توقيت القاهرة المحلي 08:57:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين تغيب فلسفة القرار عن صانعه

  مصر اليوم -

حين تغيب فلسفة القرار عن صانعه

بقلم : مي عزام

(1)

أمس الأول كنت بحاجة إلى شراء قطعة غيار للثلاجة، بالسؤال عنها وجدت أنها متواجدة فقط في شارع عبدالعزيز بوسط القاهرة، توكلت على الله وقررت النزول رغم رفض أفراد أسرتى، الذين وجدوا أننى ألقى بنفسى إلى التهلكة!. التزمت بالإجراءات الوقائية، اشتريت كمامات سعر الواحدة 6 جنيهات من صيدلية مجاورة لمنزلى، قيمتها لا تزيد عن جنيه واحد في الظروف العادية، وارتديت قفاز قماش وجدته بالصدفة في أحد الأدراج ووضعت بخاخ الكحول في حقيبتى. أصرت ابنتى الصغرى على مرافقتى في هذه الرحلة الخطرة، من وجهة نظرها، حتى تراقب مدى التزامى بالمسافة الآمنة ورش الكحول بعد ملامسة أي سطح. أثناء قيادتى للسيارة من المعادى وحتى وجهتى، مررت على منطقة الحسين والموسكى والعتبة، وجدت أن ما يكتب على صفحات التواصل الاجتماعى عن أن كورونا ومخاطرها حملة إعلامية لا تصل لعموم المصريين في المحروسة، كلام واقعى جدا، كل الأسواق الشعبية مزدحمة للغاية، وبين كل ألف شخص لا تجد سوى واحدا ملتزما بارتداء الكمامة، ولكن تقريبا في حضن من يجاوره من شدة الزحام. وجود ابنتى سمح لى بالوقوف دقائق أمام المحل الذي به قطعة الغيار، اشتريتها وأسرعت بالعودة إلى السيارة.

(2)

هل نعيش الواقع أم ما نتمناه؟

الجميع شاهد لقطات متلفزة للرئيس وهو غاضب من عدم التزام تجمعات عمالية بارتداء الكمامات، رغم أن جولات عدد من كبار المسؤولين في الدولة لم يلتزم فيها مرافقوهم بأى إجراءات وقائية من حيث المسافة أو ارتداء الكمامات، ولقد سجل الإعلام ذلك ونشره على الناس. من يضطر إلى الذهاب إلى مصلحة حكومية أو بنك أو مكتب بريد، يشاهد بعينه أن أغلبية المصريين لا تلتزم بأى إجراءات وقائية، لا كمامات ولا مسافات آمنة، الجميع محشورون في مساحات ضيقة للغاية سيئة التهوية، وهى بيئة يسهل فيها انتقال جميع أنواع الفيروسات وليس كورونا فقط.

بالطبع ليس المطلوب من الحكومة تعيين رقيب على كل مسؤول أو مواطن لتتأكد من التزامه بتوصيات الوقاية، فهذا شىء غير منطقى، وغير منطقى أيضا الفزع والهلع من جثث موتى كورونا بدون أسباب طبية حقيقية.. إذن نحن أمام أداء شعبى جمعى بعيد عن الوعى، ويجب أن يُدرس قبل إصدار أي قرار أو قانون.

(3)

حين اتخذ رئيس الحكومة قرار حظر التجوال كان مقصده- على ما أظن- تقليل خطر الإصابة بالفيروس وسرعة انتشاره، ولكن طبقا لما يحدث بالفعل، فإن فترة السماح الممتدة ل14 ساعة يوميا كافية لانتشار الفيروس، وبالطبع لا أحد يتصور أن كورونا تنشط ليلا وتستريح نهارا.

حين سألت صديقة تعيش في العاصمة الفرنسية عن الأحوال هناك قالت: «باريس تحولت لمدينة أشباح، شوارعها خالية تقريبا من المارة، الصيدليات ومتاجر الأغذية فقط المسموح لها بالعمل أما محال الشانزلزيه الشهيرة كلها موصدة». في الصين استخدمت الدولة تطبيقات الموبايل والذكاء الاصطناعى في تتبع المواطنين فردا فردا حتى يلتزموا بالحظر وتطبيق الإجراءات الوقائية، في بلدنا لا يحدث هذا أو ذاك، إذن ما هو مفهوم الحظر عندنا؟، نتائجه الإيجابية معدومة، والسلبية كثيرة منها: تردى أحوال العمالة اليومية وخسائر اقتصادية، بالإضافة إلى زيادة الزحام في فترة السماح، كما أن مدنا وقرى كثيرة في مصر لا تطبقه.

(4)

أعتقد أن الحكومة تقف في المنطقة الرمادية، منطقة و«كأن»، وكأنه حظر وكأنه وقائى، وأفضل تعليق من متابع على تويتر، على تغريدة كتبتها بهذا المعنى: «الحظر في مصر عامل زى النيش بتاع الجواز ملوش لازمة بس لازم يبقى موجود عشان الناس متاكلش وشنا».

لو أردنا حظرا وقائيا فلابد أن يكون شاملا وحقيقيا كما في معظم الدول المتقدمة، وهو قرار صعب جدا بالنسبة لطبيعة وسلوك المصريين وإمكانيات الدولة، والاختيار الثانى، المرجح عندى، أن تلغى الحكومة الحظر مع تحسين أداء المنظومة الصحية وتوسيع تغطيتها للريف والحضر، وتدبير وسائل الوقاية من كمامات ومطهرات بسعر التكلفة وتكون متوفرة للجميع، مع تقديم رسالة إعلامية بسيطة وواقعية لما يجب أن يكون عليه سلوك المصريين اليومى إزاء هذا الوباء، واستمرار إغلاق دور العبادة والمقاهى والمطاعم والسينمات والمسارح والنوادى ودور الحضانة والمدارس والجامعات لتقليل التزاحم بقدر المستطاع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تغيب فلسفة القرار عن صانعه حين تغيب فلسفة القرار عن صانعه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon