مهمة فى مدلولها وتداعياتها، أولها المناورات الثلاثية بين الصين وروسيا وإيران فى شمال المحيط الهندى وبحر عمان، والتى علق عليها مسؤول فى وزارة الخارجية الأمريكية بأنه يجب على روسيا والصين ألا تجرى مناورات بحرية مع إيران، بل تفرض عقوبات على قياداتها، هذه المناورات رسالة مهمة فى توقيتها، وهى موجهة لأمريكا فى المقام الأول، وتشكك فى دورها التقليدى فى التحكم وحماية الملاحة فى الخليج. الحدث الثانى الضربات الجوية الأمريكية التى استهدفت مقار الحشد الشعبى فى العراق. وزارة الخارجية العراقية أدانت الغارات واعتبرتها انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق، لكن أمريكا بررت ضرباتها بأنها رد على هجمات الحشد الشعبى على قوات أمريكية فى العراق، كما لوح وزير الدفاع الأمريكى بإجراءات إضافية لـ«ردع إيران». الحدث الثالث حصار مئات من المحتجين على هذه الغارات السفارة الأمريكية فى بغداد، وما تبع ذلك من أعمال شغب، وتحميل ترامب إيران مسؤولية الهجوم على السفارة. الصراع الأمريكى- الإيرانى يتفادى المواجهة المباشرة، ويختار الطرفان دولًا عربيًا لتكون ساحة المعركة بينهما.

(4)

أوطاننا العربية أصبحت ساحة للحروب والصراعات التى تديرها قوى إقليمية ودولية دون إذن منا، الكل حريص على مكانته فى الشرق الأوسط الثرى بخيراته وموقعه المتميز، لأن هذه المكانة ستترتب عليها ترتيبات النظام العالمى الجديد والتوزيعات الجديدة لمناطق النفوذ.

وأين العرب من كل هذا؟

العرب لم يحلوا بعد مشاكلهم الداخلية مع شعوبهم، ولم ينهوا الخلافات فيما بينهم ليبدأوا تعاونا حقيقيا قائما على المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية، وأصبح أقصى طموحاتهم إصدار بيان شجب من الجامعة العربية تدين التدخلات الخارجية فى الشأن العربى، وهم يعرفون جيدا أن بيت العرب لا يملك أى أداة ضغط أو تأثير على الساحة الدولية.

رغم كل هذه المؤشرات السلبية عندى أمل أن يكون 2020 عام اليقظة المصرية والعربية.. وكل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الميلادى الجديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط ولعبة الكراسى الموسيقية الشرق الأوسط ولعبة الكراسى الموسيقية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon