توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السجن الأسود.. تداعي الحلم الأمريكي

  مصر اليوم -

السجن الأسود تداعي الحلم الأمريكي

بقلم : مي عزام

(1)

الكاتبة الأمريكية السوداء الشهيرة «تونى موريسون» الحائزة على جائزة نوبل للأدب عام 1993، اعتادت أن ترصد فى رواياتها مجتمعات الأمريكيين من أصول إفريقية والغربة التى يعيشها هؤلاء فى مجتمع أصبح وطنا لهم رغما عنهم، مجتمع يلفظهم ويشعرهم بأنهم غير مرحب بهم وأنهم غير جديرين بالانتماء إليه فقط لأن بشرتهم سوداء ولأن مقاييس الجمال تتمثل فى الدمية «باربى» فهذه المعايير تحكم كل مناحى الحياة. الأثر السلبى لذلك يعود على علاقة السود بالبيض والسود بعضهم ببعض والتى يشوبها كثير من التشوهات الإنسانية والشرور نتيجة الاضطهاد والعوز وعدم الأمان وتساؤلات حول الانتماء، فى رواية «العين الأكثر زرقة» والتى مر على نشرها نصف قرن، مازالت أحداثها قادرة على توضيح جذور مشكلة العنصرية التى يعانى منها المجتمع الأمريكى حتى الآن، استوقفتنى فيها عبارة: مادام من الصعب الإمساك بـ«لماذا» فيجب على المرء أن يلتجئ إلى «كيف»، يمكن تطبيق العبارة على الحاضر، المظاهرات وأحداث العنف فى مدن أمريكية احتجاجا على مقتل جورج فلويد وهو رجل أسود على يد شرطى أبيض، والحادث وثقه فيديو شاهده الملايين. يتساءل العالم مندهشا: لماذا لم تنته جذور العنصرية فى المجتمع الأمريكى وهى الدولة التى قامت على تشجيع الهجرة إليها والتنوع العرقى، وينقلنا سؤال لماذا إلى: كيف يمكن لهذه الدولة العظمى أن تتطهر من آفة العنصرية وتعالى جنس على آخر؟.

(2)

العام الماضى تم الاحتفال بمرور 400 عام على جلب العبيد الأفارقة إلى أمريكا، حيث رست فى أغسطس 1619 سفينة بريطانية على سواحل ولاية فرجينيا الأمريكية وعلى متنها قرابة عشرين عبدا من إفريقيا، لم يرغب الأفارقة فى السفر للعالم الجديد، بل تم اختطافهم بوحشية ونقلوا عنوة وتحت التهديد بسلاح البارود من موطنهم الأصلى إلى حيث بيعوا كعبيد وتم التعامل معهم بمهانة وعنف وكأنهم أقرب للحيوان منهم للإنسان!.

فى هذه المناسبة صرح ترامب بأن الاتجار بالبشر تصرف بربرى، لكن مجتمع السود فى أمريكا لم يصدقوا حديثه، لأنه فى مواقف أخرى أيد أفكارا تروج لتفوق السكان البيض على الآخرين كما أنه يدافع عن القومية الوطنية للبيض.

(3)

تمثال الحرية العملاق القابع عند مدخل ميناء نيويورك كان أول معلم يراه المهاجرون، كان إيقونة تجسد الحلم الأمريكى الذى يراود كل المهاجرين الباحثين عن الحرية والفرصة والثراء فى بلد الأحلام، هذا المعلم السياحى الهام يفقد بريقه نتيجة التصرفات العنصرية تجاه السود وخاصة من الشرطة الأمريكية، وكذلك غطرسة أمريكا التى تتبعها فى سياستها الخارجية والتى يعبر عنها صراحة ترامب.

فى الفيلم الوثائقى «أصبحت» (Becoming) الذى أذيع فى مارس الماضى، تروى ميشيل أوباما (56 سنة)، زوجة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، عبر اللقاءات التى أجريت معها من خلال تنقلها بين 36 مدينة أمريكية للترويج لكتابها الذى يحمل نفس العنوان، الكثير من ذكريات طفولتها وصباها، وكيف عانت أثناء دراستها من التفرقة العنصرية وكيف حاول البعض أن يقلل من شأنها ويقف حائلا بينها وبين الالتحاق بجامعة برينستون، ولكنها لم تلتفت إلى المعوقات واستكملت دراستها فى هارفارد، وتحدثت عن علاقتها بأوباما ومساندتها له فى حملته الأولى فى 2008، واستقبال الإعلام لهما ومحاولة البعض النيل منهما بسبب العنصرية، حتى روجوا عنها وصف «الغاضبة» للتقليل من شعبيتها، وكيف أثر ذلك عليها حتى توقفت تماما عن الحديث بحرية وتلقائية خلال المؤتمرات الانتخابية، وأصبحت مقيدة بما يُكتب لها وتقرؤه من خلال شاشة التلقين، وتحدثت ميشيل عن تأثير الضغوط والظلم على سلوكك وروحك، وهو ما حدث معها طوال فترة تواجدها فى البيت الأبيض. وقالت إنها فى يوم تنصيب أوباما كأول رئيس أمريكى أسود سألت نفسها: هل الناس مستعدون

لذلك؟.

(4)

هل الناس مستعدون لمحو التمييز والعنصرية؟

هل الناس مستعدون لاحترام الاختلاف وقبول الآخر؟

العالم يعانى من سيولة أخلاقية شرقا وغربا، لا يتلفت أحد إليها لكنها تنذر بعواقب وخيمة، حضارة بلا أخلاق محكوم عليها بالزوال. والسؤال يجب أن يتحول من لماذا حدث؟ إلى كيف يمكن الخروج من المأزق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السجن الأسود تداعي الحلم الأمريكي السجن الأسود تداعي الحلم الأمريكي



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon