توقيت القاهرة المحلي 08:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وطن فوق صفيح ساخن

  مصر اليوم -

وطن فوق صفيح ساخن

وطن فوق صفيح ساخن
بقلم - مي عزام

(1) لماذا نشعر جميعا بالتوجس والقلق وكأن على رؤوسنا الطير؟

لماذا لدينا إحساس مبهم بأن الأيام القادمة حبلى بأحداث ستعصف بنا جميعا وتتركنا فى مهب الريح؟

لماذا نشعر أن فرصتنا فى تأسيس «مصر الجديدة»، التى حلمنا بها بعد ثورة يناير ضاعت، ولم يبق لنا إلا موائد الكراهية وطعم الصدى فى الأفواه؟

ألف «لماذا» أبدأ بها صباحى كل يوم، وسؤال يتأرجح على الجدار كالبندول لا يسمح لى بالنوم الهانئ والعميق يصرخ فى رأسى: ماذا بعد؟

لم يعد لدىّ إجابة، وكأن القادم أسوأ من مخاوفى وأكبر من خيالى.

(2) فى مثل هذه الأيام من العام الماضى كتبت مقالا أعربت فيه عن مخاوفى بعدما تلقيت رسائل تهديد على إيميلى الخاص، بسبب ما أكتب من انتقادات، وكان عنوانه «سيادة الرئيس: أنا من الخائفين»

بعدها أشهد أننى لم أتعرض لأذى أو تهديد، لكن المناخ العام ازداد ثقلا وقتامة، وقوة النظام ازدادت غشامة مع المعارضين والمناوئين للرئيس، الجميع لديه إحساس غامض أنه مراقب وأن تحركاته محسوبة عليه، وأنهم يعدون عليه أنفاسه، وكأننا نعيش أجواء رواية 1984 لجورج أورويل، نردد فى صمت بليغ «الأخ الكبير يراقبك».

لماذا كل هذه المخاوف والقلق، والتى لم تعد مقصورة على العامة، بل ظهرت على السيسى فى أكثر من موقف، خاصة فى افتتاح حقل ظهر، كان متوترا، وغاضبا؟ لماذا أصبحنا جميعا كمن يسير فوق صفيح ساخن؟

(3) مصر تمر بمرحلة مربكة ومرتبكة لم أعش مثلها خلال عمرى كله، ما يتهددها ليس مؤامرات خارجية تحاك لها كما اعتاد الإعلام الموجه أن يردد، لكن التهديد الحقيقى هو التحديات الداخلية، فهناك شعور عام بعدم الرضا، مضاف إليه الخوف والإحباط واليأس. الأمن الذى تحقق فى الشارع لا يكفى، فهناك شعور آخر أهم وهو الإحساس بالأمان، يصل للناس حين يشعرون أنهم فى مأمن من أى غدر أو بطش أو أحداث غير متوقعة، هذا الأمان نعمة كبيرة ذكرها الله تعالى فى كتابه الكريم حين قال: «الَّذِى أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ»، الأمان فى نفوس المصريين تعرض لهزات عنيفة جراء العديد من التصرفات، منها: الاعتقالات الموسعة، والاختفاء القسرى، وحظر التظاهر السلمى، والتضييق على حرية التعبير واستقلال الإعلام وحجب المواقع ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعى، وتحرير سعر الصرف، الذى جعل قيمة ما بيد المصريين من جنيهات تنخفض إلى النصف تقريبا بين ليلة وضحاها، هذا القرار ضرب إحساسهم بالأمان الاقتصادى، وهذا سارٍ حتى الآن، خاصة مع تصريحات الرئيس المتكررة عن الأيام الصعبة التى تنتظرنا، فلا أحد يعرف ماذا يأتى به الغد من قرارات مؤثرة على اقتصاديات حياتنا، وكيف يمكن للطبقة الوسطى أن تحقق لنفسها الستر والاكتفاء الذى كانت تعيش فى كنفه لسنوات بدرجات متفاوتة، ومؤخرا ما تعرض له مرشحو الرئاسة المحتملون من ضغوط وتحريض واعتداء، وبعضهم من رجالات الدولة، لن أنسى صوت صديقتى وهى تحادثنى بعد الاعتداء على المستشار هشام جنينة، كانت مذعورة وهى تقول: عملوا كده مع جنينة، هيعملوا معانا إيه؟ طمأنتها وقلت: لا شىء، لسنا أرقاما فى معادلة الحكم، نحن مجرد متابعين لخناقة على السلطة، لم أكن أريد أن أزيد من رعبها، لكننى كنت مثلها خائفة، الخوف معدٍ مثل الضحك، وما يحدث من تجاوزات من النظام يجعلنا جميعا نتشكك من أى موقف حتى لو كان عاديا، منذ أيام اتصل بى شخص قدم نفسه على أنه مواطن خليجى متابع لمقالاتى ومعجب بأفكارى، لأول مرة أشعر بالريبة، وكنت حذرة فى حديثى معه وتبادر سريعا إلى ذهنى أنه ربما يكون شخصا من جهة أمنية يسجل حديثى وقد يدبر لى أمرا لا أتوقعه.. إلى هذا الحد وصلت المخاوف!.

(4) فى مقال مهم لأحمد بهاء الدين عن الشرعية فى العالم العربى كتب: «السلطة فى كل زمان ومكان تحتاج إلى القوة لضبط حياة المجتمع ولكنها لا تكون شرعية إذا كانت تعتمد على (القوة) فقط، إنما تكون شرعية إذا كان لها (قوة النفوذ) عند الناس، لا (نفوذ القوة)، فمن غير هذه الرابطة لا تكون هناك شرعية. لأن الشرعية فى النهاية هى الانسجام بين الحاكم والمحكوم، وبغير هذا الانسجام الداخلى لن ترقى لنا حياة فى داخل بلادنا، ولن يقوى لنا عود فى خارج بلادنا».

كيف يمكن أن نصف الحال بين الشعب والنظام الحاكم الآن؟

وهل يمكن أن يستمر الحال على ما هو عليه؟

سؤال ينتظر العقلاء للإجابة عنه.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وطن فوق صفيح ساخن وطن فوق صفيح ساخن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon