توقيت القاهرة المحلي 08:54:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هكذا يكون الحب.. The shape of water

  مصر اليوم -

هكذا يكون الحب the shape of water

بقلم - مي عزام

عندما أفكّر في «إليزا»

الشيء الوحيد الذي يخطر على بالي قصيدة لعاشق

كتبها من مئات السنين: «غير قادر على إدراك شكلكِ لأنني أجدكِ دائمًا حولي، وجودكِ يملأ عيني بحبكِ وهذا يجعل قلبي مرهف لأنّكِ في كل مكان»

(2) فيلم شكل الماء «ذا شيب أوف ووتر»، يعد عملا فريدا رغم وجود أعمال ذات مستوى فنى رفيع تنافسه على الأوسكار مثل «دونكيرك» و«داركست أور»، و«ثلاث لوحات إعلانية خارج إبينج»، لكن ظل «ذا شيب أوف ووتر» الأكثر جمالا وإنسانية، السيناريو يرسم لك التفاصيل اليومية التي تعيشها بطلته إليزا (سالى هوكينز )، وكذلك جارها العجوز «جيلز» (ريتشارد جينكينز) وزميلتها في العمل وصديقتها «زيلدا» (أوليفيا سبنسر)، ثلاث شخصيات يعتبرها المجتمع الأمريكى في مطلع ستينيات القرن الماضى، حيث تدور أحداث الفيلم، شخصيات مهمشة وغير طبيعية، «إليزا» بكماء و«زيلدا» سمراء من أصول أفريقية، و«جيلز» عجوز له ميول جنسية مثلية ومطرود من عمله كرسام للوحات إعلانية، يفتقد الصحبة ولا يجدها إلا مع جارته البكماء التي ترعاه. نعرف من أحداث الفيلم العلاقة القديمة بين «إليزا» والماء، فلقد وجدت وهى رضيعة بجوار البحر وربيت في ملجأ، يظهر على الجانب الأيسر من عنقها خرابيش منذ طفولتها لا يعرف أحد مصدرها، «إليزا» شخصية منضبطة كالساعة، تفعل ما تفعله كل يوم بدقة، مستمتعة بحياتها البسيطة الرتيبة ولا أحد يعرف ما يدور بعقلها الحالم، تعمل عاملة نظافة في أحد المعامل التابعة لمؤسسة «ناسا» هي وصديقتها «زيلدا»، التي تعانى من العنصرية في الشارع والتعاسة في المنزل مع زوجها الذي يحملها كل أعباء الحياة وليس بينهم حوار من أي نوع، وهى تعوض ذلك مع «إليزا» فهى مستمعة جيدة بحكم إعاقتها وهو ما جعل صداقتهما قوية ومتينة للغاية، وحين يحين الوقت وتطلب منها تضحية ستفعلها دون تفكير رغم المخاطر. وهناك البروفيسور «روبرت هوفستلتر» (مايكل ستولبيرج) الذي يعمل في معمل الأبحاث وهو روسى واسمه ديمترى حضر لأمريكا لينقل علمها إلى بلاده، العلم والأبحاث والمبادئ تمثل له أولوية كبرى.

(3)  يحدث تغير كبير في المكان بظهور مسؤول الأمن الجديد الكولونيل «ريتشارد ستريكلاند» (مايكل شانون)، وهو شخصية شرسة سادية، حضر إلى المعمل ومعه عبوة تشبه الغواصة البحرية نقل فيها «كائن برمائى»، تم اصطياده من منطقة الأمازون، أهالى المنطقة كانوا يتعبدون إليه ويقدمون له القرابين، لكن حضوره لهذا المكان كان لتجهيزه للقيام برحلة إلى الفضاء على غرار الكلبة لاسى التي أطلقها الروس في الفضاء. كانت الحرب الباردة على أشدها بين أمريكا والاتحاد السوفيتى، «ستريكلاند» كعادته كان يعامل المخلوق البرمائى بعنف فما كان من الأخير إلا أن قضم أصبعين من يده اليسرى، مما جعله يريد الانتقام منه وقتله، وقدم تقريرا لقائده أنه لا يصلح لهذه المهمة وعليه أمر القائد بالتخلص منه وتشريح جثته وهو ما وجده البروفيسور روبرت تسرعا، لكن لم يستمع إليه أحد، كما طالبه رفاقه الروس بنفس الشىء حتى لا يستفيد الأمريكيون من تشريح الجثة.

(4) أثناء هذه الفترة بدأت علاقة ود بين «إليزا» والكائن البرمائى (دوج جونز)، الاثنان لا يتحدثان، لكن لغة الإشارة جمعت بينهما وكذلك الموسيقى، كانت تحضر له البيض المسلوق كل يوم، كان ينظر إليها بود وامتنان لم تشعربه تجاه أي كائن آخر، عكس «ستريكلاند» الذي كان يحاول التحرش بها جنسيا مستغلا عاهتها، كان من الطبيعى ان تدافع عن حياة هذا الصديق الجديد الودود، ووضعت خطة لتهريبه شاركت فيها «زيلدا» والبروفيسور و«جيلز» العجوز، كان الجميع خائفا من العواقب، فكيف واتتهم الشجاعة؟ إنه الإحساس بالواجب، وجدت إليزا أن إنقاذه واجب وكذلك البروفيسور أما «زيلدا» و«جيلز» كان هناك واجب الصداقة تجاه «إليزا».

(5) انتقل الكائن البرمائى إلى منزل «إليزا» التي حولت بانيو حمامها لحوض يعيش فيه، مع الوقت زادت الألفة بينهما، وتحول إلى حب عميق، استطاعا أن يلتقيا جسديا رغم الاختلاف بينهما، عرفت «إليزا» الحب الذي لم تذقه يوما وأدركت أنها ولدت لهذه المهمة: إنقاذ هذا الحبيب القادم من أعماق البحار. مقابل هذه الشخصيات الودودة البسيطة المهزومة اجتماعيا نجد شخصية ستريكلاند السادية وكذلك الجواسيس الروس الذين دبروا مقتل زميلهم ديمترى بدم بارد وكذلك قائد ستريكلاند الذي رفض أعذاره بعد اختفاء المخلوق البرمائى وهدده إن لم يسترجع المخلوق خلال 36 ساعة ستكون نهايته.

(6) استطاعت إليزا أن تنقذ حبيبها وتذهب به إلى ملتقى البحر مع المحيط ليعيش في بيئته الطبيعية، ولكن ستريكلاند طاردهما وتمكن من الوصول إليهما وأطلق الرصاص على المخلوق البرمائى وإيليزا، الأول استطاع أن يشفى نفسه بقدراته الخاصة، وهاجم «ستريكلاند» وقتله واستطاع إنقاذ «إليزا» حملها بين يديه وقفز بها إلى الماء، وفى عمق الماء منحها قبلة الحياة، وتحولت الخرابيش الموجودة منذ مولدها إلى خياشيم تتنفس بها تحت الماء، قصة مثل قصص ألف ليلة وليلة تستحق عنوان الأميرة البكماء وأمير البحار.

الفيلم موفق في عنوانه «شكل الماء» فالماء لا شكل له ولا هيئة ولكن أصل الحياة، تماما مثل الحب، لا شكل له، فهو حولنا يطفو في كل مكان، ينتظر القلوب المؤمنة بالوعد لتحطم كل المعوقات وتتخطى كل الحواجز.

(7)  «ذا شيب أوف ووتر»، أجمل أعمال المخرج المكسيكى جييرمو ديل تورو (54 سنة) الذي شارك في كتابته أيضا، رشح لـ13 جائزة أوسكار وحصل على أربع: أفضل فيلم وأفضل مخرج، وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل تصميم إنتاج، وهو فيلم ينتمى إلى التيمة المفضلة للمخرج :الفنتازيا، حيث يمتزج الواقع بالخيال وكأنك نعيش حدوته لكن في الواقع، كما فعل من قبل في فيلمه «متاهة بان» إنتاج 2006 ورشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبى ونال 3 جوائز أوسكار أخرى كما رشح للسعفة الذهبية في مهرجان كان، وكذلك فيلم قمة القرمزية إنتاج 2015، والذى يختلط فيه الرعب بالخيال ويقدم فيه نوع آخر من الحب: الحب المدمر. وديل تورو متعدد المواهب، فهو صانع أفلام: مخرج ومنتج وكاتب سيناريو وروائى وتعلم المكياج والخدع السينمائية على يد أسطورة هوليوود «ديك سميث»، ولعل ذلك ما جعله يغزل لنا نسيجا فريدا يحمل بصمات روحه المبدعة وخياله المحلق على مدار ساعتين وثلاث دقائق. كل الممثلين أبدعوا في أدوارهم، موسيقى الفيلم التصويرية جعلتنى أشعر أنها معزوفة من السماء.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا يكون الحب the shape of water هكذا يكون الحب the shape of water



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon