توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين تغيب فلسفة القرار عن صانعه

  مصر اليوم -

حين تغيب فلسفة القرار عن صانعه

بقلم : مي عزام

(1)

أمس الأول كنت بحاجة إلى شراء قطعة غيار للثلاجة، بالسؤال عنها وجدت أنها متواجدة فقط في شارع عبدالعزيز بوسط القاهرة، توكلت على الله وقررت النزول رغم رفض أفراد أسرتى، الذين وجدوا أننى ألقى بنفسى إلى التهلكة!. التزمت بالإجراءات الوقائية، اشتريت كمامات سعر الواحدة 6 جنيهات من صيدلية مجاورة لمنزلى، قيمتها لا تزيد عن جنيه واحد في الظروف العادية، وارتديت قفاز قماش وجدته بالصدفة في أحد الأدراج ووضعت بخاخ الكحول في حقيبتى. أصرت ابنتى الصغرى على مرافقتى في هذه الرحلة الخطرة، من وجهة نظرها، حتى تراقب مدى التزامى بالمسافة الآمنة ورش الكحول بعد ملامسة أي سطح. أثناء قيادتى للسيارة من المعادى وحتى وجهتى، مررت على منطقة الحسين والموسكى والعتبة، وجدت أن ما يكتب على صفحات التواصل الاجتماعى عن أن كورونا ومخاطرها حملة إعلامية لا تصل لعموم المصريين في المحروسة، كلام واقعى جدا، كل الأسواق الشعبية مزدحمة للغاية، وبين كل ألف شخص لا تجد سوى واحدا ملتزما بارتداء الكمامة، ولكن تقريبا في حضن من يجاوره من شدة الزحام. وجود ابنتى سمح لى بالوقوف دقائق أمام المحل الذي به قطعة الغيار، اشتريتها وأسرعت بالعودة إلى السيارة.

(2)

هل نعيش الواقع أم ما نتمناه؟

الجميع شاهد لقطات متلفزة للرئيس وهو غاضب من عدم التزام تجمعات عمالية بارتداء الكمامات، رغم أن جولات عدد من كبار المسؤولين في الدولة لم يلتزم فيها مرافقوهم بأى إجراءات وقائية من حيث المسافة أو ارتداء الكمامات، ولقد سجل الإعلام ذلك ونشره على الناس. من يضطر إلى الذهاب إلى مصلحة حكومية أو بنك أو مكتب بريد، يشاهد بعينه أن أغلبية المصريين لا تلتزم بأى إجراءات وقائية، لا كمامات ولا مسافات آمنة، الجميع محشورون في مساحات ضيقة للغاية سيئة التهوية، وهى بيئة يسهل فيها انتقال جميع أنواع الفيروسات وليس كورونا فقط.

بالطبع ليس المطلوب من الحكومة تعيين رقيب على كل مسؤول أو مواطن لتتأكد من التزامه بتوصيات الوقاية، فهذا شىء غير منطقى، وغير منطقى أيضا الفزع والهلع من جثث موتى كورونا بدون أسباب طبية حقيقية.. إذن نحن أمام أداء شعبى جمعى بعيد عن الوعى، ويجب أن يُدرس قبل إصدار أي قرار أو قانون.

(3)

حين اتخذ رئيس الحكومة قرار حظر التجوال كان مقصده- على ما أظن- تقليل خطر الإصابة بالفيروس وسرعة انتشاره، ولكن طبقا لما يحدث بالفعل، فإن فترة السماح الممتدة ل14 ساعة يوميا كافية لانتشار الفيروس، وبالطبع لا أحد يتصور أن كورونا تنشط ليلا وتستريح نهارا.

حين سألت صديقة تعيش في العاصمة الفرنسية عن الأحوال هناك قالت: «باريس تحولت لمدينة أشباح، شوارعها خالية تقريبا من المارة، الصيدليات ومتاجر الأغذية فقط المسموح لها بالعمل أما محال الشانزلزيه الشهيرة كلها موصدة». في الصين استخدمت الدولة تطبيقات الموبايل والذكاء الاصطناعى في تتبع المواطنين فردا فردا حتى يلتزموا بالحظر وتطبيق الإجراءات الوقائية، في بلدنا لا يحدث هذا أو ذاك، إذن ما هو مفهوم الحظر عندنا؟، نتائجه الإيجابية معدومة، والسلبية كثيرة منها: تردى أحوال العمالة اليومية وخسائر اقتصادية، بالإضافة إلى زيادة الزحام في فترة السماح، كما أن مدنا وقرى كثيرة في مصر لا تطبقه.

(4)

أعتقد أن الحكومة تقف في المنطقة الرمادية، منطقة و«كأن»، وكأنه حظر وكأنه وقائى، وأفضل تعليق من متابع على تويتر، على تغريدة كتبتها بهذا المعنى: «الحظر في مصر عامل زى النيش بتاع الجواز ملوش لازمة بس لازم يبقى موجود عشان الناس متاكلش وشنا».

لو أردنا حظرا وقائيا فلابد أن يكون شاملا وحقيقيا كما في معظم الدول المتقدمة، وهو قرار صعب جدا بالنسبة لطبيعة وسلوك المصريين وإمكانيات الدولة، والاختيار الثانى، المرجح عندى، أن تلغى الحكومة الحظر مع تحسين أداء المنظومة الصحية وتوسيع تغطيتها للريف والحضر، وتدبير وسائل الوقاية من كمامات ومطهرات بسعر التكلفة وتكون متوفرة للجميع، مع تقديم رسالة إعلامية بسيطة وواقعية لما يجب أن يكون عليه سلوك المصريين اليومى إزاء هذا الوباء، واستمرار إغلاق دور العبادة والمقاهى والمطاعم والسينمات والمسارح والنوادى ودور الحضانة والمدارس والجامعات لتقليل التزاحم بقدر المستطاع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تغيب فلسفة القرار عن صانعه حين تغيب فلسفة القرار عن صانعه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon