بقلم : مي عزام
متابعو الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على تويتر تخطوا الـ60 مليونًا، في حين لا يزيد عدد من يتابعهم على 46 شخصًا، معظمهم من أفراد عائلته ومعاونيه وعدد محدود من الشخصيات العامة المؤيدة له، في حين أن الرئيس الأمريكى السابق أوباما يتابع 614 ألف حساب ويصل عدد متابعيه إلى 106مليونًا، هذا الاختلاف يوضح شخصية ترامب النرجسية المتمحورة حول الذات ضيقة الأفق، ومن صفات تلك الشخصية عدم الاهتمام بالآخرين، وهذا يؤثر على قراراته التي تؤثر بدورها على العالم أجمع.
(2)
منطقة الشرق الأوسط تسير فوق سطح صفيح ساخن، وسط ركام حروب انتهت وأخرى لم تنطفئ نيرانها بعد، وثالثة على وشك الاشتعال بتحريض أمريكا لدول الخليج ضد إيران، والترويج لفكرة أنها العدو المتسبب في عدم استقرار المنطقة، مستعيدة سيناريو فزاعة صدام حسين مع تغيرات طفيفة.
يوم الاثنين الماضى أعلنت واشنطن عن إرسال حاملة طائرات وقاذفات إلى القيادة المركزية الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط تحسبًا لهجمات محتملة على القوات الأمريكية أو حلفائها في المنطقة من جانب القوات الإيرانية أو وكلائها، وهى ذريعة تهدف إلى إرهاب الخليج وابتزازه، كما فعلت من قبل عند غزو العراق.
(3)
تأتى هذه التحركات للقوات الأمريكية التي ترفع درجة التوتر مع إيران للحد الأقصى على خلفية تصريحات لجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكى ومستشاره السياسى، حول ما يعرف بـ«صفقة القرن» التي سيعلن عنها بعد شهر رمضان، وأنها ستخلو من «حل الدولتين»، كما ستكون القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، ويتواكب ذلك مع انتقاد ترامب للسعودية، في تجمع انتخابى حاشد في بلدية جرين باى ولاية ويسكونس، نهاية الشهر الماضى، وحديثه عن الدعم الأمريكى للجيش السعودى ومطالبته بتعويضات عن هذا الدعم، وأن بلاده خسرت «قميصها» في الدفاع عن السعودية التي تملك أموالا طائلة وهو تعبير لا يليق بالسعودية ولا برئيس أمريكا، ويبتعد تماما عن واقع العلاقة بين أمريكا والمملكة.
(4)
رفع حالة التوتر مع إيران ومحاولة الزج بالسعودية في صراع جديد وانتقاد المملكة علنا، يمكن ربطه برفض الملك سلمان صفقة القرن، وإعلانه بأنه لن يتخلى عن الفلسطينيين، سيقبل ما يقبلون وسيرفض ما يرفضون، فلقد سبق وكتبت مجلة «ذا نيويوركر» أن أمريكا تعول على دعم السعودية لتمرير الصفقة التي بذل فيها كوشنر جهدًا ووقتًا يصل إلى عامين، لكنها لا تجد لها مؤيدين بين الفلسطينيين أو القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في المنطقة.
في فبراير الماضى عقد مؤتمر للفصائل الفلسطينية في موسكو توافقت على رفض صفقة القرن، ومن بينها حركتا فتح وحماس. وأكدت هذه الفصائل على حق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على الأراضى المحتلة عام 67، وعلى ضرورة ضمان حق العودة على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادئ القانون الدولى.
وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف أكد رفضه صفقة القرن، ولخص موقف موسكو بقوله: أمريكا تحاول فرض حلول أحادية الجانب، من شأنها أن تدمر كل الإنجازات في القضية الفلسطينية، كما صرح على لاريجانى، رئيس مجلس الشورى الإيرانى، رفض بلاده للصفقة التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، كما تعهد أردوغان بألا تسمح بلاده بتنفيذ الخطة الأمريكية للسلام المعروفة باسم «صفقة القرن»، واعتبرها تهدف لتجزئة المنطقة، ومن قبل رفضت معظم دول العالم اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
(5)
صفقة تسعى لإخراج القدس من المفاوضات، وإسقاط حق العودة للاجئين، واستمرار الاستيطان في الضفة الغربية، فما الذي يمكن أن تتفاوض عليه إسرائيل مع الفلسطينيين إذن؟ الموقف الحالى يستدعى إجماعًا عربيًا ليس فقط على صفقة القرن، لكن على استراتيجية موحدة لمواجهة المخاطر المحيطة بأمنهم القومى واستقرار بلادهم، وألا يعولوا كثيرا على أمريكا، فرئيسها يعتقد أن دوره ينحصر في جمع الجباية من دول العالم لتحقيق الرفاهية لشعبه.