توقيت القاهرة المحلي 08:55:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إدارة الأزمات

  مصر اليوم -

إدارة الأزمات

بقلم : مي عزام

(1)

منذ أربعة شهور تقريبًا كتبت مقالًا بعنوان «مفاوضات سد النهضة.. معركة وجود» جاء فيه: «أعتقد أن علينا التعامل مع ملف سد النهضة بنفس الجدية والروح التي تعاملت بها مصر مع حرب أكتوبر، بالدراسة والاستعداد والتأهيل والبحث عن أفضل العناصر التفاوضية ذات الفكر الإبداعى للخروج من هذا المأزق. المفاوضات ليست «مكلمة»، لكنها معارك حاسمة دون بارود، تُستخدم فيها كل الأسلحة المتاحة، ويتم التخطيط لها تماما مثل الحروب العسكرية، ووضع خطط بديلة في حال حدوث أي تغيرات غير متوقعة، ثم متابعة نتائجها وتقييمها. والمفاوض الجيد هو من يمتلك الكفاءة والمعرفة بالأهداف الاستراتيجية متعددة البدائل، ويتمتع بالمرونة والحزم، ويعرف كيف يغرى بالجزرة ومتى يهدد بالعصا، وعلى مصر أن تبحث بجدية عن مثل هذا المفاوض ولدينا هذه الكفاءات».

المفاوض المصرى كان حسن النية، لم يستخدم إمكانيات مصر على الحشد عربيا وعالميا لإبراز حقها في الحياة الذي يسبق الحق في التنمية، جولات «سامح شكرى»، وزير الخارجية، الحالية مهمة، لكننى أعتقد أنها جاءت متأخرة، وكان يجب أن تسبق موقف إثيوبيا المتعنت. بات الأمر واضحا أن اثيوبيا، مدعومة من أطراف إقليمية ودولية، تدعى حقا ليس لها في التصرف في مياه النيل الأزرق النابع من أرضها، ضاربة بذلك القانون الدولى والاتفاقيات الخاصة بالأنهار غير الملاحية عرض الحائط.

(2)

مياه النيل مسألة حياة أو موت بالنسبة للمصريين، وأعتقد أن الأمر يستحق تشكيل هيئة لإدارة هذه الأزمة تابعة لرئيس الجمهورية مباشرة أو رئيس الوزراء، يشارك فيها خبراء وعلماء ومفكرون وإعلاميون من خارج الحكومة ومن داخل النظام، من تجد الحكومة ضرورة لوجوده ممثلا عن مؤسسات الدولة، من مهامها مخاطبة الشعب لتوضح له الخطوات القادمة ودوره فيها والمطلوب منه، وتُظهر للشعب حلفاءنا الحقيقيين الذين يساندوننا في هذه المعركة المصيرية، فهناك دولة عربية حليفة لمصر لديها استثمارات واسعة في إثيوبيا وتشارك في تمويل سد النهضة، علينا أن نعرف هل قامت هذه الدول بدورها في الضغط على إثيوبيا بالتهديد بسحب استثمارتها في حال عدم توقيع إثيوبيا على اتفاق قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، الذي تم التوافق عليه عقب اجتماعات واشنطن ووقعته مصر بالأحرف الاولى أم لا؟ وجميعنا نتذكر بامتنان موقف الملك فيصل إبان حرب 73 حين استخدم سلاح النفط لدعم مصر وسوريا، الأزمات تُظهر معدن الحلفاء ومدى صمود التحالفات.

(3)

هيئة إدارة الأزمات لديها أيضا أزمتان عاجلتان، أولاهما كورونا، أزمة تشاركنا فيها حوالى 100 دولة حول العالم، الفرق بينها يكمن في كيفية التعامل مع هذا الوباء والإجراءات الوقائية والعزل والعلاج، مشهد تزاحم المواطنين المصريين أمام المعامل المركزية لوزارة الصحة في القاهرة لإجراء تحليل فيروس «كورونا» كان صادما ومثيرا للسخط، فهو يخالف إرشادات الوقاية من الفيروس ويدل على عدم استعداد وزارة الصحة لإدارة أزمة بهذا الحجم، والحقيقة أن الأمر أكبر فعلاً من إمكانيات وزارة الصحة المحدودة والمتواضعة، وهنا على لجنة إدارة الأزمات أن تضع خطة عاجلة وشاملة وتكون لديها صلاحيات تنفيذية وإمكانيات مادية، وأن تضع خطة تشمل مستشفيات وزارة الصحة والجيش والشرطة والقطاع الخاص، وأن تضع في اعتبارها إمكانية فتح باب التطوع والتبرع، فيجب أن تكون الخطة الموضوعة وقائية وعلاجية على أعلى مستوى ممكن.

وهناك أزمة ثالثة عاجلة، وهى تضرر قطاع السياحة، وهو القطاع الاقتصادى الأكثر تأثراً بتفشى كورونا حول العالم، ومصر من الدول التي تمثل لها السياحة دخلاً مهماً، وهنا لابد أن توضع خطط عاجلة للتصرف حيال ذلك الأمر وكيفية تقليل الخسائر قدر الإمكان، ومدى استعداد مصر لفحص السائحين القادمين لمصر وعزل وعلاج المصابين منهم في الداخل، فهذا جزء من صورة مصر ودعايتها السياحية: الخدمات المقدمة للسائحين، والنظافة العامة، وأساليب الوقاية المتبعة.

هيئة إدارة الأزمات لن تنجح دون مشاركة شعبية وشفافية، بهما يمكن استعادة لُحمة الشعب المصرى واصطفافه وراء أهداف واضحة، في الشدائد يظهر معدن المصريين الحقيقى وصلابتهم.

حفظ الله مصر شعبًا وأرضًا ونيلًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة الأزمات إدارة الأزمات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon