توقيت القاهرة المحلي 21:28:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استثمر في نفسك

  مصر اليوم -

استثمر في نفسك

بقلم : مي عزام

(1)

الاستثمار معناه البسيط عند العامة، شخص أو مؤسسة لديه فوائض مالية وعنده رغبة فى إدارتها لتحقيق أعلى عائد، دول العالم تتسابق على جذب المستثمرين، لخلق وظائف لمواطنيها، وبالتالى تحسين حياتهم. تحسين الحياة وتحقيق السعادة والرضا هما المقصد والهدف من كل نشاط اقتصادى، وبالرغم من ذلك لا يتحدث أحد عن الاستثمار فى الذات رغم أنه يحقق الهدف. إنسان القرن الواحد والعشرين متشبع لحد التمزق بسبب ما يتلقاه على مدار الساعة من معلومات وأخبار يعجز عقله عن ترتيبها واتخاذ قرارات حيالها فيركن للعقل الجمعى ليقلده وهنا تأتى أهمية تأثير وسائل توجيه الرأى العام. تخيل معى أن تقوم دولة «فيس بوك» بطرح السؤال التالى على شعبها: ما هى أمنياتك وأحلامك؟

كل فرد سيجيب بما يتخيل أنه «الجزء الناقص»، الإجابات ستتمحور حول ملء النواقص الخارجية، من وجهة نظرك كم ستبلغ نسبة من يجيب على السؤال قائلا: أمنيتى أن أكتشف ذاتى وأطور قدراتى حتى أحقق جوهر وجودى.

(2)

ذاتنا هى الرفيق الدائم الذى لا يفارقنا، ورغم ذلك فنسبة صغيرة جدا من البشر تجتهد لتكتشف هذه الذات وإمكانياتها الحقيقية، نسبة صغيرة تتعامل برشد واهتمام ومحبة مع جسدها وتدرب وتطور عقلها وتتأمل وتترفق بنفسها لتحقق الصفاء والسكينة والترقى لروحها. البعض يتعامل مع الجسد بمفهوم السلعة، نادرا ما نغرس فى نفوس أطفالنا مفهوم رعاية الجسد والعناية به لأنه أمانة من الخالق يجب الحفاظ عليها فى أحسن صورة بالطعام الصحى والتريض والاعتدال، الرياضة فى تفكيرنا مرتبطة بالمنافسة وحصد الجوائز وليس الحفاظ على صحة أجسادنا. أعداد النساء اللواتى يقدمن على عمليات التجميل يتزايد كل عام وكذلك الإنفاق على مستحضرات التجميل بين النساء والرجال أيضا، هذا الشغف ليس مرده الاهتمام الشخصى بأجسادنا، لكن يرجع إلى تأثير آلة الإعلان الجهنمية التى تربط بين الجمال بمقاييس غربية وبين السعادة والرضا على النفس.

(3)

فرق كبير أن تهتم بجسدك لأنه يستحق وأن تفعل ذلك لترضى الآخرين وتكون جميلا فى مرآتهم، فرق بين أن تقتنع بأن خفض الوزن والتريض ضرورة لأن الشحوم وعدم الحركة يفسدان عمل أجهزة جسدك وبين أن تفعل ذلك لأن الرشاقة تجعلك عصريا وعلى الموضة، المدهش أن بعضنا يخاف على ممتلكاته ويحرص على صيانتها أكثر من اهتمامه بصيانة جسده والعناية به حتى أنه لا يذهب للطبيب إلا بعد أن يصرخ الجسد متألما. الجسد مثل الطفل، يحتاج لعناية ورعاية وحب وترويض على العادات الصحية والاعتدال فى الاستهلاك، والعناية به فى الصغر تؤمن لك العناية بك فى الكبر.

(4)

العقل والروح، لكل منهما دربه وأهميته وطرق العناية به واستثماره، العقل هو الأخ الكبير للجسد، الذى يوجهه طبقا لما تعلمه وتدرب عليه واكتسبه من عادات مرتبطة بالذاكرة، النشاط العقلى مرتبط بالتعلم، تزداد قدراته وسعته بالتعليم والتدريب المستمر وعلينا أن نستثمر عقولنا بالتعلم المستمر والاطلاع على المستجدات، الكمبيوتر تم اختراعه على نسق العقل، كلاهما يقدم حلولا واختيارات طبقا لما يتوفر له من معلومات، وفى حال كانت هذه المعلومات مضللة أو زائفة ستكون الإجابات من نفس النوعية، كثيرا ما تضلل مشاعرنا عقولنا، ولهذا يتفوق الذكاء الاصطناعى عن الذكاء الإنسانى فى الأنشطة التى لا تحتاج لمشاعر، لكن تبقى المشاعر هى جنة الإنسان وجحيمه. «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا»، سواء كنت مؤمنا بوجود خالق أو ملحد، ستشعر أن هناك طرفا ثالثا يرافقك غير جسدك وعقلك، هناك شىء يروض الغرائز ويلهمك الصواب والقوة فى أوقات الشدة والضعف، هناك نور داخلى يخفت أحيانا فتشعر بالضياع، وحين يضىء تفيض مشاعرك بالسكينة والرضا ويغمرك إحساس بالأمان والقوة الداخلية وبدونه يكون الإنسان هشا متململا، مهما حقق من إنجازات وجمع من مال أو حاز على شهرة، الروح أو النفس المطمئنة أو القلوب التى تفقه وتعقل، طاقة نورانية تحافظ على توهجها بالعبادة والتأمل والتدبر والتواصل مع روح الكون، المحبة تزيدها تألقا والكراهية والتعصب والتنافسية المادية تذبلها. أنت أملك الوحيد، حب نفسك واستثمر فيها وقتا وجهدا واهتماما، إنه الاستثمار الوحيد الذى لا يمكن لأى سلطة أو قوة مهما كانت غاشمة أن تنتزعه منك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استثمر في نفسك استثمر في نفسك



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon