توقيت القاهرة المحلي 21:22:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

درس ممتد المفعول

  مصر اليوم -

درس ممتد المفعول

بقلم : مي عزام

بعض عناوين الأخبار هذا الأسبوع كانت ذات أهمية كبيرة ومنها: تقرير البرلمان الأوروبى الخاص بمصر حول حقوق الإنسان، التحذير الأمريكى لإيران من القيام بأى عمل انتقامى فى الذكرى الأولى لمقتل «قاسم سليمانى»، تنامى الحضور الروسى فى جمهورية إفريقيا الوسطى، الدول الموقعة على الاتفاق النووى الإيرانى تبحث العودة إلى المفاوضات بعد تنصيب «بايدن» رئيسًا لأمريكا، زيارة «كوشنر» صهر ترامب لإسرائيل لمتابعة سير العمل باتفاقيات التطبيع التى وقعتها عدة دول عربية مع إسرائيل مؤخرًا، كلها أخبار مهمة تستحق النقاش والكتابة عنها، لكن خبر تحوّر فيروس كورونا وظهور سلالة جديدة منه سريعة الانتشار فى لندن كان الأكثر إلحاحًا على عقلى وفكرى.

(2)

جائحة كورونا، بلا منازع هى الحدث الأهم فى 2020، ويمكن اعتبار الفيروس شخصية العام الأكثر تأثيرا، ويليه الرئيس الأمريكى ترامب، والذى كان الوباء من أسباب خسارته الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

هذا الفيروس يعمل جاهدًا للبقاء على قيد الحياة، ويتحوّر بطفرات جينية تثير قلق العامة وتربك العلماء، يتلاعب بالدول والشعوب، وتأثيره يفوق التدخلات الأمريكية وهجمات الجماعات الإرهابية وسطوة أنظمة الحكم الاستبدادية، فرض قهرًا عادات جديدة على الناس وحرم الفرد من حقوق طالما تمسك بها وتظاهر من أجلها ومنها حرية التنقل والاجتماع مع الآخرين دون قيد أو شرط. كورونا أجبرت الناس على مراجعة خططهم المستقبلية ووضعتهم قيد الإقامة الجبرية دون ذنب ارتكبوه أو مخالفة قاموا بها، كورونا فيروس مستبد، لكن لا أحد يملك محاكمته أو شجب أفعاله أو تجريمها أو إصدار قرار دولى بفرض العقوبات عليه وتحجيم نشاطه التخريبى رغم الخسائر الفادحة التى تسبب فيها. لو تدبرت تبعات كورونا لأصابك الهلع حال تخيلك فيروسًا أكثر فتكًا منه وأسرع انتشارًا يغزو العالم وهل نحن مستعدون لهذا السيناريو؟. المفارقة بين قدرة دول عظمى على محو دول أخرى من على الخريطة باستخدام سلاحها النووى الفتاك وعجزها عن الفعل نفسه مع الفيروس يبدو مدهشًا، أقصى ما تصبو إليه الدول الكبرى إيجاد علاج فعال للفيروس والتوصل لمصل يقينا منه ويعيد لنا بعضًا من الطمأنينة المفقودة.

(3)

البعض يتحدث عن عام 2020 على اعتبار أنه الأسوأ؟ فهل هذا حقيقى؟، يربكنى السؤال والإجابة، فالزمن، كما أعتقد، هو عمرك الممتد بقدر ما هو مكتوب لك، اخترع الإنسان وحدات لقياسه: سنة، شهر، يوم، ساعة، دقيقة وثانية، ليسهل عليه الحساب والتذكر والتدوين والتوثيق. «الماضى» و«الحاضر» و«المستقبل»، مصطلحات كان لابد من استعمالها للتعامل مع لغز الزمن المستعصى على فهمنا، الخفة والثقل تجاه الوقت أو الزمن مشاعر داخلية بحتة. أعرف شابًا يعتبر عام 2020 أفضل سنوات حياته وانتشار كورونا أفضل ما حدث فيها، لم يكن يستطيع أن يتزوج خطيبته بسرعة فى ظروف أخرى، حماته كانت مصرّة على أن يكون حفل زفاف ابنتها الوحيدة فى فندق 5 نجوم وشهر العسل خارج مصر، ادخار هذه المبالغ كان يحتاج منه على الأقل عامين، لكن حدث ما لم يكن يتوقعه، أصيبت حماته بكورونا وكانت حالتها حرجة وعندما خرجت من المستشفى أصرت على إتمام زفاف ابنتها فى أسرع وقت وفى أضيق الحدود وشهر العسل كان فى الغردقة، بالنسبة لهذا الشاب 2020 كان عام تحقيق الأحلام، وبالنسبة لشاب آخر كان الأسوأ، فلقد ترك عمله فى شركة اتصالات كبرى ليبدأ تأسيس شركة سياحة خارجية وهو مجال يحبه ويتقنه، ثم جاءت جائحة كورونا، خسر كل مدخراته وأغلق الشركة بعد أن عجز عن دفع مرتبات العاملين.

(4)

الحياة يوم حلو ويوم مر، والإنسان كائن مرن استطاع التعايش مع أسوأ الظروف، مر عليه خلال عمره الطويل على كوكب الأرض ما هو أسوأ من وباء كورونا، واستطاع أن يستكمل حياته وينسى خسائره ويتعلم من التجارب المريرة ويستخدم خبراته السابقة فى التصدى للأسوأ. جائحة كورونا لن تكون الأخيرة فستأتى جوائح فيروسية فى المستقبل ربما أشد ضراوة، وعلى الدول أن تستعد للتعامل مع هذه الأخطار المتوقعة بأقل خسائر ممكنة، وعلى الفرد أن يتأمل حياته خلال هذا العام، صحيح أنه فقد بعضًا من قدرته على التحكم فى ممارسة حياته كما يحب، لكنه اكتسب خبرة ومعرفة بما هو مهم وضرورى وما هو رفاهية وكماليات يمكن الاستغناء عنها.. درس 2020 ممتد المفعول فذاكروه جيدًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس ممتد المفعول درس ممتد المفعول



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon