توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زيادة نسل.. أم مشكلة سكانية؟

  مصر اليوم -

زيادة نسل أم مشكلة سكانية

بقلم : مي عزام

(1)

على مدى عقود، تحدث رؤساء مصر المتعاقبون عن زيادة النسل كعائق أمام التنمية وتوفير حياة كريمة للمصريين، فحتى يشعر المواطن بالتحسن المعيشى لابد أن تكون معدلات التنمية أعلى من الزيادة السكانية، وهو ما لم يحدث أبدًا. ولأن أغلب دخل مصر ريعى وليس إنتاجيًا، فالزيادة السكانية تتحول إلى عبء، المواليد الجدد يلتهمون ثمار التنمية ويذهب نتاجها إلى توفير الخدمات الأساسية بدلًا من استثمارها فى قطاعات تولد إنتاجًا وتوفر المبالغ اللازمة لتحديث التعليم وتحسين الرعاية الصحية والبنية التحتية.

(2)

ما العمل إذًا؟!

عقود طويلة اختزلت الحكومات المصرية قضية السكان فى «زيادة النسل»، رغم أن القضية لها أبعاد متعددة، منها زيادة النسل بالتأكيد، أضف إليها سوء توزيع السكان وتركزهم فى مساحة محدودة من مساحة البلد، والفروق الكبيرة بين محافظات مصر حيث تتراجع الخدمات المقدمة فى الريف وبخاصة الصعيد مقارنة بالعاصمة والمحافظات الكبرى، وهو ما يؤدى إلى الهجرة إلى المدينة والبناء العشوائى.. خصائص السكان، لأن هذا الأمر له أهمية كبرى لوضع خطة ناجحة لحل المشكلة السكانية.

مشكلة السكان حلها ليس عند المواطن وحده، لكن العبء الأكبر يقع على عاتق الحكومة التى تدير أموره بقوانين وقرارات ملزمة يقرّها البرلمان ممثل الشعب والمنوطة به مراقبة الحكومة لصالح المواطن.

كل مجتمع له هويته وثقافته، وهو ما يلقى بظلاله على المشكلة السكانية، فيجب أن تتواءم الخطة الحكومية مع هذه الهوية، ويمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال، لكن لا يمكن نقلها حرفيا فى مصر.. حل المشكلة السكانية فى اعتقادى يجب أن يسير فى عدة مسارات.. وأطرح هنا أفكارًا لعلها تكون مفيدة:

■ الأم هى حجر الأساس فى الأسرة، لو تم التركيز على توعية الإناث فى الريف بأهمية التعليم وتحفيزهن بشتى الطرق فسيكون لهذا تأثير كبير على تنظيم النسل وتحسين خصائص الأسرة، الأم المتعلمة ستحرص على تعليم أولادها وتوفير حياة أفضل لأولادها.

■ وضع خطة خمسية لإعادة توزيع الكثافة السكانية فى مصر، والتى تتسبب فى انهيار المرافق وسوء الخدمات المقدمة.. نحن نتمركز فى مساحة لا تتجاوز 9% من إجمالى مساحة مصر، وبحسب الإحصائيات فإنّ أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان هى القاهرة الكبرى، حيث تتجاوز الكثافة السكانية 40 ألف شخص/كم² وهى من أعلى نسب الكثافة فى العالم. توزيع السكان لا يعتمد فقط على إنشاء مدن جديدة، لكن وجود خدمات متوفرة فيها، وأبواب رزق لساكنيها حتى لا يهجروها ويستقروا فيها.

■ وضع استراتيجية متكاملة للتعليم العالى والفنى تربط التعليم بسوق العمل، ورفع كفاءة الشباب المصرى وتأهيله وتدريبه بصفة مستمرة حتى يواكب التطور المذهل فى التكنولوجيا.. أقترح تحويل مراكز الشباب إلى مراكز تأهيل وتدريب مستمر، لأنها تغطى كل محافظات مصر، ريفًا وحضرًا. هذه الخطوة تساهم فى تحسين خصائص السكان وتقلل من نسبة البطالة بين الشباب، وهم الشريحة الأكبر من السكان.

■ تطوير القرى وتحويلها إلى وحدات إنتاجية حتى تتوقف الهجرة من الريف للمدينة. خطة الدولة لتطوير 1800 قرية خطوة مهمة، لكن يجب أن يرافقها تصور لتحسين دخل أهل الريف بمشاريع إنتاجية إلى جانب الزراعة.

■ محاربة الفساد بشتى أنواعه.. هناك اتهام مستمر على مدى عقود لزيادة النسل بأنها سبب إفقار مصر وتخلُّفها عن التنمية، لكن طبقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية، فإن الفساد هو أساس مشكلة الفقر التى يعانى منها العالم، وهو أقوى عامل يحول دون محاربته.

«دافيد نوسبوم»، المدير التنفيذى للمنظمة، صرح منذ سنوات: بـ«أن الفساد عملية منظمة تهدف إلى سلب الفرص من الرجال والنساء والأطفال العاجزين عن حماية أنفسهم».

الفساد يعوق التنمية الاقتصادية، ويعرقل العدالة الاجتماعية، ويجهض أحلام المواطنين، ويغلق أمامهم أفق الحياة الجيدة ذات المعايير الإنسانية الكريمة المنصوص عليها فى مواثيق حقوق الإنسان الدولية.. الفساد يجعل المواطن ييأس من إمكانية تغيير أوضاعه إلى الأفضل، فتصبح كل الأمور عنده سواء، فلا فرق أن ينجب طفلا أو عشرة مادامت حياته ستظل على ما هى عليه، بل ربما ساعدته كثرة العيال فى التخفيف من أعبائها.

(3)

قُل المشكلة السكانية والفساد سبب عرقلة التنمية والتحديث، ولا تقل زيادة النسل.. الأخيرة جزء من كلّ، والأولى مشكلة المصريين جميعًا، مَن يقتنع منهم بتحديد النسل ومَن يكفر بالفكرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيادة نسل أم مشكلة سكانية زيادة نسل أم مشكلة سكانية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon