بقلم : مي عزام
لسه جاى من وسط العتمة ضى
يفرد جناح النور ويوهبلك حياة
تفتح عيونك ع الأمل وتشوف مداه
وساعتها بس هتعرف إنك لسه حى
ولسه عندك حلم وهتفضل وراه
**
الممر ممر يخرج بيك من الليل للنهار
تبدأ طريقك حتى لو مشوار طويل
مين اللى قال إنك معندكش اختيار
طول ما انت فيك الحيل هتقدر ع الطريق
(1)
مواليد عام 1973 يبلغون الآن 46 عاما، ملايين المصريين لا يعرفون شيئا عن حرب أكتوبر إلا من خلال المشاهد التى تم تصويرها بعد انتهاء الحرب، كما ذكر الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان القوات المسلحة، فى مذكراته عن حرب أكتوبر، وبعض الأفلام السينمائية منخفضة التكلفة والمستوى الفنى، وخبراء عسكريون يحلون ضيوفًا كل عام على القنوات التليفزيونية فى ذكرى أكتوبر، هل هذا كاف لاستدعاء مشهد عظيم وصل فيه المصريون لذروة التكاتف والاصطفاف والأمل والفخر ببلدهم؟ بالتأكيد لا.
وأعتقد أن هذا هو ما حاول تقديمه فيلم «الممر»، الذى أعاد للأذهان أجواء حرب الاستنزاف، وهى الفترة التى أعقبت هزيمة 67 وسبقت حرب أكتوبر، ما بين لحظة الهزيمة وتاريخ الانتصار، كانت هناك سنوات شاقة، استعاد فيها الجيش المصرى كفاءته وثقته بنفسه بالجهد والعلم والعمل والتضحية تحت قيادة عسكريين استراتيجيين عظام، وتكبد الجيش الإسرائيلى خلال هذه السنوات خسائر فادحة.
لى ملاحظات فنية سلبية عن الفيلم وأداء «أحمد عز»، ليس مجالها هنا، لكن سأركز على إيجابيات إنتاج مثل هذه الأفلام الآن ومستقبلا، فشباب مصر ليس لديه مشاعر أو ذكريات تجاه حرب أكتوبر وعلى المجتمع أن يخلقها، فالذاكرة هى حاملة المشاعر، وهى التى تصوغ أفكارنا وهويتنا وتحدد سلوكنا، شباب اليوم لا يدرك مدى شجاعة وإصرار آبائه من ضباط وجنود، هؤلاء الذين أخلصوا لوعد تحرير سيناء وقدموا أرواحهم فداء للوطن، وما كان لهؤلاء الشباب أن يستمتعوا بشواطئ شرم الشيخ وغيرها فى سيناء دون هذه التضحيات. دول الحلفاء وفى مقدمتها أمريكا تحرص على خلق هذه المشاعر والذكريات فى نفوس شبابها، السينما هناك قدمت، وما زالت، مئات الأفلام عن الحربين العالميتين، هذه الأفلام تساهم فى تكوين مشاعر وذاكرة الشباب تجاه ماضى بلادهم وانتصاراتهم، كما تحدد انحيازهم المستقبلى.
(2)
فيلم «الممر» يشعرك بالغضب من الإسرائيليين الذين احتلوا أرضك وتعاملوا بوحشية مع الأسرى المصريين، ضباطا وجنودا، أثناء مشاهدته استرجعت قصيدة «لا تصالح» لأمل دنقل: «لا تصالح على الدم... حتى بدم! لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ، أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟ أقلب الغريب كقلب أخيك؟! أعيناه عينا أخيك؟! وهل تتساوى يدٌ... سيفها كان لك/ بيدٍ سيفها أثْكَلك؟. إسرائيل ستظل فى الوجدان الشعبى المصرى عدوا محتملا رغم اتفاقية السلام بيننا، فى تل أبيب يفكرون بنفس الطريقة، «إيهود إيلام»، باحث وأكاديمى إسرائيلى، وأحد المحللين والخبراء فى مجال الأمن القومى الإسرائيلى، يكتب فى صحف إسرائيلية وأمريكية له كتاب بعنوان: «الحرب القادمة بين مصر وإسرائيل» صدر عام 2014، لا يستبعد فيه نشوب حرب بين مصر وإسرائيل رغم وجود معاهدة سلام بينهما وتأكيد جميع الرؤساء المصريين احترامهم لبنودها والتزامهم بها، فالحروب فى الدول العربية كما يقول «إيهود إيلام» قرار رئاسى يمكن أن يحدث فى أى وقت وبصورة مفاجئة.
(3)
بعد مرور 46 عاما على حرب أكتوبر و40 عاما على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أين نحن وأين هم؟. نجحت إسرائيل فى التفوق على أولاد عمومتها بالعلم، انفاقها الضخم على البحث العلمى مكنها من أن تصبح دولة رائدة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات وعلوم الذرة والطب والهندسة الوراثية والزراعة وتطوير الأسلحة.. إلخ، ورغم كل التحديات الخارجية التى تواجه الدولة العبرية، استطاعت إسرائيل أن تكون قوة إقليمية مؤثرة فى محيطها العربى. قبل عام 1973، لم يكن يشغلنا سوى تحرير سيناء واستعادة شرف العسكرية المصرية، الآن يجب أن يشغلنا استعادة ريادة مصر ومكانتها التى تليق بها، ولن ينجح ذلك إلا بخلق ممر لعلماء مصر ونابغيها ينقلنا من الهزيمة الحضارية التى نعيشها إلى النصر فى معركة المستقبل المنشود.