بقلم : مي عزام
اشترك لتصلك أهم الأخبار
ماذا لو أن هيلارى كلينتون أصبحت رئيسة بدلا من ترامب؟
بهذا العنوان نشرت «بى. بى. سى» عربى تقريرا على موقعها على الإنترنت، يستعرض أسماء كتاب روايات وأعمال تليفزيونية قدموا تخيلا لفكرة: ماذا لو سارت الأمور بشكل مختلف في انتخابات أمريكا 2016؟ مثل هذه الأعمال الفنية الإبداعية تجعل الناس تتخيل الوجه الآخر لما كانت ستؤول إليه الأمور مع اختيار مختلف، وهو أمر يشحذ العقل الواعى ويؤهل اللاوعى.
مصر تواجه عدة ملفات ساخنة، يجب أن يتناولها إعلامنا بطريقة ماذا لو..؟
ليبيا.. ماذا لو استمر أردوغان في حماقاته؟ ماذا لو توسع الأمر وتدخلت روسيا بقوة مثلما فعلت في سوريا، وما يتبعه من خروج الأطراف العربية الفاعلة هناك من المشهد؟ ما خيارات مصر المطروحة، خاصة أن ليبيا مسألة أمن قومى مصرى؟.. نهر النيل.. ماذا لو استمرت إثيوبيا في تعنتها تجاه مفاوضات ملء السد؟ ما السيناريوهات المحتملة لرد الفعل المصرى وفرص نجاحها؟.. السلام مع إسرائيل بعد إعلان أبومازن عدم التزام السلطة الفلسطينية باتفاقيات السلام المبرمة مع إسرائيل نتيجة سياستها العدوانية وضم المستوطنات في الضفة الغربية، ماذا لو تخلت مصر عن اتفاقية كامب ديفيد؟.. في حال تفاقم الأمر في الأراضى المحتلة، ماذا لو دخلت مصر حربا عسكرية مع إسرائيل؟ وهو ما طرحه كتاب إسرائيليون من قبل، هل نحن مستعدون؟ وما المتغيرات الأساسية في المواقف العربية تجاه الصراع العربى- الإسرائيلى؟
أسئلة يتوجب على الإعلام طرحها، وعلى المجتمع بمختلف طوائفه مناقشتها بجدية مع الخبراء وأصحاب الفكر السياسى الاستراتيجى لعرض كل الاحتمالات الممكنة، المفاجأة دائما هي أسوأ سيناريو.
(2)
ماذا بعد كورونا؟
الصحافة والإعلام، دورهما ليس مقصورا على تقديم تقرير متابعة يومى عن مستجدات كورونا، لكن البحث عن إجابات حول مستقبل ما بعد كورونا.. في مصر تشعر وكأن أمر المستقبل لا يعنيها.. في الفترة الأخيرة طالعت آراء منشورة في الصحف العالمية لكوكبة من المفكرين في شتى المجالات حول هذا الأمر، استوقفنى رأى الفيلسوف الفرنسى إدجار موران (مواليد 1921)، الذي قدم عرضا للواقع وروشتة للمستقبل، فهو يرى أنه يتوجب على البشرية أن تبحث عن مسار جديد تتخلى فيه عن عقيدة النيوليبرالية، على أن يصحح المسار الجديد انعكاسات العولمة على الدول من خلال إنشاء مناطق من شأنها حماية عدد من الاستقلاليات الذاتية الأساسية لكل دولة: الاكتفاء الذاتى من الغذاء، استقلالية الصناعات الصحية... إلخ، فينبغى الرجوع إلى التصنيع المحلى لما هو حيوى للأمّة، وإعادة التفكير في النزعة الاستهلاكية التي أصبحت إدمانًا.
ويرى إدجار موران أن الحجر الصحى يمكن أن يساعدنا على البدء في تطهير نمط حياتنا من السموم، وفهم أن العيش بشكل جيد يعنى تفتح الـ«أنا» الذاتى داخل جماعات الـ«نحن» المتنوعة.
ويحذر موران قائلا: إذا لم نفهم أننا بحاجة إلى وعى مشترك بمصير الإنسان، وإذا لم نحقق تقدماً في التضامن، وإذا لم نغيّر نمط التفكير السياسى، فإن أزمة الإنسانية ستزداد سوءاً، وليس بإمكاننا أن نعرف ما إذا كان ما بعد الإغلاق سيعطى للأفكار المجددة في السياسة قيمتها وإمكان حضورها، أم أن هذا النظام القائم والمتداعى سيستعيد توازنه ويستكمل مسيرته؟
(3)
مثل هذا الجدل البنّاء يحفز المجتمع على التفكير في واقعه واستخلاص العبرة، وإدراك أوجه النقص والتقصير لإصلاحها لتفادى الوقوع فيها مستقبلا.. من سمات الدول المتحضرة المرونة، ومواكبة المتغيرات، ومواجهة التحديات حتى تظل جزءا من مستقبل الإنسانية وشريكا في صنع مستقبلها، وهذه الدول تقوم بتعديل سياساتها ومن ثم تشريع قوانين لتضعها حيز التنفيذ. أما المجتمعات المترهلة الكسولة التي تعيش حالة من الرضا الزائف عن الذات، فهى لا تكلف نفسها عبء التفكير في انتقاد واقعها لإصلاحه ولا تنشغل بمصيرها وحجم مشاركتها في المستقبل، ولا تهتم بأسئلة من نوعية ماذا لو.. وماذا بعد.. فهى منشغلة بمفاهيم في السياسة والإعلام والحياة عفا عليها الزمن، وجاءت جائحة كورونا لتدفنها تحت التراب.. فالبقاء للأصلح.