توقيت القاهرة المحلي 11:35:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بابا نويل وماما أمريكا

  مصر اليوم -

بابا نويل وماما أمريكا

بقلم : مي عزام

(1)

العالم كله تابع أخبار الانتخابات الأمريكية باهتمام، فهى الحملة الرئاسية الأشهر والأكثر تكلفة فى العالم، ويصاحبها صخب إعلامى وجدل وتحليلات سياسية وتوقعات عما سيكون عليه حال العالم فى السنوات الأربع القادمة، نظرا لمكانة أمريكا كدولة عظمى هى الأولى اقتصاديًّا وعلميًّا وعسكريًّا حتى الآن، وحتى يتغير هذا الأمر ستظل الانتخابات الأمريكية لها الحظوة فى المتابعة لا تنافسها أى انتخابات رئاسية حول العالم.

(2)

استطلاع للرأى أجرته مؤسسة «يو جوف» البريطانية، ونشرته بى بى سى مؤخرًا، جاء فيه أن النسبة الكبرى من العرب يفضلون فوز «بايدن»، فمن بين 3097 شخصًا، شملهم الاستطلاع، فى 18 دولة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضّل حوالى 39% «بايدن» بينما اختار 12% فقط «ترامب».

صورة «ترامب» حسب المراقبين تضررت فى الشارع العربى، بسبب قراره نقل السفارة الإسرائيلية للقدس ودعمه ضم مرتفعات الجولان السورية لإسرائيل، ومساندته كل المواقف الإسرائيلية، لكنه من ناحية أخرى حظى ببعض التأييد، خاصة فى منطقة الخليج بسبب قراره بخروج بلاده من الاتفاق النووى مع إيران.

(3)

بالنسبة لأنظمة الحكم، نقلت صحيفة «يسرائيل هايوم» المؤيدة لترامب عن دبلوماسى إماراتى وصفته بالرفيع، قوله إن «أنظارنا متجهة إلى الانتخابات فى الولايات المتحدة ونتمنى فوز ترامب، لكننا نستعد لإمكانية دخول رئيس جديد إلى الغرفة البيضاوية فى البيت الأبيض».

كما نقلت عن موظف رفيع فى المنامة، وصفته بأنه «مقرب من الأوساط الحاكمة فى الرياض وأبو ظبى»، قوله إن «هناك تخوفًا فى محور الدول العربية المعتدلة من هزيمة ترامب، ومن أن يقود فوز المرشح الديمقراطى جو بايدن إلى تغيير السياسة فى الشرق الأوسط».

(4)

هذه التوقعات ليست لها علاقة بنتيجة الانتخابات، ولكنها مؤشر على طريقة تفكيرنا كعرب شعوبًا وحكامًا، نترقب بقلق ورجاء ما تسفر عنه نتائج الانتخابات الأمريكية لما قد تحمله من تأثير على السياسة الداخلية والخارجية فى وطننا العربى، أمر يجب أن نفكر فى جدواه ودلائله. فالشعوب يجب ألا تنتظر عونًا من خارج حدودها وكذلك الأنظمة الحاكمة، يجب أن يكون سند شرعيتها الوحيد رضاء الشعب عن أدائها، والاستماع للناس وتفهم مطالبهم ومخاوفهم ومحاولة تحقيق طموحاتهم فى حياة كريمة وعادلة بحسن إدارة موارد البلاد وثرواتها وأن يكون فى مقدمة الأولويات تحسين حياة البسطاء وعامة الناس، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار اللازمين للتطوير والإبداع، أما «ترامب» و«بايدن» فهما قد يختلفان فى الأسلوب وترتيب الأولويات لكن ليس فى الأهداف الاستراتيجية الأمريكية.

(5)

التحالفات بين الدول تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، ويعزز ذلك قدرة كل دولة على تقديم نفسها كدولة قوية، داخليًّا بنظام حكم مستقر ديمقراطى رشيد واقتصاد قادر على تحقيق استقلالية صنع القرار وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وخارجيًّا بقدرتها على حماية حدودها وحقوقها ومصالحها ويضاف إلى ذلك نفوذها وتأثيرها فى محيطها الإقليمى ومشاركتها الدولية. مثل هذه الدول لا تصنعها أمريكا ولا تساهم فى تأسيسها، بل هى تصنع نفسها بإرادة شعوبها وكفاءة حكامها، فأمريكا ليست «بابا نويل» الذى يقدم هدايا أعياد الميلاد للشعوب والدول دون انتظار المقابل، لا شىء فى العالم مجانيًّا إلا حنان الأم كما يقال، وبالتأكيد أمريكا لا يتوفر فيها صفة الأمومة، فهى دولة عظمى تسعى لتحقيق مصالحها فى إطار النظام العالمى الذى وضعت خطوطه العريضة وهى مستعدة لهدمه لو انقلب الأمر ولم يعد يحقق مصالحها، كما فعل «ترامب» مع الصين وحلفائه الغربيين.

(6)

العالم يتغير بسرعة مذهلة، لكن منطقتنا توقف بها الزمن، فما زلنا نعيش لحظة سقوط الاتحاد السوفيتى وانفراد أمريكا بحكم العالم، نسعى لتقديم القرابين لسيد البيت الأبيض رغبة ورهبة. فلدىَّ قناعة بأن الشعوب وحدها هى التى تملك الحلول لمشاكلها والرد على ما يواجهها من تحديات، وسيد البيت الأبيض لا يملك المصباح السحرى، وسيكون عليه هو أيضًا أن يضع خطة عاجلة لمشاكل بلاده والتحديات التى ستواجهها فى السنوات القليلة القادمة.

ملحوظة: المقال أرسلته فى موعده صباح الثلاثاء قبل إعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بابا نويل وماما أمريكا بابا نويل وماما أمريكا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon