توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الترقب.. الخوف.. انعدام الثقة

  مصر اليوم -

الترقب الخوف انعدام الثقة

بقلم : مي عزام

(1)

الترقب والتوتر هو الشعور الذى يشترك فيه عالمنا اليوم وحتى تعلن المختبرات عن لقاح ومصل وعلاج فعال لفيروس كورونا، حتى الآن تصريحات منظمة الصحة العالمية غير مطمئنة بل تميل للتشاؤم وتتوقع موجة ثانية من الوباء فى الخريف المقبل.

«هذه الفترة غير المسبوقة» عبارة تتردد كثيرا حين يتم الحديث عن تراجع النمو الاقتصادى وزيادة معدلات البطالة بسبب الوباء. ويكفى لتوضيح مدى جسامة الأزمة المالية الحالية ذِكر أن فى الربع الثانى من العام الحالى انكمش الاقتصاد الأمريكى بنسبة 32.9%، مسجلا أكبر تراجع فى تاريخ أمريكا، كما كشفت كورونا عن انعدام المساواة فى المجتمعات، الفئات الأكثر فقرا كانت الأكثر عرضة للمعاناة من المرض، وفضحت قصور أنظمة الرعاية الصحية فى معظم الدول الرأسمالية المتقدمة.

(2)

الخوف حاضر بقوة فى حياتنا اليومية، خاصة فى منطقتنا المنكوبة التى تعانى من تداعيات كورونا مضافة إليها الحروب الأهلية والصراعات الإقليمية والأزمات الاقتصادية الحادة والمخاوف الأمنية الداخلية والخارجية، حاضرنا محاصر ومفاتيح مستقبلنا فى يد غيرنا فى المشرق العربى، لبنان محاصر، وسوريا والعراق يحاولان النهوض من تحت الرماد بين اليأس والرجاء، واليمن مازال يتجرع كأس الألم، حديث السلام يتكرر والأيدى قابضة على السلاح!!.. المفاوضات لا تروى عطش المفاوضين حول المياه والغاز والنفوذ والقواعد العسكرية والأسواق، الحديث عن التعاون الدولى ورفاهية الشعوب، ورقة توت يستر بها المستغلون الجدد عوراتهم. لم تعد الأمور محسومة وواضحة كما كانت فى القرن الماضى: حين كان النظام العالمى منقسم لمعسكرين شرقى وغربى، التصنيف الأيديولوجى سقط مع سقوط الاتحاد السوفيتى وبمباركة غربية، المصالح المتبادلة وتشجيع الاستهلاك وفتح الأسواق هى العقيدة العالمية التى يعتنقها كل راغب فى المنافسة والحصول على حصة ومكانة على كوكب الأرض، وعلى كل راغب أن يثبت جدارته فى لعبة الدم والجوع.

(3)

وسط كل هذا الارتباك الدولى، تحتاج الشعوب إلى نُظم حكم تطمئنها بأن الأمور بخير وتحت السيطرة، نظم حكم تثق بها وترضى عنها، تدافع عن مصالحها وتحقق العدل وتنفذ القانون، تحمى حدودها الخارجية وتحقق الأمن والأمان داخليا. يقول المفكر الأمريكى «نعوم تشومسكى» فى كتابه: «الربح فوق الشعب»: «إن أى مجتمع ديمقراطى محترم يجب أن يقوم على مبدأ موافقة ورضا المحكوم، حاولت القوى الشعبية عبر السنين كسب نصيب أكبر فى إدارة الأمور، فحققت بعض النجاح إلى جانب الكثير من الهزائم.

فى النظم الديمقراطية يتمتع المحكوم بحق الموافقة ليس أكثر، يحق للسكان أن يكونوا «نظارة» ولكن ليسوا مشاركين، فضلا عن ممارسة الاختيار بين الحين والآخر من بين الزعماء الذين يمثلون السلطة الحقيقية، هذه هى الحلبة السياسية، ويجب استبعاد مجموع السكان كلية من الحلبة الاقتصادية، يجب ألا يكون للجمهور دور هنا».

الشعوب تنتفض بعد أن شعرت أنها مستبعدة عند اتخاذ القرارات المصيرية التى تمس حياتهم من جانب السلطة الحاكمة، كان ذلك سببا من أسباب ثورات الربيع العربى والحراك السودانى والجزائرى واللبنانى مؤخرا، الشعوب فقدت الثقة بنظم الحكم، حتى فى الدول العريقة فى الديمقراطية مثل فرنسا، كشفت مظاهرات السترات الصفراء عورات الرأسمالية ومجلس إدارة العالم. العالم يراقب الآن مظاهرات «بيلاروسيا» ضد الرئيس «ألكسندر لوكاشينكو»، المستمر فى حكم البلاد منذ 26 عاما بحجة المستبدين: «إن وجوده يحمى الاستقرار».

(4)

الشعوب جميعًا تعانى بدرجات متفاوتة من الثلاثية السلبية: الترقب المتوتر والخوف وانعدام الثقة. لدينا له سبب إضافى للترقب الحذِر والخوف بسبب تعنت إثيوبيا فيما يخص حصتهم العادلة من مياه النيل، وهو ما يحتاج عملًا جادًّا من جانب الحكومة لطمأنة المواطنين، وأن يتم التعامل مع هذا الملف بشفافية ومصداقية، فهو ملف حساس عند المصريين، فالنيل بالنسبة للمصريين خط أحمر، ومنذ آلاف السنين، ولن يهدأ لهم بال إلا إذا شعروا بأن هذا الخطر الوجودى قد زال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الترقب الخوف انعدام الثقة الترقب الخوف انعدام الثقة



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon