توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«كورونا»: الحرب العالمية الثالثة

  مصر اليوم -

«كورونا» الحرب العالمية الثالثة

بقلم : مي عزام

(1)

حين كتب المفكر الأمريكى «فرانسيس فوكوياما» فى نهاية تسعينيات القرن الماضى، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتى، أطروحته حول نهاية التاريخ وانتصار الديمقراطية الليبرالية الغربية فى السياسة والرأسمالية والسوق الحرة فى الاقتصاد، كان يعتقد أنها الصيغة النهائية لتطور الحكومات البشرية فى جميع أنحاء العالم، مطمئنا إلى ما وصل إليه من نتائج معبرا عن رؤية أمريكية خالصة، مفادها تربعها على عرش العالم بلا منافس، حتى وصل ترامب للحكم فلم يكتف بتصوره بأن أمريكا بلا منافس ولكن دفع فى اتجاه أن تكون بلا شريك أو حليف بمفهوم الاستغناء عن العالم.

(2)

التاريخ يخبرنا أن بقاء الحال من المحال، وان الدول التى اطمأنت إلى تفوقها وهيمنتها تفقد تلك المزايا مع الوقت بسبب صدأ النظام وافتقاد المجتمع لجدية العمل وروح المنافسة، وتفاجأ هذه الدول بصعود دول أخرى تأخذ مكانها ومكانتها. على مدار التاريخ كان ذلك يحدث عقب حروب كبرى وصراعات طاحنة بين الدول، لكن هذه المرة الحرب مختلفة، لكن النتائج واحدة. فيروس كورونا كان المسمار الأخير الذى دق فى نعش النظام العالمى القائم والذى أثبت عدم صلاحيته للمستقبل. أظهرت جائحة كورونا بوضوح مناطق القوة والنفوذ الصاعدة فى مقابل تراجع مناطق أخرى.

(3)

تدخل أمريكا فى الحرب العالمية الثانية كان السبب فى انتصار الحلفاء وقلب دفة الأمور، تصاعد من حينها الدور الأمريكى على الساحة الدولية وورثت مناطق نفوذ إمبراطورية بريطانيا العظمى، كما هيمنت على المنظمات الاقتصادية الدولية وجعلت الدولار العملة الدولية بعد ربط أسعار النفط به. اليوم يتراجع الدور الأمريكى وسيتراجع معه تأثيرها على الاقتصاد العالمى، لم تقم أمريكا بدورها كدولة عظمى بل بدت الإدارة الأمريكية عاجزة عن الوفاء بالتزامات الوقاية الصحية تجاه شعبها.

كما أظهرت الجائحة عجز الاتحاد الأوروبى عن إدارة الأزمة بشكل مركزى، وترك الأمر مرهونا بإدارة حكومات الدول الأعضاء، فى حين استطاعت الحكومة الألمانية إدارة الموقف بجدية وفاعلية وجاهزية عجزت إيطاليا تماما، وأصبحت معايير الاتحاد الاوروبى وكلمة «المواطن الأوروبى» محل اختبار، فما فعلته دولة التشيك حين صادرت مساعدات صينية طبية كانت متجهة إلى إيطاليا، جعل الحديث عن التعاون الأوروبى والقيم الأوروبية شعارات هشة أمام الأزمات الحقيقية ومخاطر الوجود.

(4)

إيطاليا لن تنس خذلان دول من الاتحاد الأوروبى لها فى محنتها، ويمكن التنبؤ بخروجها من الاتحاد الأوروبى بحثا عن تحالفات جديدة أكثر فاعلية ومصداقية، ويمكن أن تجد فى الصين بديلا عن المنظمة الإقليمية وخاصة أن إيطاليا أول بلد فى مجموعة السبع تنضم إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، ولقد وقعت مع الحكومة الصينية والإيطالية مذكرة تفاهم فى هذا الشأن فى مارس من العام الماضى، ولقد ساندت الصين إيطاليا فى محنتها مع فيروس كورونا الذى أودى بحياة آلاف الإيطاليين.

(5)

عدد من الدول الغربية ومنها أمريكا، شجعت العاملين فى المجال الصحى من دول العالم على السفر إليها، وقدمت تسهيلات فى حصولهم على تأشيرة عمل على أراضيها، لنقص الأطقم الطبية لديها، وهو ما يذكرنا بموقف أوروبا من المهاجرين بعد الحرب العالمية الثانية حين كانت تستقبل مرحبة الآلاف منهم لتشغيل مصانعها، «الحرب العالمية الكورونية» أثبتت أن الدول مهما كانت درجة تقدمها تحتاج إلى غيرها فى الملمات، وان سياسة التمييز والعنصرية مهلكة للبشر، وأعتقد أن الغرب سيعيد تشكيل أولوياته فى العقد القادم.

(6)

التحالف الاستراتيجى التاريخى بين اوروبا الغربية وأمريكا إلى زوال، وسيقوم على أنقاضه تحالفات جديدة ستنقسم أوروبا على إثرها من جديد، وهو ما عبر عنه بوتين فى خطابه أمام قمة منظمة شنغهاى الأخيرة،حيث ركز على ضرورة تعزيز دور المنظمة فى تشكيل النظام العالمى، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات حول التعاون فى مجال وسائل الإعلام والتكنولوجيا المعلوماتية وخريطة طريق للأعمال المستقبلية، للفكاك من الهيمنة الأمريكية على هذه القطاعات.

(7)

السؤال المهم الآن: هل استعدت مصر للقادم؟ هل لدينا خطة استراتيجية لمستقبل ما بعد كورونا، ومعايير الانحياز والانخراط فى هذا النظام العالمى الجديد، ماذا سنقدم للعالم فى مقابل أن نكون شركاء وليس تابعين؟، أسئلة وجودية علينا أن نبدأ فى الإجابة عليها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كورونا» الحرب العالمية الثالثة «كورونا» الحرب العالمية الثالثة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon