توقيت القاهرة المحلي 21:28:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«رئيس سابق».. كيف سيتقبل ترامب اللقب؟

  مصر اليوم -

«رئيس سابق» كيف سيتقبل ترامب اللقب

بقلم : مي عزام

(1)

الجميع تابع ما جرى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتداعيات رفض ترامب نتائج الانتخابات الرئاسية والأحكام القضائية بهذا الشأن، الرأى العام العالمى خارج أمريكا أغلبه ضد سلوك ترامب الصبيانى، فهو لم يكن يومًا رئيسًا محبوبًا أو مقدرًا من أغلب دول العالم حتى حلفاء أمريكا التقليديين، وجدوا غضاضة فى تقبل انفراده بإدارة الملفات المشتركة بينهم، بالإضافة إلى فجاجة خطابه السياسى، وضربه عرض الحائط بمبادئ القانون الدولى والأعراف الدبلوماسية. مؤخرًا حاولت أن أفكر مثل ترامب وأنصاره، وجدت أن ما يفعله منطقى ومتوافق مع شخصيته التى لم يحاول أن يخفيها أو حتى يجملها، بل كانت من أسباب فوزه فى انتخابات 2016 أمام منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون. فهو يمثل أخلاق راعى البقر فى الجرأة الفظة والجلافة، القوة مرجعيته، والتلويح بها وسيلته للحصول على مراده وامتلاك ما يطمع فيه بغض النظر عن الحقوق والواجبات، ترامب كان يمثل لمؤيديه «الزمن الجميل» الذى ساد فيه العرق الأبيض وتحكم فى باقى الأعراق والأقليات فى الولايات المتحدة الأمريكية.

(2)

أمريكا لديها نظام متميز فى انتقال السلطة الرئاسية، فهناك مساحة من الوقت بين انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية وإعلان النتائج فى نوفمبر وتنصيب الرئيس المنتخب فى يناير، فترة تسمح للرئيس المنتهية ولايته بترتيب حياته والاستعداد لمرحلة ما بعد البيت الأبيض والخروج من دائرة الضوء. القوانين الأمريكية المنظِمة لأوضاع الرؤساء السابقين تتيح للرؤساء السابقين حياة كريمة ونشاطًا مقدرًا، فهى تسمح لهم بالعديد من المزايا، ومنها استئجار مكتب وتعيين موظفين لمعاونة الرئيس السابق فى ممارسه أنشطة واجتماعات يمليها عليه منصبه السابق. لكن ذلك لا يكفى شخصية ترامب النرجسية الاستعراضية، فهو يأبى التنازل عن المنصة التى حققت له أعلى مشاهدة خلال تاريخه كرئيس لأمريكا. ولكن حين فكرت فى الأمر مليًا وجدت أن ذلك يحدث كثيرًا مع أشخاص فى مراكز أقل أهمية من رئيس أقوى دولة فى العالم.

(3)

فيلم «زوجة رجل مهم» لمحمد خان يبرز لنا هذا الملمح، حين خرج هشام (أحمد زكى)، ضابط المباحث، من الخدمة كان حريصًا على إخفاء الأمر، فكينونته مرتبطة بالمنصب الذى كان يشغله، والابتعاد عنه يسقطه فى الفراغ المفزع.

فى المسلسل السورى «التغريبة الفلسطينية» (إنتاج 2004) إخراج المتميز «حاتم على»، رحمه الله، يبدو الأمر نفسه مع المجاهدين والثوار. «أحمد» (جمال سليمان) الابن البكر لعائلة صالح، الفقيرة والمهمشة، والذى كان يعمل فى الفلاحة مع أبيه، شخصية متمردة لا يقبل الظلم ويرد عليه بعنف وله كاريزما قيادية، سبب مشاكل كثيرة لعائلته فذهب يبحث عن عمل فى حيفا ليقابل بظلم أكبر من جانب اليهود، بعدها يصبح من قادة ثورة الفلاحين التى اندلعت فى عدد من قرى فلسطين فى عام 1936، وتبعها إضراب عام، وأصبح قائد فصيل يتبعه العشرات من الثوار، يأمر وينهى فى قريته وما حولها، وفى هذه الفترة تعامل الجميع مع أسرته بتقدير واحترام شديد، ومع نهاية الثورة فى 1938 وجد «أبوصالح» نفسه وحيدًا فى الجبال بعد أن انصرف عنه الجميع، لم يعد قادرًا على العودة لشخصيته القديمة ولا الاستمرار فى تجسيد الجديدة، وربما ذلك يفسر ارتباك الثوار بعد انتهاء الثورة، مثلهم مثل الجنود الذين يظلون لسنوات فى ساحات قتال لا يعرفون فيها غير قتل الأعداء وكيفية القضاء عليهم.

(4)

المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» أعلنت منذ سنوات اعتزالها العمل السياسى فى 2021، وأُعلن مؤخرًا أنها ستترك منصبها فى سبتمبر المقبل، لكن من المؤكد أنها لن تشعر بالحسرة التى يشعر بها ترامب الآن، فهى صاحبة القرار، كما أن شخصية مثلها بالتأكيد وضعت خطة لما بعد الاعتزال. الفراغ هو العدو الأكبر للشخصيات التى اعتادت العمل لساعات طويلة فى مناصب مؤثرة ومهمة، والأسوأ حين يتماهى الشخص مع منصبه، فيصبح المنصب هو كينونته، دونها يتحول إلى صفر على الشمال فى نظر نفسه، نتيجة تأثره بتغير نظرة الناس إليه.

ماذا سيفعل ترامب خلال الفترة القادمة؟ وكيف سيتكيف مع لقب الرئيس السابق؟ أعتقد أن شخصًا مثله سيجد طريقه إلى الأضواء من جديد، فهو لا يستطيع الحياة فى الظل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رئيس سابق» كيف سيتقبل ترامب اللقب «رئيس سابق» كيف سيتقبل ترامب اللقب



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon