توقيت القاهرة المحلي 11:15:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زيادة نسل.. أم مشكلة سكانية؟

  مصر اليوم -

زيادة نسل أم مشكلة سكانية

بقلم : مي عزام

(1)

على مدى عقود، تحدث رؤساء مصر المتعاقبون عن زيادة النسل كعائق أمام التنمية وتوفير حياة كريمة للمصريين، فحتى يشعر المواطن بالتحسن المعيشى لابد أن تكون معدلات التنمية أعلى من الزيادة السكانية، وهو ما لم يحدث أبدًا. ولأن أغلب دخل مصر ريعى وليس إنتاجيًا، فالزيادة السكانية تتحول إلى عبء، المواليد الجدد يلتهمون ثمار التنمية ويذهب نتاجها إلى توفير الخدمات الأساسية بدلًا من استثمارها فى قطاعات تولد إنتاجًا وتوفر المبالغ اللازمة لتحديث التعليم وتحسين الرعاية الصحية والبنية التحتية.

(2)

ما العمل إذًا؟!

عقود طويلة اختزلت الحكومات المصرية قضية السكان فى «زيادة النسل»، رغم أن القضية لها أبعاد متعددة، منها زيادة النسل بالتأكيد، أضف إليها سوء توزيع السكان وتركزهم فى مساحة محدودة من مساحة البلد، والفروق الكبيرة بين محافظات مصر حيث تتراجع الخدمات المقدمة فى الريف وبخاصة الصعيد مقارنة بالعاصمة والمحافظات الكبرى، وهو ما يؤدى إلى الهجرة إلى المدينة والبناء العشوائى.. خصائص السكان، لأن هذا الأمر له أهمية كبرى لوضع خطة ناجحة لحل المشكلة السكانية.

مشكلة السكان حلها ليس عند المواطن وحده، لكن العبء الأكبر يقع على عاتق الحكومة التى تدير أموره بقوانين وقرارات ملزمة يقرّها البرلمان ممثل الشعب والمنوطة به مراقبة الحكومة لصالح المواطن.

كل مجتمع له هويته وثقافته، وهو ما يلقى بظلاله على المشكلة السكانية، فيجب أن تتواءم الخطة الحكومية مع هذه الهوية، ويمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال، لكن لا يمكن نقلها حرفيا فى مصر.. حل المشكلة السكانية فى اعتقادى يجب أن يسير فى عدة مسارات.. وأطرح هنا أفكارًا لعلها تكون مفيدة:

■ الأم هى حجر الأساس فى الأسرة، لو تم التركيز على توعية الإناث فى الريف بأهمية التعليم وتحفيزهن بشتى الطرق فسيكون لهذا تأثير كبير على تنظيم النسل وتحسين خصائص الأسرة، الأم المتعلمة ستحرص على تعليم أولادها وتوفير حياة أفضل لأولادها.

■ وضع خطة خمسية لإعادة توزيع الكثافة السكانية فى مصر، والتى تتسبب فى انهيار المرافق وسوء الخدمات المقدمة.. نحن نتمركز فى مساحة لا تتجاوز 9% من إجمالى مساحة مصر، وبحسب الإحصائيات فإنّ أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان هى القاهرة الكبرى، حيث تتجاوز الكثافة السكانية 40 ألف شخص/كم² وهى من أعلى نسب الكثافة فى العالم. توزيع السكان لا يعتمد فقط على إنشاء مدن جديدة، لكن وجود خدمات متوفرة فيها، وأبواب رزق لساكنيها حتى لا يهجروها ويستقروا فيها.

■ وضع استراتيجية متكاملة للتعليم العالى والفنى تربط التعليم بسوق العمل، ورفع كفاءة الشباب المصرى وتأهيله وتدريبه بصفة مستمرة حتى يواكب التطور المذهل فى التكنولوجيا.. أقترح تحويل مراكز الشباب إلى مراكز تأهيل وتدريب مستمر، لأنها تغطى كل محافظات مصر، ريفًا وحضرًا. هذه الخطوة تساهم فى تحسين خصائص السكان وتقلل من نسبة البطالة بين الشباب، وهم الشريحة الأكبر من السكان.

■ تطوير القرى وتحويلها إلى وحدات إنتاجية حتى تتوقف الهجرة من الريف للمدينة. خطة الدولة لتطوير 1800 قرية خطوة مهمة، لكن يجب أن يرافقها تصور لتحسين دخل أهل الريف بمشاريع إنتاجية إلى جانب الزراعة.

■ محاربة الفساد بشتى أنواعه.. هناك اتهام مستمر على مدى عقود لزيادة النسل بأنها سبب إفقار مصر وتخلُّفها عن التنمية، لكن طبقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية، فإن الفساد هو أساس مشكلة الفقر التى يعانى منها العالم، وهو أقوى عامل يحول دون محاربته.

«دافيد نوسبوم»، المدير التنفيذى للمنظمة، صرح منذ سنوات: بـ«أن الفساد عملية منظمة تهدف إلى سلب الفرص من الرجال والنساء والأطفال العاجزين عن حماية أنفسهم».

الفساد يعوق التنمية الاقتصادية، ويعرقل العدالة الاجتماعية، ويجهض أحلام المواطنين، ويغلق أمامهم أفق الحياة الجيدة ذات المعايير الإنسانية الكريمة المنصوص عليها فى مواثيق حقوق الإنسان الدولية.. الفساد يجعل المواطن ييأس من إمكانية تغيير أوضاعه إلى الأفضل، فتصبح كل الأمور عنده سواء، فلا فرق أن ينجب طفلا أو عشرة مادامت حياته ستظل على ما هى عليه، بل ربما ساعدته كثرة العيال فى التخفيف من أعبائها.

(3)

قُل المشكلة السكانية والفساد سبب عرقلة التنمية والتحديث، ولا تقل زيادة النسل.. الأخيرة جزء من كلّ، والأولى مشكلة المصريين جميعًا، مَن يقتنع منهم بتحديد النسل ومَن يكفر بالفكرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيادة نسل أم مشكلة سكانية زيادة نسل أم مشكلة سكانية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon