توقيت القاهرة المحلي 09:32:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حصان طروادة الجديد

  مصر اليوم -

حصان طروادة الجديد

بقلم : مي عزام

(1)

لم يعد أحد يقف طويلًا أمام المقارنات التي يقدمها عدد من مراكز الأبحاث والمواقع الجادة حول ترتيب جيوش العالم، وفق إمكانيات تسليح وتجهيز الجيش وعدد أفراده.. الحروب العسكرية المباشرة لم تعد سوى خيار أخير، تتردد أغلب الدول في استخدامه، وتمت الاستعاضة عنها بأنواع أخرى من الحروب الخفية التي تخترق قلب الدول ولا تقف عند حدودها، مفهوم حصان طروادة عاد بقوة في القرن الـ21، ليثير مخاوف الدول العظمى حول إمكانيات اختراقها من الداخل.

(2)

منذ أيام، أعلن المدعى العام الأمريكى وليام بار: أن الولايات المتحدة وجّهت إلى أربعة عسكريين صينيين تهمة اختراق وكالة «إكويفاكس» للتصنيف الائتمانى عام 2017، والذى أثر على بيانات نحو 150 مليون مواطن أمريكى، وهو ما يعد أحد أكبر اختراقات البيانات في تاريخ الولايات المتحدة، وأضاف بار: إن لهذه البيانات قيمة اقتصادية، ويمكن أن تغذى هذه السرقات قدرة الصين على تطوير أدوات الذكاء الاصطناعى، ولقد نفت حكومة الصين هذه التهم جملة وتفصيلا.

بعد نجاح ترامب في انتخابات 2016، أُثير جدل حول دور روسيا في الانتخابات الأمريكية وتدخلها لصالح ترامب، وهو ما نفته موسكو، تلت ذلك تحقيقات كشفت عن فضيحة شركة «كامبريدج أناليتيكا» التي تعمل في مجال جمع المعلومات وتحليلها للتأثير على العمليات الانتخابية، وتم كشف تورط إدارة الفيس بوك حيث سلمت الشركة بيانات الملايين من مستخدميها، وتبين أن هذه البيانات استخدمتها الشركة للتأثير على الناخبين خلال استفتاء «بريكست» في بريطانيا والانتخابات الرئاسية في أمريكا، وتم كشف روابط بينها وبين روسيا. مخاوف التجسس والاختراق من الداخل جعلت أمريكا تفرض عقوبات على شركة هواوى الصينية، وتحذر حلفاءها الأوروبيين من التعامل معها في تطوير شبكة الجيل الخامس في بلادهم، ومازالت مديرة شركة هواوى (وابنة مؤسس الشركة) محتجزة في كندا تمهيدا لمحاكمتها في أمريكا.

(3)

نشأة الإنترنت بدأت في أمريكا كمشروع ممول من وزارة الدفاع الأمريكية للتواصل بين وحدات الجيش الأمريكى في ستينيات القرن الماضى، ثم تحول بعد انتهاء الحرب الباردة إلى أداة محورية للهيمنة الأمريكية، وإحدى قوى أمريكا الناعمة وأكثرها تأثيرًا، وهو ما دفع منافسى ومعارضى الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات احترازية تهدف لخلق نطاقات إقليمية ومحلية للإنترنت. الصين تعد النموذج الأكثر نجاحًا في السيطرة على حركة المعلومات بين الفضاء السيبرانى العالمى والمحلى من خلال «جدار الحماية العظيم» الخاص بها، فلقد قامت الصين بتحجيم الوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية منذ البداية، بعد إصدار الحزب الشيوعى الحاكم قانونًا عام 1996 ينص على أن الحكومة هي التي تصدر تراخيص جميع مقدمى خدمات الإنترنت، وتوجيه حركة الإنترنت بشكل عام للمرور عبر شركات الاتصالات المملوكة للدولة. ومنذ ذلك الحين تم تطوير أنظمة التحكم، وضخ مبالغ هائلة لضمان فاعلية هذه الأنظمة. روسيا وإيران تحاولان السير على النهج الصينى، ببناء شبكات إنترنت محلية يمكن فصلها عن شبكة الإنترنت العالمية إذا تطلب الأمر في حالة وقوع اختراق للشبكات المحلية، مع بقائها داخليًا سليمة وعاملة. ومن أجل ذلك أصدرت روسيا قانون الإنترنت السيادى، واقترحت بناء شبكة إنترنت تشمل دول «البريكس» لتكون أداة للفكاك من الهيمنة الأمريكية الرقمية، وهو نفس التوجه بالنسبة للدولار ومحاولة الخروج من أسر هيمنته على المعاملات الدولية.

(4)

سهل أن تشترى أي دولة أجهزة تنصت وبرامج تجسس واختراق وقرصنة، لكن من باعها هذه البرامج يمكن أن يبيع أسرارها لمن يدفع أكثر، لذا الدول الرشيدة الواعية لمخاطر المستقبل يجب أن تضع استراتيجيات متزامنة تتعدى الاستعداد العسكرى بالجيوش التقليدية، وتتضمن الاستعداد لأشكال مختلفة من الصراعات المستقبلية. فيجب أن يكون هناك تخطيط استراتيجى يضع في حسابه: المجالات الجديدة للصراع، والطبيعة المتغيرة للخصوم، والطبيعة المتغيرة للأهداف، وأيضا الطبيعة المتغيرة للقوة، فيمكن لمجموعة صغيرة من قراصنة الكمبيوتر أن يحدثوا خسائر فادحة في اقتصاد دولة، وكذلك نشر فيروسات وبائية يمكن تخليقها في المعامل بسهولة، بالإضافة إلى مخاطر الجماعات الإرهابية الممولة والتى تنتقل بسهولة ويسر من بلد لآخر لتزعزع أمن واستقرار الدول وتعوق مسيرتها.

هل تعى مصر درس حصان طروادة؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصان طروادة الجديد حصان طروادة الجديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon