توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«كورونا»: الحرب العالمية الثالثة

  مصر اليوم -

«كورونا» الحرب العالمية الثالثة

بقلم : مي عزام

(1)

حين كتب المفكر الأمريكى «فرانسيس فوكوياما» فى نهاية تسعينيات القرن الماضى، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتى، أطروحته حول نهاية التاريخ وانتصار الديمقراطية الليبرالية الغربية فى السياسة والرأسمالية والسوق الحرة فى الاقتصاد، كان يعتقد أنها الصيغة النهائية لتطور الحكومات البشرية فى جميع أنحاء العالم، مطمئنا إلى ما وصل إليه من نتائج معبرا عن رؤية أمريكية خالصة، مفادها تربعها على عرش العالم بلا منافس، حتى وصل ترامب للحكم فلم يكتف بتصوره بأن أمريكا بلا منافس ولكن دفع فى اتجاه أن تكون بلا شريك أو حليف بمفهوم الاستغناء عن العالم.

(2)

التاريخ يخبرنا أن بقاء الحال من المحال، وان الدول التى اطمأنت إلى تفوقها وهيمنتها تفقد تلك المزايا مع الوقت بسبب صدأ النظام وافتقاد المجتمع لجدية العمل وروح المنافسة، وتفاجأ هذه الدول بصعود دول أخرى تأخذ مكانها ومكانتها. على مدار التاريخ كان ذلك يحدث عقب حروب كبرى وصراعات طاحنة بين الدول، لكن هذه المرة الحرب مختلفة، لكن النتائج واحدة. فيروس كورونا كان المسمار الأخير الذى دق فى نعش النظام العالمى القائم والذى أثبت عدم صلاحيته للمستقبل. أظهرت جائحة كورونا بوضوح مناطق القوة والنفوذ الصاعدة فى مقابل تراجع مناطق أخرى.

(3)

تدخل أمريكا فى الحرب العالمية الثانية كان السبب فى انتصار الحلفاء وقلب دفة الأمور، تصاعد من حينها الدور الأمريكى على الساحة الدولية وورثت مناطق نفوذ إمبراطورية بريطانيا العظمى، كما هيمنت على المنظمات الاقتصادية الدولية وجعلت الدولار العملة الدولية بعد ربط أسعار النفط به. اليوم يتراجع الدور الأمريكى وسيتراجع معه تأثيرها على الاقتصاد العالمى، لم تقم أمريكا بدورها كدولة عظمى بل بدت الإدارة الأمريكية عاجزة عن الوفاء بالتزامات الوقاية الصحية تجاه شعبها.

كما أظهرت الجائحة عجز الاتحاد الأوروبى عن إدارة الأزمة بشكل مركزى، وترك الأمر مرهونا بإدارة حكومات الدول الأعضاء، فى حين استطاعت الحكومة الألمانية إدارة الموقف بجدية وفاعلية وجاهزية عجزت إيطاليا تماما، وأصبحت معايير الاتحاد الاوروبى وكلمة «المواطن الأوروبى» محل اختبار، فما فعلته دولة التشيك حين صادرت مساعدات صينية طبية كانت متجهة إلى إيطاليا، جعل الحديث عن التعاون الأوروبى والقيم الأوروبية شعارات هشة أمام الأزمات الحقيقية ومخاطر الوجود.

(4)

إيطاليا لن تنس خذلان دول من الاتحاد الأوروبى لها فى محنتها، ويمكن التنبؤ بخروجها من الاتحاد الأوروبى بحثا عن تحالفات جديدة أكثر فاعلية ومصداقية، ويمكن أن تجد فى الصين بديلا عن المنظمة الإقليمية وخاصة أن إيطاليا أول بلد فى مجموعة السبع تنضم إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، ولقد وقعت مع الحكومة الصينية والإيطالية مذكرة تفاهم فى هذا الشأن فى مارس من العام الماضى، ولقد ساندت الصين إيطاليا فى محنتها مع فيروس كورونا الذى أودى بحياة آلاف الإيطاليين.

(5)

عدد من الدول الغربية ومنها أمريكا، شجعت العاملين فى المجال الصحى من دول العالم على السفر إليها، وقدمت تسهيلات فى حصولهم على تأشيرة عمل على أراضيها، لنقص الأطقم الطبية لديها، وهو ما يذكرنا بموقف أوروبا من المهاجرين بعد الحرب العالمية الثانية حين كانت تستقبل مرحبة الآلاف منهم لتشغيل مصانعها، «الحرب العالمية الكورونية» أثبتت أن الدول مهما كانت درجة تقدمها تحتاج إلى غيرها فى الملمات، وان سياسة التمييز والعنصرية مهلكة للبشر، وأعتقد أن الغرب سيعيد تشكيل أولوياته فى العقد القادم.

(6)

التحالف الاستراتيجى التاريخى بين اوروبا الغربية وأمريكا إلى زوال، وسيقوم على أنقاضه تحالفات جديدة ستنقسم أوروبا على إثرها من جديد، وهو ما عبر عنه بوتين فى خطابه أمام قمة منظمة شنغهاى الأخيرة،حيث ركز على ضرورة تعزيز دور المنظمة فى تشكيل النظام العالمى، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات حول التعاون فى مجال وسائل الإعلام والتكنولوجيا المعلوماتية وخريطة طريق للأعمال المستقبلية، للفكاك من الهيمنة الأمريكية على هذه القطاعات.

(7)

السؤال المهم الآن: هل استعدت مصر للقادم؟ هل لدينا خطة استراتيجية لمستقبل ما بعد كورونا، ومعايير الانحياز والانخراط فى هذا النظام العالمى الجديد، ماذا سنقدم للعالم فى مقابل أن نكون شركاء وليس تابعين؟، أسئلة وجودية علينا أن نبدأ فى الإجابة عليها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كورونا» الحرب العالمية الثالثة «كورونا» الحرب العالمية الثالثة



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon