توقيت القاهرة المحلي 08:43:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«لماذا» و«كيف».. العلاقة بين الهدف والوسيلة

  مصر اليوم -

«لماذا» و«كيف» العلاقة بين الهدف والوسيلة

بقلم - مي عزام

تشغلنى الأسئلة أكثر من حرصى على الإجابات، خاصة التى تبدأ بـ«لماذا»، فهى من أدوات الاستفهام التى لا تفارق ذهنى وأعتبرها ضرورية للمعرفة والاستنارة، كثيرا ما تتغلب عليها «كيف» وتحتل مكان الصدارة فى تفكيرنا، لتشغلنا الأداة عن الهدف، وفى خضم الانشغال نكتشف أنه رغم مرور سنوات على بداية المسيرة مازلنا عالقين لم نصل إلى الهدف رغم الإنجاز العملى الذى قمنا به.

أهمية «لماذا» لا تقلل من أهمية «كيف»، فاستخدام وسيلة غير مناسبة يمكن أيضا أن يكون عائقا أمام تحقيق الهدف.

(٢)

«ويبلاش» أو«السوط»، فيلم أمريكى إنتاج ٢٠١٤، حائز على ٣ جوائز أوسكار، وهو من تأليف وإخراج أحد شباب المخرجين الأمريكيين الموهوبين وهو داميان شازيل، تدور معظم أحداثه فى قاعة التدريب بمدرسة «شافير» الموسيقية الشهيرة، ويرسم لنا العلاقة بين قائد فريق هذه المدرسة المخيف «فليتشر» الذى تجسد لنا الكاميرا إحساس السيطرة الكاملة التى يمارسها على أعضاء الفريق، حيث يبدو كإله لا ينازع سلطانه أحد، وكيف يبدو البطل أندرو (مايلز تيلور)، عازف الدرامز (١٩ سنة)، الموهوب والعاشق لموسيقى الجاز منذ طفولته، حائرا وتائها وهو يتعرض لدرجة هائلة من الضغط من جانب «فليتشر»، الذى لا يتورع عن إهانة الموسيقيين ووصفهم بأبشع الألفاظ وأكثرها خسة والتقليل من شأنهم أمام زملائهم بل وضربهم أحيانا صفعا على وجوههم أو بقذفهم بأدوات قد تؤذيهم.

(٣)

هدف «فليتشر» هو الضغط على العازفين الذى يرى فيهم نبوغا وموهبة حتى يصل بهم إلى مرحلة كسر النواة لتفجير أقصى درجات الإبداع لديهم، وفى سبيل ذلك يمارس أقصى درجات الاستفزاز غير الإنسانية كما نشاهدها فى الفيلم، الذى تعيشه بكل حواسك حتى تكاد تتماهى مع شخصياته، وتنتقد سلوك المايسترو «فليتشر»، وتصرخ: لماذا يفعل هذا؟ وكيف يسمح له العازفون بممارسة هذه السادية عليهم؟

(٤)

شاهدت فيلم «ويبلاش» على الأقل أربع مرات، ورغم ذلك لم تزهد مشاهده عينى، ولم تمل موسيقاه أذنى، العنوان ملائم تماما لموضوعه، فالسوط يُستخدم فى الترويض والتأديب ويستخدمه الساديون للمتعة، وهو فى نفس الوقت اسم المقطوعة الموسيقية التى يتدرب عليها فريق شافير الموسيقى تحت قيادة فليتشر، وهى من موسيقى الجاز، حيث لاعب الدرامز له أهمية كبيرة، وهو ما يجعل العبء الكبير يقع على عازف الدرامز أكثر من غيره.

التحفيز بهذه الصورة السادية التى ظهرت فى الفيلم، يؤدى لثلاثة احتمالات: الانتحار بسبب العجز عن الوصول للمستوى الذى يطلبه فليتشر وهو ما حدث مع عازف البوق «شون كاسى»، الذى وجدوه مشنوقا فى شقته، واتهمت أسرته «فليتشر» بأنه وراء ما تعرض له من ضغوط، والثانى الإحباط كما حدث مع «تانر» عازف الدرامز، الذى هجر الموسيقى ليدرس الطب بسبب سلوك فليتشر معه، وأخيرا الاحتمال الثالث والأخير أن تنجح هذه الضغوط الهائلة فى تفجير نواة الإبداع كما حدث مع «أندرو» فى النهاية، ليستخرج اللؤلؤ من قلب القوقعة كما يقال.

(٥)

فى كل مكان فى العالم هناك «فليتشر» يؤمن بأن لديه رسالة عليه أن يؤديها، يبحث عن الكمال ويرفض الاكتفاء بجملة «عمل جيد»، ومن أجل ذلك يضغط على من يديرهم، لما له من سلطة غير محدودة عليهم (بسبب ثقته فى قدراته، ولخوف الآخرين من معارضته وفقدان مكانتهم تحت إدارته). شخصية «فليتشر»، التى جسدها الممثل «جى كى سيمونز»، وحاز عنها بجدارة على «أوسكار أحسن ممثل مساعد»، أفضل مثال على أن الهدف مهم، لكن اختيار الوسيلة المناسبة إنسانيا لا يقل أهمية، لتحقيق النجاح بنسب أكبر.

(٦)

اسأل نفسك كل يوم عن هدفك فى الحياة. اجعل من «لماذا» سؤال البداية.. وحين تصل إلى إجابة، فكر فى وسيلة لا تُفقدك من حولك.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لماذا» و«كيف» العلاقة بين الهدف والوسيلة «لماذا» و«كيف» العلاقة بين الهدف والوسيلة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon