توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلى أين يتجه العالم دون أخلاق دينية؟

  مصر اليوم -

إلى أين يتجه العالم دون أخلاق دينية

بقلم : مي عزام

(1)

فى كلمة الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيوجوتيريش» أمام الجمعية العامة فى سبتمبر الماضى، تحدث طويلا عن حق الشعوب قاطبة فى حياة آمنة كريمة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن فى ظل الحروب والصراعات والأوبئة والكوارث الطبيعية، وأضاف جوتيريش أنه رغم نمو الاقتصاد العالمى إلا أن هناك خللا فى توزيع الثروة، ودعا قادة العالم لتبنى سياسة المشاركة الإنسانية والتنمية المستدامة فى بلادهم وخارجها.

(2)

وثيقة الأخوة الإنسانية، التى وقعها الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، مطلع العام الحالى، استهلت بمقدمة خليق بنا تأمل معانيها: «يحمِّلُ الإيمانُ المؤمنَ على أن يَرَى فى الآخَر أخًا له، عليه أن يُؤازرَه ويُحبَّه. وانطلاقًا من الإيمان بالله الذى خَلَقَ الناسَ جميعًا وخَلَقَ الكونَ والخلائقَ وساوَى بينَهم برحمتِه، فإنَّ المؤمنَ مَدعُوٌّ للتعبيرِ عن هذه الأُخوَّةِ الإنسانيَّةِ بالاعتناءِ بالخَلِيقةِ وبالكَوْنِ كُلِّه، وبتقديمِ العَوْنِ لكُلِّ إنسانٍ، لا سيَّما الضُّعفاء منهم والأشخاص الأكثر حاجَةً وعَوَزًا».

(3)

المسلسل الأمريكى «هاوس أوف كاردز» يدور حول صناعة القرار فى البيت الأبيض، الشخصية المحورية فيه «فرانسيس أندروود»، سياسى طموح يعرف كيف يتآمر بدون أخلاق، حتى يصل إلى سدة الحكم فى البيت الأبيض بعد أن ارتكب عددا ضخما من الجرائم من بينها القتل، لم تردعه القوانين طالما استطاع الإفلات منها، لم يشعر يوما بوخز الضمير، كان دائم السخرية من الرب فى الخفاء، متخذا من الدين مطية للتأثير على ناخبيه فى العلن.

(4)

لا تحتاج لأن تكون سياسيا محترفا أو مفكرا لتدرك حجم الظلم وعدم الرضا والغضب الذى يجتاح العالم، الثروات تتراكم فى يد قلة قليلة موجودة فى عدد محدود من البلدان على حساب أغلبية تعانى صراعا بين تطلعاتها المتزايدة، نتيجة ثورة الاتصالات ومفاهيم القرية الكونية، وقدرتها المحدودة على تغيير حالها وأحوالها. على مدى عقود طويلة سعت الحضارة الغربية لتغيب الدين وإحلال القوانين بدلًا منه. تم تفكيك مفهوم المجتمع والأسرة لصالح الفرد، وفى النهاية تم اختزال الإنسان فى أمرين: هواه الذى لا يحكمه معيار خارجى، وطبيعته التى تم اختزالها فى الجانب المادى منها، وهو ما تحدث عنه الفيلسوف الكندى «تشارلز تايلور» فى كتاب «مصادر الذات».

(5)

نمط الحياة فى مجتمعات الرأسمالية الليبرالية يفرز شخصية نرجسية تحدث عنها الكاتب والمؤرخ الأمريكى «كريستوفر لاش» فى كتابه «ثقافة النرجسية»، حيث يوضح أن انحسار أفق الغيب ليحل محله الولع بالفردية الذى يهمل التاريخ ويغرق فى التفاصيل الشخصية على المستوى اليومى، غير كل شىء حتى مضمون السياسة، التى تتحول من علاقة اجتماعية مرجعيتها الناس والواقع والتاريخ إلى سعى فردى لتحقيق الذات يتوافق مع العلمنة المتزايدة. ومن وجهة نظر «لاش» فإن إقصاء الدين كنسق قيمى اجتماعى يمهد لسقوط السياسة بالمعنى الجماعى وبروز الأهداف الفردية كمعيار للتحرك الجماعى والحقوقى للحركات الاجتماعية.

(6)

المجتمع حاصل جمع أفراده، والقادة والزعماء أبناء هذا المجتمع وثقافته، يحكمون وفق شخصياتهم التى تشكلت على مدى أعمارهم. وحتى فى وجود مؤسسات قوية ومستقلة، لا يمكن تحييد الجانب الشخصى للحاكم ونوازعه، التى تؤثر على قراراته السياسية فى غياب مرجعية أخلاقية دينية. أغلب قادة العالم وخاصة الدول الكبرى لا يفكرون سوى فى مصالح بلادهم (ومصلحتهم الانتخابية) بغض النظر عن تداعياتها على الشعوب وخاصة فى دول العالم الثالث الأكثر فقرا واحتياجا، وأبلغ مثال على ذلك التعامل مع ملف الهجرة وأزمة اللاجئين.

(7)

الأديان تؤكد على ضرورة التحرر من سجن الذات وهوى النفس وتحفز الإنسان على محبة أخيه الإنسان وحسن معاملته؛ فبدون وازع دينى وشعور بالذنب عند فعل ما هو غير أخلاقى، تفقد المجتمعات الكوابح وتتنامى الفردية النرجسية ويتحول ما كان يسمى «مجتمع» إلى مجرد «تجمع بشرى» لا رابط بينه إلا المصلحة لا التكافل والألفة.. حتى سفينة نوح لن نجدها؛ فلقد بنيت بالإيمان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى أين يتجه العالم دون أخلاق دينية إلى أين يتجه العالم دون أخلاق دينية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon